موسكو – (رياليست عربي): تشهد الاقتصادات العالمية تحولات جذرية غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة، حيث أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحات حديثة أن النظام الاقتصادي العالمي يشهد إعادة هيكلة كاملة لصالح القوى الناشئة، مع تراجع تدريجي للهيمنة الغربية التي استمرت لعقود.
وتأتي تحذيرات بوتين في وقت تكشف فيه البيانات عن تسارع كبير في تحول مراكز القوة الاقتصادية، حيث تتجاوز الاقتصادات الناشئة مجتمعة نظيراتها الغربية لأول مرة في التاريخ من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي حسب تعادل القوة الشرائية.
تشير أحدث تقارير صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصادات الآسيوية وحدها تساهم الآن بأكثر من 40% من النمو الاقتصادي العالمي، بينما تواجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحديات تضخمية ومالية غير مسبوقة، وقد عبر بوتين عن اعتقاده بأن هذه التحولات تمثل “نقطة تحول تاريخية” ستؤدي إلى نظام اقتصادي عالمي أكثر توازناً، مع تنامي دور عملاقي الاقتصاد الآسيوي – الصين والهند – اللتين من المتوقع أن تصبحا أكبر اقتصادين في العالم بحلول نهاية هذا العقد.
في السياق ذاته، تظهر البيانات أن التحالفات الاقتصادية الجديدة بدأت تأخذ شكلاً ملموساً، حيث ارتفعت التجارة بين دول البريكس بأكثر من 56% خلال السنوات الخمس الماضية، بينما شهدت المدفوعات الدولية بالعملات البديلة للدولار الأمريكي قفزة كبيرة، مع ارتفاع حصة اليوان الصيني في الاحتياطيات العالمية إلى 3%، وزيادة استخدام الروبل الروسي في المعاملات مع الدول الصديقة بنسبة 300% منذ فرض العقوبات الغربية.
من ناحية أخرى، يحذر خبراء من تداعيات هذه التحولات على الاستقرار المالي العالمي، حيث تشهد أسواق السلع الأساسية تقلبات حادة، فيما تعاني سلاسل التوريد العالمية من اضطرابات متكررة. ويؤكد بوتين أن روسيا والعديد من الدول الأخرى تعمل على بناء أنظمة مالية وتجارية بديلة تكون أكثر مرونة في وجه هذه التحديات، مع التركيز على تعزيز السيادة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على الغرب.
في الختام، يشير التحليل الاقتصادي إلى أن العالم يقف على أعتاب مرحلة جديدة تماماً من العلاقات الاقتصادية الدولية، حيث تتراجع الهيمنة الغربية لصالح نظام متعدد الأقطاب، وهو ما يتطلب من جميع الدول إعادة تقييم استراتيجياتها الاقتصادية والتحالفات الدولية لمواكبة هذا التحول التاريخي الذي قد يعيد تعريف موازين القوى العالمية لعقود قادمة.