بوخارست – (رياليست عربي): ستشهد رومانيا انتخابات رئاسية للمرة الثانية هذا العام، وستقام الجولة الأولى في الرابع من مايو/أيار المقبل، على أن تقام الجولة الثانية في 18 مايو/أيار إذا لزم الأمر. والمرشح الأوفر حظا في السباق هو المرشح اليميني جورج سيميون، الذي يشكك في الدعم المقدم لأوكرانيا، ويواجه معارضة من قبل العديد من السياسيين المؤيدين لأوروبا.
الانتخابات الرئاسية الرومانية هي سلسلة مستمرة منذ عدة أشهر الآن. أُجري التصويت الأول في شهر نوفمبر/تشرين الثاني. وقد حقق المرشح اليميني غير النظامي كالين جورجيسكو النصر المذهل، وفي الجولة الأولى، حصل على 22% من الأصوات ودخل الجولة الثانية باعتباره المرشح المفضل، حيث كانت منافسته هي الوسطية إيلينا لاسكوني، وفي الوقت نفسه، حصل رئيس الحكومة مارسيل شيولاكو، الذي كان متقدما في كافة استطلاعات الرأي، على المركز الثالث فقط.
وكان برنامج جورجيسكو محل كراهية مطلقة من جانب القيادة الرومانية والأوروبية، وكذلك إدارة بايدن، الحقيقة هي أن السياسي انتقد باستمرار الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، ووصف أوكرانيا بأنها دولة وهمية، وطالب بإنهاء نقل الأسلحة إلى كييف، واقترح إقامة علاقات مع روسيا، كما أظهر جورجيسكو التزامه بالأرثوذكسية وتحدث ضد زواج المثليين والمهاجرين من الشرق الأوسط والتحول الأخضر في مجال الطاقة.
وفي ظل هذه الظروف، اتخذت السلطات الرومانية خطوة غير مسبوقة: حيث ألغت ببساطة نتائج التصويت وألغت الجولة الثانية، لقد كان من الصعب جدًا أن يجدوا سببًا. ولم تكشف إعادة فرز الأصوات عن أي تناقضات مع النتائج الرسمية، لذا تم الاستشهاد ببعض الانتهاكات على شبكة تيك توك الاجتماعية كسبب، حيث يُزعم أن جورجيسكو حصل على تفضيلات غير محسوبة. وألمح مسؤولون إلى أن روسيا كانت متورطة في الأمر.
وبعد ذلك اندلعت فضيحة كبرى. ووصف جورجيسكو الحادثة بأنها انقلاب، وأعلن خصمه لاسكوني أنها ضربة للديمقراطية، وخرجت مظاهرات احتجاجية في بوخارست، وعلى المستوى الدولي، عبر ممثلو الإدارة الأميركية الجديدة عن رفضهم لهذا القرار. خلال كلمة ألقاها في ميونيخ، انتقد نائب الرئيس الأمريكي جيه.دي. فانس أوروبا بسبب ابتعادها عن القيم الديمقراطية، واستشهد بالوضع في رومانيا كمثال.
في الوقت نفسه، التزم الاتحاد الأوروبي الصمت المطبق، على الرغم من أنه عادة ما يعلق بنشاط على أدنى تلميح إلى الانتهاكات، وعلى هذه الخلفية، ذهبت السلطات الرومانية إلى أبعد من ذلك، في البداية، تم فتح عدة قضايا جنائية ضد كالين جورجيسكو، بما في ذلك قضية تهديد النظام الدستوري، ثم خلال التحضيرات للانتخابات الجديدة، لم يتم تسجيل السياسي غير المرغوب فيه كمرشح، وجاء في الاستنتاج الرسمي للجنة الانتخابات المركزية أن هذا المرشح قد يشكل تهديدا للديمقراطية الرومانية.
ومن المقرر إجراء انتخابات جديدة في الرابع من مايو/أيار المقبل، على أن تعقد جولة ثانية في 18 مايو/أيار إذا لزم الأمر، ويعتبر سياسي يميني آخر، زعيم تحالف توحيد الرومانيين، جورج سيميون، المرشح المفضل في هذه الدورة الانتخابية، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن شعبيته تتقلب حول 30%. وفي حال فوزه، وعد بنشر محاضر اجتماعات الحكومة التي حُسمت فيها قضية إلغاء نتائج الانتخابات التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتحدث عن استعداده لترشيح كالين جورجيسكو لمنصب رئيس الوزراء.
وفي السياسة الخارجية، يدعو سيميون إلى توحيد رومانيا ومولدوفا، وينتقد أوكرانيا أيضًا لقمع الرومانيين العرقيين، ووعد بقطع إمدادات الأسلحة عن كييف، ويعتبر أيضًا متشككًا ثابتًا في أوروبا، ويتهم الاتحاد الأوروبي بالفشل في سياسات الهجرة وتآكل القيم الديمقراطية، وعلى النقيض من جورجيسكو، يتحدث السياسي أيضًا بشكل قاسٍ للغاية عن روسيا، على الرغم من أن هذا لا يمنع معارضيه من وصفه بأنه موالي لروسيا.
ويضع علماء الاجتماع رئيس بلدية بوخارست الحالي، نيشيسور دان، في المرتبة الثانية، حيث بلغت شعبيته 22%. وهو معروف بنشاطاته المناهضة للفساد ونهجه التكنوقراطي في الحكم، ويحظى بدعم سكان العاصمة والشباب، وفي حالة فوزه، وعد بإطلاق إصلاحات اقتصادية وتعميق التكامل الأوروبي؛ ويعتبر خصمًا غير مشروط لروسيا ويدعو إلى تقديم أقصى قدر من الدعم لأوكرانيا دون أي شروط مسبقة.
وتجاوز مرشح أربعة أحزاب مؤيدة لأوروبا، كرين أنتونيسكو، نسبة الـ 20% أيضًا. وهو من قدامى المحاربين في السياسة الرومانية، حيث عمل عضوًا في البرلمان، ورئيسًا لمجلس الشيوخ، وفي عام 2012 تولى منصب الرئيس بالنيابة لمدة شهر، والآن يعد بتعميق التكامل الأوروبي، وتوسيع التعاون مع حلف شمال الأطلسي، والعمل بشكل أوثق مع مولدوفا، ويدعو أيضا إلى دعم أوكرانيا، ولكن بشرط أن تحترم كييف حقوق الرومانيين العرقيين الذين يعيشون في بوكوفينا.
ومن بين المرشحين الآخرين، تبرز شخصيتان أخريان. ومن بينهم رئيس الوزراء السابق فيكتور بونتا، إنه سياسي ذكي إلى حد ما، وتبلغ شعبيته حوالي 13%، كان من الممكن أن يكون الرقم أعلى، لكنه خلال هذه الحملة الانتخابية قال بتهور إلى حد ما كيف أنه بصفته رئيسًا للحكومة، أصدر أوامره أثناء الفيضان بإغراق القرى الرومانية حتى لا تصل المياه إلى بلغراد الصربية، وفي المركز الخامس جاءت إيلينا لاسكوني، التي كانت المنافسة الرئيسية لجورجيسكو في نوفمبر/تشرين الثاني.
بشكل عام، من الصعب للغاية التنبؤ بالفائز النهائي في هذا الوقت، أولا، لا يزال هناك العديد من الناخبين غير الحاسمين، وقد يؤدي قرارهم في اللحظة الأخيرة إلى تغيير الوضع برمته، ثانياً، لقد دحضت الواقع نتائج استطلاعات الرأي في رومانيا أكثر من مرة، وبالتالي فإن الموقف منها حتى الآن متشكك، ثالثا، لا يمكن استبعاد ظهور فضائح جديدة في الأيام المتبقية، على سبيل المثال، بدأت لجنة الانتخابات المركزية في البلاد تحقيقا في تمويل حملة سيميون في نهاية شهر أبريل/نيسان، وهو يعتقد أنه في اللحظة الأخيرة قد يتم إبعاده عن الانتخابات.
