موسكو – (رياليست عربي): إن روسيا مستعدة لعملية التفاوض مع أوكرانيا، لكنها لا ترى اهتماماً حقيقياً من جانب كييف، وفق ما صرح به فلاديمير بوتين عقب محادثة مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي وصل إلى موسكو، وأثارت زيارته رد فعل حاداً في بروكسل، تشير بودابست إلى أن مواقف الاتحاد الروسي وأوكرانيا أصبحت الآن متباعدة للغاية، وبالتالي فمن غير المرجح أن يكون من الممكن إنهاء الأعمال العدائية في المستقبل القريب، ومع ذلك، تعتزم المجر مواصلة “مهمة السلام” خلال رئاستها لمجلس الاتحاد الأوروبي.
وظهر التأكيد الأول للاجتماع المتوقع عند الظهر بعد أن بدأت وسائل الإعلام في نشر معلومات تفيد بأن طائرة من بودابست هبطت في مطار فنوكوفو، ثم رفع حجاب السرية السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء المجري برتالان هافاسي، الذي أكد أن فيكتور أوربان، الذي وصل إلى موسكو، سيجري مفاوضات مع فلاديمير بوتين، ثم أكد رئيس الحكومة المجرية، الذي زار كييف في 2 يوليو/تموز، أنه ذهب إلى موسكو لمواصلة “مهمة السلام”، وبعد ذلك، رد الجانب الروسي أيضاً: قال ديمتري بيسكوف إنه سيتم أيضاً مناقشة الأزمة الأوكرانية خلال المفاوضات.
بدأت المفاوضات حوالي الساعة 1:30 بعد الظهر، وحضرها من الجانب الروسي أيضا وزير الخارجية سيرغي لافروف ومساعدو الرئيس يوري أوشاكوف وفلاديمير ميدنسكي الذين قادوا الوفد الروسي في الاجتماعات مع أوكرانيا عام 2022 في إسطنبول، وعلى وجه الخصوص، وصل وزير الخارجية بيتر زيغارتو إلى موسكو مع الوفد المجري.
وخلال المفاوضات التي استمرت أكثر من ساعتين، أكد فيكتور أوربان أن المجر، التي تولت رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في الأول من يوليو/تموز الماضي، تكاد تكون الدولة الوحيدة في أوروبا القادرة على إجراء حوار مع كل من روسيا وأوكرانيا، وفي الظروف الحالية كلامه ليس بعيداً عن الحقيقة.
وقبل أن يذهب الزعيمان إلى الصحافة، قال يوري أوشاكوف إن المحادثة كانت صريحة وأن القضية الأوكرانية كانت في دائرة الضوء.
وقدم السيد رئيس الوزراء وجهة النظر الغربية المألوفة بشكل عام، بما في ذلك من وجهة نظر مصالح أوكرانيا، ومع ذلك، فإننا ممتنون للسيد رئيس الوزراء لزيارة موسكو. وقال فلاديمير بوتين بعد محادثة مع رئيس الحكومة المجرية: “نعتبر ذلك محاولة لاستعادة الحوار وإعطائه زخماً إضافياً”.
ووفقاً له، فإن حل الصراع في أوكرانيا لا ينبغي أن يبدو وكأنه مجرد هدنة أو تعليق مؤقت لإطلاق النار، والذي يمكن لنظام كييف استخدامه لتعويض الخسائر وإعادة تجميع صفوفه وإعادة التسلح، وأكد الرئيس أن “روسيا تؤيد الإنهاء الكامل والنهائي للصراع”.
ومع ذلك، يعتقد بوتين أن الجانب الأوكراني ليس مستعداً للتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة.
من ناحية أخرى، نسمع عن التردد في حل المشكلة بهذه الطريقة بالضبط. ويستمر رعاة أوكرانيا في محاولة استخدام هذا البلد وشعبه كأداة للضرب، وضحية في المواجهة مع روسيا، وتابع أنه بينما نرى الوضع، بما في ذلك مع الأخذ في الاعتبار ما سمعناه اليوم من السيد رئيس الوزراء، فإن كييف لا تزال غير مستعدة للتخلي عن فكرة شن “حرب حتى نهاية منتصرة”.
بدوره، قال فيكتور أوربان إن مواقف روسيا وأوكرانيا “بعيدة كل البعد عن بعضها البعض”، وقال: “هناك الكثير من الخطوات التي يتعين اتخاذها” من أجل الاقتراب من إنهاء الصراع، ومع ذلك، قال السياسي إن الرغبة في التوصل إلى تسوية ستكون المهمة الرئيسية للمجر باعتبارها الدولة التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي للأشهر الستة المقبلة، وشدد على أن “أوروبا بحاجة إلى السلام”.
وقد حدد فلاديمير بوتين موقف موسكو بشأن إنهاء الأعمال العدائية في منتصف يونيو، وحدد خلال كلمته أمام قيادة وزارة الخارجية الروسية عدة مطالب يمكن أن يؤدي تنفيذها إلى وضع حد للصراع، وفي حديثه للصحافة لفت الانتباه بشكل خاص إلى إحدى النقاط.
نحن نتحدث عن الانسحاب الكامل لجميع القوات الأوكرانية من جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، ومن منطقتي زابوروجيا وخيرسون، هناك شروط أخرى، لكن هذا، بحسب الرئيس، “موضوع يجب دراسته بشكل مفصل للغاية في سياق العمل المشترك المحتمل”، ولنتذكر أن إحدى النقاط الرئيسية كانت رفض كييف الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وقال يوري أوشاكوف أيضاً إن رئيس وزراء المجر لم ينقل أي رسائل من فلاديمير زيلينسكي إلى الرئيس الروسي، ومن خطاب الرئيس في نهاية المفاوضات، يتضح أن الجانب الروسي نقل موقف موسكو بشأن شرعية زيلينسكي إلى زملائهم المجريين.
“في رأيي، فإن نظام كييف لا يسمح بفكرة وقف الأعمال العسكرية أيضاً لأنه في هذه الحالة تختفي ذريعة إطالة الأحكام العرفية، وإذا كان لا بد من رفع الأحكام العرفية، فهذا يعني أنه لا بد من إجراء الانتخابات، وهو ما لم يتم إجراؤه في الوقت المحدد، وقال رئيس الاتحاد الروسي: “لكن فرص الفوز بها بالنسبة للحكام الأوكرانيين الذين فقدوا تصنيفهم وشرعيتهم تقترب من الصفر”.
والحقيقة هي أن دستور أوكرانيا ينص على توسيع صلاحيات البرلمان الأوكراني بموجب الأحكام العرفية؛ ولا توجد كلمة عن مثل هذا الاحتمال لرئيس الدولة في نص الوثيقة، ومع ذلك، ينص القانون الأساسي للبلاد على وضع يمكن أن يشغل فيه الرئيس منصبه حتى يتولى خليفته منصبه، لكنه لا يذكر قدرته على إلغاء الانتخابات أو عدم الدعوة إليها، أي أنه بعد انتهاء فترة ولاية رئيس أوكرانيا بموجب الأحكام العرفية، يظل الممثلون الشرعيون الوحيدون للسلطة هو البرلمان الأوكراني ورئيسه.
ويعد فيكتور أوربان حقًا مثالًا نادرًا للسياسي الأوروبي الذي لا يحافظ على العلاقات مع الجانب الروسي فحسب، بل إنه مستعد أيضاً لزيارة الاتحاد الروسي، على الرغم من أن آخر مرة جاء فيها فيكتور أوربان إلى الاتحاد الروسي كانت قبل بدء العملية العسكرية الخاصة – في فبراير 2022، فقد أجرى رئيس الوزراء المجري وفلاديمير بوتين مفاوضات شخصية في عام 2023 خلال المنتدى الدولي “حزام واحد، طريق واحد” في عام 2023. بكين.
بالتالي إن زيارة أوربان لروسيا هي “خطوة صغيرة إلى الأمام”، ومن ناحية أخرى، إن علاقات المجر مع قيادة الاتحاد الأوروبي أصبحت الآن باردة وبروكسل لا تثق في أوربان، وهذا يعقد بدء أي عملية تفاوض، كما أن الاتحاد الأوروبي لا يحب النشاط الدبلوماسي لرئيس الوزراء المجري.
وأثارت الزيارة، رد فعل حاداً من جانب الاتحاد الأوروبي. وعلى وجه الخصوص، ذكرت المفوضية الأوروبية أن الرحلة إلى روسيا “تقوض وحدة” الاتحاد الأوروبي، وأشاروا إلى أن السياسي المجري لم ينسق تصرفاته مع بروكسل، لكن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ قال: إن أوربان أبلغ حلف شمال الأطلسي بزيارته لموسكو.
وأكد رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل أن الاتحاد الأوروبي في الظروف الحالية يستبعد إجراء اتصالات رسمية مع الرئيس الروسي وأن هذه الزيارة تتم “حصرياً في إطار العلاقات الثنائية”، ومع ذلك، فإن أوربان نفسه يدرك أن الرئاسة المجرية لا تمنح بودابست تفويضاً للتفاوض بشأن أوكرانيا نيابة عن الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك، يمكن لبلاده أن تشجع الأطراف على البدء في حل الصراع، وفي الوقت نفسه، قال وزير الخارجية المجري بيتر سيغارتو، حول تقييمه لرد فعل بروكسل: “نحن دولة ذات سيادة”.
بالتالي يمكن تفسير زيارة أوربان على أنها مبادرة من المجر، وليس الاتحاد الأوروبي وخاصة الغرب الجماعي، لقد جلب أوربان العديد من الأفكار المتعلقة بحل الصراع إلى كييف، لكنها لم يتم قبولها في أوكرانيا، ونتيجة لذلك، لا يمكننا الحديث عن التقدم المحرز، فيكتور أوربان، خلال زيارة إلى كييف، حيث وصل لأول مرة منذ 12 عاماً، طلب من فلاديمير زيلينسكي النظر في إمكانية وقف إطلاق النار قبل المفاوضات لحل الوضع في أوكرانيا، لكنه كان متشككاً بشأن هذا الاقتراح.
وهذا يقود من وجهة نظر غربية إلى أن المجر لا تتمتع بالوزن السياسي الكافي لإقناع شركائها بالحاجة إلى ممارسة الضغوط من أجل المفاوضات، وخاصة خلال اتصالاتهم مع الممثلين الأوكرانيين.
