قالت لجنة تابعة للأمم المتحدة للتحقيق في جرائم الحرب إن على تركيا كبح جماح المسلحين السوريين الذين تدعمهم في شمال سوريا، والذين ربما نفذوا عمليات خطف وتعذيب ونهب لممتلكات مدنية، وأضافت اللجنة أيضاً أن نقل مواطنين سوريين إلى الأراضي التركية لمحاكمتهم بعد إحتجازهم من قبل “الجيش الوطني السوري المعارض” قد يرقى إلى جريمة حرب تتمثل في الترحيل غير القانوني، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
وقال باولو بينيرو رئيس اللجنة في إفادة صحفية، إن الجيش الوطني السوري المعارض المدعوم من تركيا ربما ارتكب جرائم حرب في عفرين ورأس العين والمناطق المحيطة بها تتثمل في أخذ الرهائن والمعاملة القاسية والتعذيب والإغتصاب، وأضاف، أنه يتعين على تركيا العمل على منع هذه الإنتهاكات وضمان حماية المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
هل هناك تغير في الخطاب الدولي تجاه أنقرة؟
يبدو أن الخلاف التركي – اليوناني مؤخراً، متبوعاً بالتجاوزات التركية في عدد من الملفات، منها الرد على جامعة الدول العربية أيضاً مؤخراً عندما طالبت الأخيرة بالإنسحاب التركي من سوريا وليبيا، وبصرف النظر عن مضمون هذا الأمر، لكن بدأ الغرب يدرك خطأه الكبير تجاه السماح للتمدد التركي أكثر من الدور المطلوب منها، ليتحول الأمر إلى إطباق سيطرة شخصية في مقابل الصالح الدولي العام على الأقل لجهة التحالفات التركية – الدولية.
وبالنظر إلى ما أعلنته لجنة الأمم المتحدة التي ذكرت حرف (قد) في إشارة إلى عدم إتهام تركيا علانية، لكن عضو اللجنة هاني مجالي قال صراحةً: “إن تركيا تتمتع بنفوذ، إذ أنها مولت ودربت وسمحت لقوة مسلحة تعرف باسم الجيش الوطني السوري بدخول سوريا من تركيا، لا نستطيع القول إن تركيا هي مسؤولة عنهم وإنها تصدر الأوامر لكننا نعتقد أن بوسعها أن تستخدم نفوذها على نحو أكثر بكثير للسيطرة عليهم وبالتأكيد الضغط عليهم للكف عن الإنتهاكات التي ترتكب والتحقيق معهم”. وهذا الأمر يعني أنه حتى حلفاء تركيا لن يكون لهم القدرة على التغطية أكثر من ذلك، لأن تركيا المسؤولة عن دخول عدد كبير من الإرهابيين إلى تركيا وليبيا، وباتت هناك أدلة قاطعة لن يستطيع المجتمع الدولي تجاهلها لوقت طويل.
ما هي خطوات الدولة التركية لمعالجة هذا الملف؟
يبدو أن تركيا قد بدأت تفقد قوتها في سوريا لجهة أنها نقلت الكثير من المرتزقة إلى ليبيا، ومن بقي في سوريا ينحصر تواجده في الشمال السوري موزعاً بين ادلب وعفرين ورأس العين، وبعد تعرض القوات التركية لعددٍ من الهجمات مؤخراً، أصبح هذا الملف يشكل ضغطاً على تركيا، إضافة إلى حملها ملفات أخرى منها نشر قوات لها على الحدود الأذربيجانية – الأرمنية، وعلى حدودها مع اليونان، وفي ليبيا وسوريا، وتلويح الإتحاد الأوروبي بوضع حزمة من العقوبات عليها، فضلاً عن أن كل ذلك يؤثر بطريقة أو أخرى على مشاريعها الحيوية خاصة في مجال الطاقة وعبورها من أراضيها إلى أوروبا، وبالتالي هناك أمر من إثنين، إما أن تكون أنقرة هي من يغض الطرف عن الإرهابيين في سوريا، أو أن يكون ذلك دوناً عن إرادتها، وهذا إحتمال ضعيف، لكن الجديد فيه أنها لم تكن لتتوقع أن يتحول الأمر وينقلب عليها، فما إن تستقر الأحوال حتى تكون هناك دعاوى كثيرة على تركيا من الجانبين السوري والليبي، فأن يتم محاكمة مواطنين سوريين على أراضيها هذا مخالفة صريحة للقوانين الدولية، فالمتوقع أن تبدأ أنقرة بتصحيح مسار الفصائل الإرهابية إما بالضغط عليهم، أو الإنقلاب عليهم ومساعدة روسيا في التخلص منهم وهو سيناريو ضعيف لكن إن إضطرت تركيا فستنفذه حتماً.
من هنا، إن الأوضاع بدأت تأخذ مناحٍ مستجدة، وغير متوقعة منها أن الممارسات التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية شكلت وعياً شعبياً وحركات مقاومة صغيرة، لكنها إن تموضعت وتمركزت من شأنها أن تغير واقع المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ومن المتوقع أن تطرح هذه الأمور كلها على طاولة البحث مع روسيا خلال هذا الأسبوع، فلربما تريد إتفاقاً ما مع موسكو يجنبها سيناريوهات لا تريدها لنفسها مستقبلاً.
فريق عمل “رياليست”.