موسكو – (رياليست عربي): شهد منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي (SPIEF) مواجهة مثيرة بين كبار المسؤولين الاقتصاديين في روسيا، حيث تجادل وزير المالية أنطون سيلوانوف ووزير التنمية الاقتصادية مكسيم ريسيتنيكوف ورئيسة البنك المركزي إلفيرا نبيولينا حول السياسات المالية والنقدية الأمثل للبلاد.
بحسب مصادر إعلامية روسية، اشتعل الجدل حول كيفية موازنة السياسات الاقتصادية بين متطلبات النمو والاستقرار المالي. حيث أصر سيلوانوف على ضرورة الحفاظ على الانضباط المالي وتجنب العجز الكبير في الميزانية، بينما دافع ريسيتنيكوف عن زيادة الإنفاق الحكومي لتحفيز الاقتصاد. من جانبها، حذرت نبيولينا من مخاطر السياسات التوسعية على معدلات التضخم واستقرار العملة الوطنية.
يأتي هذا الخلاف في وقت حساس للاقتصاد الروسي الذي يواجه ضغوطاً متعددة، حيث تشير أحدث البيانات إلى أن معدل التضخم السنوي لا يزال عند 5.8%، وهو أعلى من المستهدف البالغ 4%. كما أن احتياطيات النقد الأجنبي شهدت تراجعاً ملحوظاً منذ بداية العام الجاري، بينما تستمر العقوبات الغربية في التأثير على قطاعات حيوية مثل الطاقة والخدمات المصرفية.
خبراء الاقتصاد يرون أن هذا الصراع يعكس المعضلة الأساسية التي تواجه صناع السياسة في موسكو: كيف يمكن تحقيق النمو الاقتصادي في ظل بيئة خارجية معادية، مع الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي؟ البعض يرى أن الخلاف قد يؤخر اتخاذ قرارات حاسمة يحتاجها قطاع الأعمال، بينما يعتبر آخرون أن هذا النقاش الصحي ضروري للوصول إلى سياسات متوازنة.
في خلفية هذه الأحداث، يترقب المستثمرون المحليون والأجانب أي إشارات على توجهات السياسة الاقتصادية الروسية، خاصة مع توقعات صندوق النقد الدولي بنمو متواضع للاقتصاد الروسي بنسبة 1.5% خلال 2024. كما يتساءل المراقبون عما إذا كان البنك المركزي الروسي سيضطر لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى لمواجهة التضخم، أو أن الحكومة ستطلق حزمة تحفيزية لدعم القطاعات الإنتاجية.
هذه التطورات تبرز التحديات المعقدة التي تواجه الاقتصاد الروسي في مرحلة ما بعد العقوبات، حيث يحاول صناع القرار إيجاد التوازن الدقيق بين متطلبات التنمية الاقتصادية وضرورات الاستقرار المالي، في بيئة دولية تتسم بعدم اليقين وزيادة الضغوط الجيوسياسية.