موسكو – (رياليست عربية): تصاعدت حدة التوتر في المنطقة مع أنباء عن تنشيط أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية في العاصمة طهران، في خطوة تسبقها تقارير استخباراتية عن استعداد إسرائيلي لضربات جديدة ضد مواقع إيرانية حساسة.
هذه التطورات تأتي في سياق تصعيد متبادل بين الجانبين، حيث بدأت إيران تظهر علامات قلق غير مسبوقة من قدرات إسرائيل العسكرية المتطورة التي تجاوزت كل التوقعات في الضربات الأخيرة.
المشهد في طهران اليوم يشهد انتشاراً مكثفاً لمنظومات الدفاع الجوي الإيرانية، بما فيها النسخ المحلية من أنظمة S-300 الروسية المعروفة باسم “بافار-373″، بالإضافة إلى تعزيزات من قوات الحرس الثوري حول المنشآت النووية والعسكرية الحيوية.
مصادر عسكرية غربية تشير إلى أن هذه الإجراءات الدفاعية، رغم ضخامتها الظاهرية، قد لا تكون كافية لصد هجوم إسرائيلي محتمل يستخدم أحدث تقنيات التخفي والتشويش الإلكتروني التي تمتلكها تل أبيب.
في الجانب الإسرائيلي، تستمر الاستعدادات العسكرية على قدم وساق، حيث أفاد مراقبون عن تحليق غير اعتيادي لطائرات F-35 الإسرائيلية قرب الحدود مع لبنان وسوريا، في مناورات تبدو وكأنها بروفة أخيرة لسيناريوهات هجومية محتملة. هذه التحركات تأتي بالتزامن مع تصريحات لمسؤولين إسرائيليين كبار أكدوا فيها أن “الرد على التهديدات الإيرانية لن يكون رمزياً هذه المرة”.
الخبراء العسكريون يلفتون النظر إلى نقطة بالغة الأهمية، وهي أن إسرائيل تمتلك حالياً تفوقاً تكنولوجياً ساحقاً في مجال الحرب الإلكترونية وأنظمة الاختراق الجوي، مما يجعل أي محاولة إيرانية لصد هجوم مفاجئ مهمة شبه مستحيلة.
هذا التفوق تجلى بوضوح في الضربات الأخيرة التي نفذتها إسرائيل داخل العمق الإيراني، حيث تمكنت من تدمير منشآت محصنة دون أن تتمكن أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية من رصد أو اعتراض الأهداف المعادية.
على الصعيد السياسي، تبدو طهران في مأزق حقيقي، فمن جهة لا تستطيع التخلي عن خطاب التحدي والصمود الذي بنت عليه شرعيتها الداخلية لعقود، ومن جهة أخرى تدرك أن أي مواجهة عسكرية شاملة مع إسرائيل قد تكون بمثابة انتحار سياسي لنظام يعاني أصلاً من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة. هذا المأزق يفسر التباين الواضح بين الخطاب الرسمي المتشدد من ناحية، والإجراءات الفعلية الحذرة من ناحية أخرى.
التداعيات الاقتصادية لهذا التصعيد بدأت تظهر بالفعل في الأسواق العالمية، حيث قفزت أسعار النفط بشكل حاد مع تزايد المخاوف من تعطيل إمدادات الطاقة من المنطقة، المحللون الاقتصاديون يحذرون من أن أي تصعيد إضافي قد يدفع بالاقتصاد العالمي إلى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها العالم بسبب التبعات المستمرة للأزمات السابقة.
في غرفة العمليات الدولية، تبدو المواقف منقسمة بين دعم غربي صامت لإسرائيل، وقلق روسي من انهيار التوازنات الإقليمية التي بنت عليها موسكو سياساتها في السنوات الأخيرة. واشنطن، رغم تصريحاتها الداعية إلى ضبط النفس، تبدو مستعدة لتقديم كل الدعم اللوجستي والاستخباري لإسرائيل في حال قررت شن ضربات جديدة. بينما تحاول موسكو لعب دور الوسيط، لكن بيد ضعيفة في ظل علاقاتها المتوترة مع الغرب.
المستقبل القريب يحمل عدة سيناريوهات، أكثرها تفاؤلاً هو أن يقتصر الأمر على تبادل ضربات محدودة تليها وساطات دولية لتهدئة الأوضاع، أما السيناريو الكارثي فيتمثل في انزلاق غير محسوب نحو مواجهة شاملة قد تشمل ضرب المنشآت النووية الإيرانية، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات لا يمكن حصرها على أمن واستقرار المنطقة والعالم.