منذ بداية الحرب على سورية كثرت التكهنات حول مصير الدولة السورية وشكل الحكم فيها ومن سيحكمها، وفي واقع الحال كانت تلك التكهنات عبارة عن برامج وخطط موضوعة مسبقاً ليس فقط في أحلام وأدراج تلك القوى التي خططت لشن الحرب على سورية، وإنما أيضاً في فئة من الكتّاب
هؤلاء الكتّاب اعتبروا وبكل أسف أنفسهم مخولين لرسم سياسات الدول وتحديد مستقبل الشعوب والأمم بناءً على معلومات من هنا وهناك أو من أحلام يقظة تراودهم بين الفينة والأخرى أو أنهم يسمعون كلمة من هنا وأخرى من هناك ثم يصقلونها ويضخمونها ويخرجون بكتابات أقل ما يقال فيها إنها بالنسبة لهم أقرب إلى رجل الثلج الذي تتم صناعته من حفنة صغيرة من الثلج.
هذا الحال يشبه كثيراً ممن تبرعوا بأقلامهم لرسم مستقبل سورية مدعين أنهم على علم ويقين بما ستؤول إليه الحالة في سورية فيقدمون النصائح تارة ورؤيتهم من خلال خبراتهم الواسعة في مجال السياسة كما يدعون لكيفية التصرف لساسة سورية من أعلى هرمها إلى آخر مواطن سوري عانى أكثر من تسعة أعوام من الحرب الإرهابية وتعلم الكثير الكثير من ذلك وأصبح أصغر مواطن سوري وبغض النظر عن مستواه العلمي والاجتماعي خبيراً يمكن الاستعانة به وبشكل خاص بما يخص التضليل الإعلامي والتسويق الرخيص للعصابات الإرهابية العاملة على الأراضي السورية وتبعيتها وأساليبها القذرة في القتل والسلب والتدمير لكل مفاصل الحياة وفي مقدمتها قتل الروح البشرية.
نعم لقد مرت الحرب على سورية بمراحل مختلفة ومنها كان الحرج للغاية وفي نفس الوقت تصدى الشعب السوري وبكل فئاته وطبقاته وبسواعد جيشه وحلفائه وأصدقائه وخاضوا مجتمعين أشرس المعارك التي أدت في نهاية المطاف إلى تحرير معظم الأراضي التي انتشر فيها الإرهاب.
فمنذ بداية الحرب على سورية كانوا يقولون بأن نظام الحكم فيها سيسقط على أبعد تحديد خلال أسابيع أو أشهر وأن الدولة السورية تقتل شعبها وترميهم بمختلف أنواع الأسلحة ومنها المحرم دولياً لذلك تبرعت الأقلام القذرة بالترويج للنزوح والهجرة واللجوء فوقع قسماً لا بأس به من الشعب السوري في هذا الفخ ولم يعلم أحدهم بأن هذا الفخ كان لاستباحة التدخل العسكري الخارجي وبدون الرجوع إلى مجلس الأمن الدولي تحت ذريعة حماية الشعب السوري أي أنهم يتدخلون إنسانياً وليس من أجل إسقاط نظام الحكم في سورية وتقسيمها فهم يدعون بأنهم الأكثر إنسانية في العالم وأنهم يرغبون فقط بتطبيق الديموقراطية ونشرها في سورية وخاصة أن غالبية الشعب السوري كما يعتقدون هم من فئة معينة ومن مذهب معين ولهم كامل الحق الديموقراطي في إدارة البلاد فهم من هنا ينطلقون فقط باتجاه صناديق الاقتراع.
واليوم وبعد مرور السنوات التسع العجاف والتي لم يحقق هؤلاء الكتّاب ما سعى إليه مشغليهم عبر الحرب ذهبوا إلى أبعد مما هو مرسوم لهم في الخطة “ألف” لينتقلوا ‘إلى الخطة “باء” والتي تعتمد على شخصيات ربما معروفة في مجالات ضيقة وتعتمد أسلوب دس السم بالعسل فأكثرهم يحاول إظهار نفسه بأنه مقرباً من القصر أو تربطه علاقات “وربما ومازالت” بالقصر الجمهوري لذلك فهم يسمحون لأنفسهم الموبوءة وأقلامهم القذرة أن تخط صفحات وصفحات يتحدثون فيها عن الأم وأوجاع الشعب السوري ويتمنون له عودة الأمن والأمان وعودة الهدوء والسلام إلى ربوع سورية التي يحبون ولا نجد في كتاباتهم سوى دس السم بالعسل للوصول إلى غايات لم تستطع أدواتهم الاستثمارية “الإرهابيين” وعملائهم في الداخل والخارج من تحقيق أي هدف استراتيجي على الاطلاق، وبشكل خاص عندما يحاولون التسويق للقرار الدولي 2254 وكأنه كتاب منّزل ويجب تطبيقه بأعين مغلقة بغض النظر عن الأولويات والمخاطر الإرهابية والتي مازالت تهدد أمن واستقرار سورية، ولم لا ومشغلين هؤلاء الكتاب هم من يريد أن تتحول سورية كل سورية أو على أقل تقدير قطعة منها لتكون مأوى للإرهاب الدولي يستوطن على أرضها إرهابيي العالم الذين قدموا إلى سورية واستقدموهم لنشر الحرية والكرامة والديموقراطية في ربوعها.
وتارة أخرى نجدهم يتسابقون إلى تقديم النصائح لمتابعة عمل اللجنة الدستورية التي تم تشكيلها وأن عليهم أن ينتهوا منها بأقرب فرصة قبل فوات الأوان وأن الأوان اّن لكتابة دستور جديد لسورية المعاصرة غير اّبهين وضاربين بعرض الحائط مهمة هذه اللجنة الدستورية ولكنهم يسوقون لها ويصورونها بأنها المخلص لآلام الشعب السوري والطريق الوحيد والنهائي لإنهاء الحرب على سورية متناسين أن الدول التي لامسها الربيع العربي واتجهت إلى كتابة دستور جديد لها فهي تعاني ما تعانيه نتيجة تسرعها أولاً ودس السم بالمواد الدستورية وخير دليل على ذلك تونس التي يهمن عليها وبكل أسف التنظيم العالمي للإخوان المسلمين والذين استطاعوا أن يدسوا السم في مواد دستور تونس العربية، وقبلها أيضاً الدستور الذي رسموه في العراق القائم على أساس تقسيم العراق إذا لم يتم إلغاء هذا الدستور وإعادة كتابته من جديد بما يضمن حق المواطن العراقي بغض النظر عن انتمائه العرقي والمذهبي والحزبي وقبل ذلك أيضاً دستور الطائف في لبنان الذي جعل اللبنانيين منقسمين أيضاً على أساس طائفي فكل طائفة هي من تلد فقط قيادي في لبنان فالمارون هم فقط من يصلوا إلى سدة الرئاسة للجمهورية اللبنانية بينما الشيعة هم فقط من يترأس مجلس النواب والسنة هم فقط من يترأس الحكومة. فهل يريدون لسورية أن تستقر عند القنابل الموقوتة في الدستور الذي يعتقدون بانه سيكون معاصراً!
ولكي يحاولون التأثير في الروح المعنوية للشعب السوري كونه صاحب الكلمة الفصل في نهاية المطاف وهو الوحيد المخول قبول أو رفض الدستور، اتجهت فوهات أقلامهم القذرة إلى إضعاف الروح المعنوية وخاصة عبر نشر الأكاذيب والتضليل بما يخص علاقة سورية بحلفائها وأصدقائها فتارة يسوقون إلى وقوع مواجهات بين الجيش العربي السوري والقوات الروسية المتواجدة في سورية وتارة أخرى نجد بأنهم نقلوا تلك المواجهات بين الجانب الروسي والجانب الإيراني وأخرى بين الجانبين الإيراني والسوري، واّخر إبداعاتهم القذرة هي المقالات التي بدأت تنتشر في كل مكان وفي كل اتجاه وأصبحت على كل لسان وهي أن روسيا وبخت القيادة السورية حول موضوع الفساد والاستبداد في السلطة ووووو إلخ.
بكل الأحوال ومهما حاول حملة الأقلام القذرة وأصحاب الصحف الصفراء أن يحدثوا شرخاً بين روسيا وسورية أو بين روسيا وإيران أو بين سورية وإيران فلم ولن يفلحوا في ذلك لأن الهدف الاستراتيجي لهذا الحلف أبعد بكثير من أن تدركه أقلامهم الحاقدة وأن تتمتع به صحفهم الصفراء.
أخيراً نتمنى على هؤلاء الكتاب والذين اعتبرهم ” قاذف شارع” لا أكثر أن ينتهوا من هذه الأحلام وأن يوجهوا أقلامهم الحاقدة إلى أمور أكثر أهمية في الشرق الأوسط، أن يوجهوا أقلامهم إلى بؤرة الإرهاب الجديدة التي يحاول أسيادهم إقامتها في ليبيا سواء كان هؤلاء الأسياد في تركيا أو قطر وصولا إلى المملكة المتحدة وأمريكا القابعة خلف المحيطات، كم أتمنى عليهم أن يوجهوا أقلامهم الحاقدة نصرة لفلسطين التي نراها اليوم وبكل أسف تغتصب “بالرغم من ان عدداً لابأس به من أصحاب الأقلام الحاقدة والصحف الصفراء هم من الفلسطينيين وبكل أسف”.
خاص وكالة “رياليست” – د. فائز حوالة – موسكو