موسكو – (رياليست عربي): في الآونة الأخيرة، يولي الخبراء اهتماماً متزايداً لمشكلة الأمن السيبراني، في الوقت نفسه، توصلوا إلى استنتاج مفاده أن عصر الإنترنت العالمي قد انتهى وأن عملية تجزئة شبكة الويب العالمية قد بدأت، وبنفس الوقت، لا تدعم معظم دول العالم النهج الأصلي للولايات المتحدة: الاعتماد على القطاع الخاص والمجتمع التقني، ونقص الأنظمة، ونوع من الافتقار التام للرقابة، وما إلى ذلك.
بدأت البلدان في جميع أنحاء العالم في السعي للسيطرة على قطاعاتها على الويب، وحماية البيانات الشخصية لمواطنيها وتنظيم المحتوى المنشور. يحاول الخبراء الغربيون إلقاء اللوم على روسيا والصين في ذلك، والتي، في رأيهم، تستخدم بنشاط قدرات الأمم المتحدة، والاتحاد الدولي للاتصالات، وبريكس لنشر مفهوم السيادة الإلكترونية، وقد أيد هذا النهج معظم البلدان النامية.
لم تؤد الأزمة الأوكرانية إلا إلى زيادة تجزئة الإنترنت، حيث قرر عدد من شركات التكنولوجيا ومقدمي خدمات الإنترنت مغادرة بلدنا. مجموعات القراصنة الأوكرانية (وليس فقط) تهاجم بنشاط البنية التحتية الروسية الحيوية، وهو ما يتعارض تماماً مع أحكام اتفاقية مبادئ السلوك المسؤول للدول في الفضاء الإلكتروني.
لم يصبح الوضع حول أوكرانيا حافزًا لتعاون أوثق فحسب، بل إنه يعزز الحجج المؤيدة للسيادة التكنولوجية الأوروبية، ربما تبرز مسألة توقيع اتفاقية رقمية عالمية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفائهم.
سوف يسعى الأمريكيون جاهدين لإشراك أكبر عدد ممكن من مؤيديهم في هذه الاتفاقية من أجل إنشاء تحالف لتعزيز رؤيتهم الخاصة لاستخدام الإنترنت. لتحقيق هذا الهدف، من المخطط إنشاء مركز واحد يعمل على جذب مؤيدين جدد يتشاركون وجهات النظر الأمريكية حول مستقبل الإنترنت. سينشر هذا المركز المعايير الأمريكية لتحسين أنظمة الأمن السيبراني الوطنية، ولكن في الواقع، ستكون هذه البلدان تحت سيطرتها وستعاني من أضرار جسيمة لسيادتها الرقمية الوطنية. حتى في الفضاء الإلكتروني، تحاول الولايات المتحدة تطبيق تفكير الكتلة، لتقسيم الدول وفقاً لمبدأ “الصديق أو العدو”.
لطالما تحول الإنترنت إلى أداة جادة للتأثير على الرأي العام، كمت يساعد الجمع غير القانوني للبيانات الشخصية في استهداف الدعاية الحاسوبية لمجموعة معينة من الناس، ويشارك حوالي 65 ألف شخص في هذا العمل في الولايات المتحدة الأمريكية.
من حيث العدد، هذا يتوافق مع جيش صغير، منصات الشبكات الاجتماعية مثل “فيسبوك وإنستغرام وتويتر”، إلخ، أعضاء في مجموعة ميتا، المعترف بها على أنها متطرفة في روسيا) تمت ملاحظتها في التعاون والتفاعل النشطين، من خلال هذه المنصات الرقمية، يتم إجراء عمليات مختلفة لدراسة سلوك مستخدمي الشبكات الاجتماعية، وتحليل ردود أفعالهم على الحملات الإعلامية، وتطبيق التقنيات المعرفية الجديدة.
يصبح مثل هذا التأثير على الوعي البشري ممكنًا في المقام الأول بسبب النماذج الاقتصادية للشركات التكنولوجية نفسها، المصممة لتعظيم الأرباح. يجب إيلاء اهتمام خاص لعمل الخوارزميات وآليات المكافأة للمحتوى، وقد حان الوقت أيضاً لإخضاعها لسيطرة متزايدة.
أما في الصين، في وقت مبكر من مارس 2022، تم اعتماد القواعد التشريعية ذات الصلة بشأن تنظيم خوارزميات التوصية، مما جعل من الممكن تغيير هذا الوضع بطريقة إيجابية بشكل جذري.
نظراً للتطور التكنولوجي في روسيا، لا يزال الأمر يستحق إيلاء المزيد من الاهتمام للأمن في بيئة المعلومات والاتصالات، من الضروري التأثير على سيادة الإنترنت إلى حد كبير في إطار التشريعات الوطنية الروسية.
وكان قد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في اجتماع مع المشاركين الشباب في العمل الروسي الشامل “نحن معاً”، أنه لا ينبغي السماح بتدمير المجتمع بسبب الإنترنت.
