موسكو – (رياليست عربي): شهدت الأسواق العالمية اضطرابات ملحوظة في أعقاب الضربات الأمريكية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية، حيث يتساءل المحللون عن تداعيات هذا التصعيد على أسعار النفط واستقرار الإمدادات في منطقة الخليج، تأتي هذه التطورات في وقت حساس تشهد فيه الأسواق الطاقة تقلبات متزايدة بسبب الأزمات الجيوسياسية وتغير أنماط الاستهلاك العالمية.
تشير التقارير الواردة من مصادر متعددة إلى أن الهجمات الأمريكية استهدفت مواقع حساسة في إيران، مما أثار مخاوف من احتمال تعطيل خطوط إمدادات النفط عبر مضيق هرمز، الذي يمر عبره حوالي 20% من الاستهلاك العالمي للنفط. وقد بدأت هذه المخاوف تترجم بالفعل إلى تحركات في الأسواق، حيث شهدت العقود الآجلة للنفط ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 2-3% في الأيام التالية للضربات، وفقاً لبيانات بورصة نيويورك التجارية.
في السياق الإقليمي، تتعاظم المخاوف من سيناريوهات التصعيد المحتملة، خاصة في ظل التصريحات الإيرانية التي توعدت برد قوي على الضربات الأمريكية. ويحذر خبراء الطاقة من أن أي تعطيل لحركة الناقلات في الخليج قد يؤدي إلى صدمة إمدادات مماثلة لتلك التي شهدها العالم في 2019، عندما تعرضت ناقلات نفط لهجمات في المنطقة. ومن الجدير بالذكر أن إيران تمتلك قدرات عسكرية تمكنها من تعطيل حركة الملاحة في المضيق، وإن بشكل مؤقت.
على الصعيد الدولي، بدأت الدول الكبرى تتخذ إجراءات استباقية لمواجهة أي نقص محتمل في الإمدادات. وتشير مصادر في قطاع الطاقة إلى أن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بدأت التنسيق مع منتجين رئيسيين مثل السعودية والإمارات لضمان استقرار الأسواق. كما لجأت بعض الدول إلى زيادة مخزوناتها الاستراتيجية من النفط تحسباً لأي طوارئ.
من الناحية الاقتصادية، يحذر خبراء من أن استمرار التوتر في المنطقة قد يؤدي إلى موجة تضخمية جديدة تعيق جهود البنوك المركزية للسيطرة على الأسعار. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن كل زيادة بنسبة 10% في أسعار النفط قد تخفض النمو الاقتصادي العالمي بنحو 0.2%. هذا الوضع يضع صناع السياسات أمام تحديات كبيرة في موازنة بين احتواء التضخم ودعم النمو.
في الأجل المتوسط، يتوقع المحللون أن تستمر التقلبات في أسواق الطاقة حتى تتضح ملامح التطورات الجيوسياسية في المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الشركات النفطية الكبرى بدأت بالفعل في تعديل استراتيجياتها التشغيلية، بما في ذلك تغيير مسارات الناقلات وزيادة طاقات التخزين الاستراتيجي.
على صعيد بدائل الطاقة، قد يعطي هذا التصعيد زخماً جديداً للتحول نحو الطاقة المتجددة، حيث تسارع بعض الدول إلى تسريع خططها للاستثمار في مصادر الطاقة البديلة. ومع ذلك، يبقى النفط في المدى المنظور العنصر الرئيسي في مزيج الطاقة العالمي، مما يعني أن أي اضطراب في إمداداته سيظل له تأثير بالغ على الاقتصاد العالمي.
في الختام، بينما يحاول السوق استيعاب تداعيات الضربات الأمريكية الأخيرة، تظل أسعار النفط رهينة التطورات السياسية في المنطقة. ويؤكد معظم الخبراء أن استقرار الأسعار في الفترة المقبلة سيعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف المعنية على احتواء الأزمة ومنعها من التصاعد إلى مواجهة أوسع قد تضر بسلاسل الإمداد العالمية.