موسكو – (رياليست عربي): إن سرعة تطوير التكنولوجيا الحديثة مذهلة، ومع ذلك، كلما أصبح الاختراع أكثر تعقيداً، زادت مخاطر الفشل، وما يؤكد ذلك، ما جرى مع وزير الدفاع البريطاني بن والاس الذي أمضى لمدة 10 دقائق عبر الفيديو، يتحدث مع رجل يشبه تماماً رئيس وزراء أوكرانيا، طبقاً لـ “الوكالة الفيدرالية الروسية للأخبار“.
المحادثة برمّتها عبارة عن خدعة، وقع ضحيتها بن والاس، الذي قال إن الشخص الذي حاوره لم يثر أية شكوك، لكن في حقيقة الأمر لقد تم التلاعب باختيار شخص رئيس الوزراء الأوكراني، لاستخدام الشبكة العصبية، لكن السؤال المهم، كيف لدولة مثل بريطانيا تضم جهاز أمني محترف، لكنهم عجزوا عن كشف هذا التزوير؟ وللتعرف أكثر على استخدام الشبكة العصبة في تزوير الوجوه:
الكمال الرقمي
ظهر مصطلح “الشبكة العصبية” في القرن العشرين، في عام 1943، أنشأ وارن مكولوتش ووالتر بيتس أول نموذج حاسوبي قائم على الخوارزميات الرياضية ونظرية نشاط الدماغ البشري، وضع الاختراع أهم مبادئ اتجاه البحث، دراسة العمليات البيولوجية واستخدام الشبكات العصبية كالذكاء اصطناعي، حيث يتم الآن استخدام هذه التقنية في العديد من المجالات.

لقد وجدت الشبكات العصبية مكاناً في كل من الحسابات الرياضية ومعالجة الصور، لكن لم يتم استكشاف إمكاناتها الكاملة بعد، حيث يزداد تنوعها وعمقها وتعقيدها كل يوم، ومن أكثر الاتجاهات شيوعاً إنشاء تقنية التزييف العميق، عبر تقنية فيديو يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، باستخدام عبارات بسيطة، حيث يعمل النظام على تحليل آلاف الصور الفوتوغرافية لشخص ما، وبناءً عليها، يُنشئ مقطع فيديو معه يفعل أو يقول ما يريده مبتكر المشروع.

لقد كانت إحدى القضايا الأكثر إثارة للاهتمام، تلك المتعلقة باستخدام الشبكات العصبية التي تمت عنونتها تحت مسمّى “النداء الأخير لرئيس أوكرانيا”، زيلينسكي ليس السياسي الأول الذي استُخدمت صورته من أجل “مزحة”، ف في وقت سابق، وقع باراك أوباما ضحية التزييف العميق عندما أهان دونالد ترامب على خلفية موضوع المناخ، لكن الحقيقة لم تظهر على الفور تبين أن Deepfake أداة خطيرة للغاية، أي مركبة، يمكن أن تحدث ضجة كبيرة ريثما يتم التعرف على التزوير، ولعل الحادث الأخير لهذه التقنية وقدرة الشبكات العصبية الحديثة هو الحادث الأخير الذي حدث مع رئيس وزارة الدفاع البريطانية.
أثبت أنك لست روبوتاً
وتعليقاً على حادثة داع بن والاس، قالت وزارة الدفاع البريطانية، إن المخادعين قاموا بعمل صعب، تم إجراء مكالمة الفيديو مع هاتف والاس الخلوي بعد أن تلقت الوكالة رسالة بريد إلكتروني من مساعد في السفارة الأوكرانية في لندن.
وأوضح خبير أمن المعلومات ألكسندر فلاسوف، سبب ارتكاب أجهزة المخابرات البريطانية مثل هذا الخطأ، لقد استغرق الأمر من أجهزة الأمن البريطانية عشر دقائق للتعرف على تزوير مخادع قام بعمل رائع وخدع وزير الدفاع لديهم، لكن توتر الأوضاع الحالية في أوكرانيا ربما جعلهم يثقون دون شك، لكن واقع الحال يقول إنه يمكن لأي شيء أن يكون خطيراً، فلربما كان الاتصال من نظيره الروسي ويقول له إن الصورايخ الروسية في طريقها لتقصف لندن!
في الحياة العادية هذه المواقف مضحكة، لكن فلاسوف شرح أن خدمة الأمن الحكومية والإدارات ذات الصلة لا تعمل بشكل جيد، وفي ظل الأوضاع الحالية، أمر كذها من وجهة نظري يشكل تهديداً، خاصة عندما يتم التأخر في كشف الشخص بالوقت المناسب.
ويعتقد خبير أمن المعلومات أن الأشخاص الذين أجروا المكالمة ليسوا مهرجين عاديين، إنه عمل محترفين حقيقيين، تمكنوا من تجاوز نظام الأمان المعقد والتواصل مع والاس لمدة 10 دقائق، اللافت أن هذه المزحة أو الخدعة تحتاج لوقت طول، خاصة تلك التي تتعلق بالاتصال بشخصية مسؤولة أو فتح قناة مع دولة، هذا الأمر يتطلب الكثير من العمل، وشخص واحد غير قادر على ذلك، وبحسب فلاسوف، هناك شبكة متكاملة لصناعة هذا العمل، لكن المضحك هنا هو الغطرسة الغربية التي تتفاخر بتقنياتها فائقة التطور وذكائها منقطع النظير، وهم متأكدون أن لا أحد قادر على اختراقهم.
يقول فلاسوف أيضاً، مثل هذه الأفعال تبين أن عدم الكفاءة في الانظمة الغربية، وتثبت أن الغرب ليس كليّ القدرة بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، فلطالما كانت الغطرسة دليل ضعف، ما يؤكد ذلك هو قول الخبراء العسكريين الدائم “أسوأ شيء يمكن القيام به هو التقليل من من شأن العدو”، فمن يعمل مثل هكذا تصرفات هم محترفون في هذا المجال، بالتالي، الشبكات العصبية أتت ثمارها وحدث الاختراق واقعاً.

البحث عن المخترقين
بعد ما حدث مع وزير الدفاع البريطاني، يتم الآن البحث عن الضالعين في هذا الأمر، ومباشرةً وجه الساسة البريطانيون الاتهام إلى روسيا وقالوا “هذا فعل الروس الأشرار”، دون تقديم أي دليل ملموس، في هذا السياق يقول الخبير السياسي، رومان رومانوف، إن محاولة نقل المسؤولية إلى روسيا ليست جديدة بالنسبة للقادة الغربيين، فقد ألقت الولايات المتحدة والدول الغربية اللوم على روسيا للتستر على إخفاقاتهم المستمرة.
ويضيف رومانوف أن كل المشاكل الداخلية لأمريكا وأوروبا يربطوها على وجه التحديد بروسيا، على سبيل المثال عندما عُثر على بعض المعلومات الخاصة في الجهاز المحمول لابن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، كان جوابه أنه كان هناك هجوماً معلوماتياً من قبل روسيا ولا يوجد أي جهاز محمول، رغم تأكيد مسبق لوزارة العدل الأمريكية بوجود الجهاز، إلى جانب وسائل الإعلام الأمريكية التي أقرت بدورها بصدق الواقعة.
ووفقاُ لخبير أمن المعلومات، الغرب متأكد من قدرة روسيا التكنولوجية وتفوقها، وكل تصريحات الغرب هب عامل دفع لتقدم وتطور روسيا.
الغرب يحمل مسؤولية كل ما يحدث بالعالم هو بسبب روسيا، أزمة التضخم والغذاء والنفط، وسوء المعيشة، كلهه بحسب الساسة الغربيين هو خطأ روسيا، لكن النظرية المؤكدة أن مثل هذه التصريحات ستمل منها شعوبهم بالتالي سيفقدون الثقة في مسؤوليهم.
في المرحلة الحالية من تطور الشبكات العصبية، يتم كشف التزييف العميق، لكن ماذا سيحدث مع تقدم السنوات؟
هذا درس من المؤكد أن بريطانيا استفادت منه، والمؤك أمر واحد هو أن والاس سيكون حذراً جداً في استعمال هاتفه من الآن فصاعداً.