واشنطن – (رياليست عربي): كشفت وثائق سرية حديثة عن تفاصيل مثيرة حول خطط الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ ضربة عسكرية على منشأة فوردو النووية في إيران، والتي كانت على وشك أن تشعل مواجهة كبرى في المنطقة، المصادر تشير إلى أن هذه الخطط كانت جاهزة للتنفيذ خلال العام الماضي، لكن تدخلات دبلوماسية مكثفة وتهديدات متبادلة أدت إلى تجنب هذا السيناريو الكارثي.
منشأة فوردو النووية، التي تقع على بعد حوالي 30 كيلومتراً شمال مدينة قم الإيرانية، تمثل أحد أكثر المواقع حساسية في البرنامج النووي الإيراني. الوثائق المسربة تكشف أن البنتاغون قد أعد ثلاثة سيناريوهات رئيسية للهجوم، تضمنت استخدام صواريخ كروز من غواصات في الخليج العربي، وضربات جوية من قواعد في المنطقة، بالإضافة إلى عمليات خاصة محتملة. وقد رصدت الأقمار الصناعية الأمريكية تحركات مشبوهة في الموقع خلال الأشهر التي سبقت التخطيط للهجوم، مما دفع واشنطن إلى اعتبار المنشأة تهديداً مباشراً للأمن القومي.
الخبراء العسكريون يشيرون إلى أن أي ضربة على فوردو كانت ستؤدي إلى رد إيراني عنيف عبر عدة محاور، بما في ذلك إغلاق مضيق هرمز، واستهداف القواعد الأمريكية في المنطقة، ودعم الجماعات المسلحة في الهجوم على المصالح الغربية. كما أن مثل هذا الهجوم كان سيؤدي إلى زعزعة استقرار أسواق النفط العالمية، مع توقعات بارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية قد تتجاوز 200 دولار للبرميل.
من جهة أخرى، تكشف الوثائق أن المجتمع الدولي لعب دوراً محورياً في منع التصعيد. حيث قامت عدة دول، بما في ذلك الصين وروسيا ودول أوروبية، بحملة دبلوماسية مكثفة لإقناع واشنطن بضرورة إعطاء الفرصة للحلول الدبلوماسية. كما أن التهديدات الإيرانية برد غير متناسب، بما في ذلك إمكانية استهداف المصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم، شكلت عاملاً رئيسياً في إعادة النظر في هذه الخطط.
أما الوضع حول منشأة فوردو لا يزال يشكل مصدر قلق للمراقبين، خاصة مع استمرار التقارير عن تخصيب اليورانيوم في الموقع. الوكالة الدولية للطاقة الذرية تواجه صعوبات في مراقبة الأنشطة النووية الإيرانية بشكل كامل، بينما تستمر طهران في تأكيد أن برنامجها النووي سلمي بالكامل. في الوقت نفسه، لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بخيار الضربة العسكرية على الطاولة كملاذ أخير، مع تعزيزها المستمر لقدراتها العسكرية في المنطقة.
المحللون السياسيون يرون أن هذه الوثائق تظهر مدى هشاشة الوضع في المنطقة، وكيف أن قراراً واحداً كان يمكن أن يغير خريطة الشرق الأوسط بشكل جذري. كما أنها تبرز أهمية القنوات الدبلوماسية السرية في منع الكوارث، حتى في أحلك لحظات التوتر. مع استمرار المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، تبقى منشأة فوردو نقطة محورية في أي اتفاق محتمل، حيث تطالب واشنطن بوقف كامل لأنشطة التخصيب فيها، بينما تصر طهران على حقها في تطوير برنامج نووي سلمي.
وفي التطورات الأخيرة تشير إلى أن إدارة بايدن تفضل حالياً المسار الدبلوماسي، لكن مع الحفاظ على جميع الخيارات مطروحة. في الجانب الإيراني، يبدو أن القيادة في طهران تدرك مخاطر التصعيد، لكنها في نفس الوقت لا تريد أن تظهر وكأنها تتراجع تحت التهديدات العسكرية. هذا التوازن الدقيق هو ما يجعل من أزمة فوردو واحدة من أخطر الملفات الساخنة في العلاقات الدولية اليوم، مع تداعيات محتملة على الأمن العالمي واستقرار أسواق الطاقة لعقود قادمة.