موسكو – (رياليست عربي): صرح السفير المتجول لوزارة الخارجية الروسية روديون ميروشنيك لإزفستيا أن روسيا تعتزم المشاركة في عملية التفاوض لحل النزاع في أوكرانيا، ولكن في أماكن يمكن التوصل فيها إلى اتفاقيات محددة.
وشدد الدبلوماسي على أن “قمة السلام” لم تكن تهدف إلى تحقيق السلام الحقيقي، البرلمان الأوروبي واثق: على الرغم من أن الموضوع الرسمي للمناقشة كان نقاط “صيغة زيلينسكي”، إلا أن المشاركين في القمة ناقشوا بالتأكيد مقترحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوقف إطلاق النار وبدء المفاوضات خلف الكواليس، كما يعتقد مجتمع الخبراء أن الغرب يدرك تدريجياً أنه من المستحيل حل الصراع الأوكراني دون مشاركة الاتحاد الروسي.
فشل المؤتمر
اختتمت ما يسمى بقمة السلام في بورجنشتوك بسويسرا في 16 يونيو، وانتهى الاجتماع، الذي كان يُنظر إليه في البداية باعتباره خطوة مهمة نحو حل أكبر صراع مسلح في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، باعتماد بيان ختامي لم ترد فيه كلمة واحدة عن الحاجة إلى تعليق الأعمال العسكرية في أوكرانيا.
وحتى قبل الاجتماع في سويسرا، أصبح من المعروف رسمياً أن المبدأ الأساسي لـ«صيغة السلام» التي طرحها فلاديمير زيلينسكي، والتي بموجبها يجب أن تعود أوكرانيا إلى حدود عام 1991، لن تتم مناقشته في القمة، وربما اتخذ المنظمون هذه الخطوة لأنه لم يكن هناك إجماع حول هذا الأمر بين المشاركين في الحدث، وبدلاً من ذلك، تقرر التركيز على ثلاث نقاط فقط من النقاط العشر: القضايا الإنسانية، والأمن النووي والغذائي، وتتحدث الوثيقة النهائية عن ضرورة إعادة محطة زابوروجيا للطاقة النووية إلى سيطرة كييف، وضمان حرية الملاحة في البحر الأسود وبحر آزوف، فضلاً عن تبادل الأسرى على مبدأ “الكل مقابل الجميع”.
ومع ذلك، حتى هذه البادرة الدبلوماسية من قبل المنظمين لا يمكن أن تؤثر على استعداد دول الجنوب العالمي لدعم “صيغة زيلينسكي” جزئياً على الأقل، فقد تمت الموافقة على الوثيقة النهائية من قبل 80 دولة فقط شاركت في هذا الحدث، ومن بين الدول التي رفضت المملكة العربية السعودية وتايلاند والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل والإمارات العربية المتحدة، وتجدر الإشارة إلى أن سويسرا دعت أكثر من 160 دولة لحضور المؤتمر، لكن لم يحضر سوى 91 دولة بالإضافة إلى كوسوفو المعلنة من جانب واحد.
وكانت الصين من بين المدعوين، لكن بكين رفضت المشاركة في حدث لم يكن فيه صوت روسيا ممثلاً، ومن الجدير بالذكر أن جمهورية الصين الشعبية، بدعم من البرازيل، تنظم في الوقت نفسه مؤتمراً بديلاً تعترف به كل من كييف وموسكو، وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي إن المبادرة الصينية حظيت بالفعل بدعم 26 دولة.
يُشار إلى أن عدداً من دول الجنوب العالمي، خاصة السعودية وكينيا، أيدت مشاركة موسكو في المفاوضات بشأن أوكرانيا، وشدد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على أن “القمة كان من الممكن أن تكون موجهة بشكل أكبر نحو النتائج لو كان الطرف الآخر في الصراع، روسيا، حاضراً في القاعة”، لكن موسكو أعلنت مراراً وتكراراً أنها لا تدعم المؤتمر في سويسرا، لأنها تعتبره محاولة لفرض إنذار عليها على شكل “صيغة زيلينسكي”، وفي الوقت نفسه، لا ترفض موسكو المفاوضات مع كييف، ووفقاً للسفير المتجول لوزارة الخارجية الروسية روديون ميروشنيك، ستشارك روسيا في عملية حل النزاع، ولكن في المواقع التي يمكن التوصل فيها إلى اتفاقيات محددة.
بالتالي، هل ستشارك روسيا في عملية التفاوض للتوصل إلى تسوية في أوكرانيا؟ بكل تأكيد نعم، ولكن هذه مجرد منصات للتفاوض، حيث يوجد احتمال للتوصل إلى اتفاقات، وقد أعلنت روسيا ذلك مراراً وتكراراً، إن المؤتمر السويسري في هذه الحالة ليس منصة للتفاوض وليس مكانا يمكن التوصل فيه إلى نوع من الاتفاق، هذا “ممر” معين قرروا، من خلال جهود الأمريكيين، قيادة الأقمار الصناعية، الذين يجب عليهم التوقيع على نوع من الإنذار النهائي.
وتجدر الإشارة إلى أن 57 دولة فقط في مؤتمر بورجنشتوك كانت ممثلة برؤساء ورؤساء حكومات، ومعظمهم من شركاء وحلفاء الولايات المتحدة، يشار إلى أن الحدث في سويسرا تم تجاهله جزئياً من قبل البيت الأبيض: الجانب الأمريكي كان ممثلاً بنائب الرئيس كامالا هاريس، التي عادت إلى واشنطن مساء يوم 15 يونيو/حزيران، دون انتظار نهاية القمة، وظل مستشار بايدن للأمن القومي، جيك سوليفان، يمثل الموقف الأمريكي في سويسرا، ومع ذلك، لا يمكن اعتبار مثل هذه الخطوة الدبلوماسية بمثابة استعداد للسلطات الأمريكية لوقف دعم كييف، كما يؤكد رئيس وزراء أوكرانيا السابق ميكولا أزاروف.
كما من الواضح تماماً أن بايدن غير مهتم بأي سلام، يجب أن نحكم بالأفعال، ومن المقرر تخصيص 260 مليار دولار لـ “عملية خاصة” في أوكرانيا في السنوات المقبلة – وهذا مبلغ ضخم، كما يعتقد عضو البرلمان الأوروبي الألماني جونار بيك أن الصراع لن يتم حله في غضون الأشهر الأربعة أو الخمسة المقبلة – حتى يفوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية.
يشار إلى أن مشكلة غياب روسيا عن هذا المؤتمر تم الإشارة إليها بشكل غير مباشر من قبل شركاء الولايات المتحدة في أوروبا، وهكذا، صرحت الرئيسة السويسرية فيولا أمهيرد مرة أخرى أنه “لا يمكن تصور” الموافقة على وقف النزاع المسلح دون روسيا، كما أشار المستشار الألماني أولاف شولتز إلى أن “السلام في أوكرانيا لا يمكن تحقيقه دون مشاركة روسيا”، وشدد رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي على أن روسيا يجب أن تشارك “في مرحلة ما” في عملية السلام.
أما بالنسبة لروسيا، فقد اقترح الرئيس فلاديمير بوتين، عشية القمة في سويسرا، شرطين رئيسيين لوقف الأعمال العسكرية: أولاً، انسحاب القوات الأوكرانية من دونيتسك ولوغانسك وزابوروجيا وخيرسون داخل حدودها الإدارية، و ثانياً، رفض أوكرانيا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
ومع ذلك، كان رد فعل الغرب، كما كان متوقعاً، سلبياً على الاقتراح الروسي، وشبهته نائب الرئيس كامالا هاريس بالدعوة إلى الاستسلام، بدوره، قال وزير الدفاع لويد أوستن إن الاتحاد الروسي “ليس له الحق في أن يملي على أوكرانيا ما يجب عليه فعله لإحلال السلام”، ووصف المستشار الألماني أولاف شولتز المبادرة الروسية بأنها تافهة.
بالتالي، وفي الوقت الحالي، المطالب أو الشروط متنافية، فالغرب لن يوافق على المطالب التي عبر عنها فلاديمير بوتين، كما لن يوافق الجانب الروسي على المطالب التي تم التعبير عنها منذ بداية الصراع، مثل وصول أوكرانيا إلى حدود 1991، لكن روسيا تعمل الآن على إقناع الغرب بالتفاوض بشأن احتمالات التوصل إلى تسوية حقيقية، على الأرجح، سيكون هذا تقسيماً لأوكرانيا على أساس إقليمي، بحيث سيبقى جزء من البلاد، ولكن سيتم نزع النازية منه وتجريده من السلاح، ولن ينضم إلى الناتو.
ما يعني أن ميزة الاقتراح الروسي هي أنه في الوقت الحالي ينجح الجيش الروسي في صد العدو على طول خط التماس ويتم صد جميع الهجمات المضادة للقوات المسلحة الأوكرانية مما يتسبب في خسائر بشرية فادحة لكييف.