موسكو – (رياليست عربي): “عملياتنا العسكرية في أوكرانيا ناجحة، حرية الصحافة في الغرب مزيفة، نعيش في عالم كاذب”.. الكلمات السابقة مقتبسة من كلمة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، التي قالها أمام اجتماع حكومي يوم الأربعاء الموافق 16 مارس/ آذار، خلال حديثه حول العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وللحقيقة فإن روسيا على الرغم من التطورات التي شهدتها، خلال العقدين الماضيين، ساهمت في إعادة تموضعها دولياً، ووقفت كحائط صد أمام هيمنة القطب الأوحد الأمريكي، خصوصاً في مجال التسليح والصناعات العسكرية، والصادرات المختلفة، إلا أنها لا زالت تعاني من فقر إعلامي، وتقدم وسائلها الإعلامية حتى تلك الحكومية منها، مستوى مهني متواضع، ربما يُرضي الداخل على المستوى الشعبي، لكن غاب عن موسكو تقوية أسلحتها الناعمة بالموازة مع الأسلحة الخشنة.
ومنذ انطلاق العملية العسكرية الروسية لحماية دونباس، دفعت موسكو فاتورة افتقارها أذرع إعلامية قوية تمثل حائط صد صاروخي للدولة الرسمية، على العكس من أمريكا والدول الغربية بعدما أدركت هذه الدول أهمية القوة الناعمة، في الحروب من خلال نشر الأكاذيب وتزييف الحقائق.
خلال الأعوام الماضية قدمت الوكالات الروسية، مستوى مهني لا يليق صدوره من دولة بحجم روسيا، انشغلت بالمنطقة العربية وتقديم محتوى ترفيهي معتمدة على العناوين التشويقية والجاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي.
صحيح أن هناك بعض الوسائل الإعلامية القليلة التي تواكب العصر والسرعة الرقمية، لكن المنتج في النهاية يستحق من الكرملين تخصيص موائد مستديرة لمناقشة الأزمة وأسباب الضعف بشكل عاجل، فالحروب لم تعد قاصرة على أصوات الرصاص و مداد الأقلام يكون له واقع تدميري في كثير من الأوقات يفوق النيران.
عانت روسيا ولا زالت تعاني في حربها الرامية لحماية أمنها القومي، من ضعف المستوى الإعلامي في ظل شلال أكاذيب تتعرض له سواء تلك المتعلق بالأهداف التي تم تحقيقها على الأرض، أو حتى تثبيط همة جنودها بمعلومات مغلوطة عن هزيمته في المعركة التي تعتبر من طرف واحد حتى الأن.
فروق كبيرة بين ما ينشر في موسكو وواشنطن، التي استخدمت قوتها الناعمة في الهجوم على روسيا، دعنا نعترف أن الجيش الروسي كانت قوته ساحقة في المعارك، لكنه هزم بأصوات الفضائيات الكاذبة كما وصفها بوتين.
يخوض الجيش الروسي حرباً تقليدية وتفوقت كفته، لكن الدولة الروسية التي تمتلك من التاريخ الثقافي والنخب ما يؤهلها لصناعة الأذرع الإعلامية، تتعرض الآن لحرب الجيل الرابع، ووقفت حائرة في مواجهتها لدرجة دفعت رئيس الدولة للتذمر من أكاذيب الإعلام الغربي.
السواد الأعظم من شعوب المنطقة العربية على سبيل المثال، بالرغم من انحيازها الواضح للقيصر، تمكنت آلة الإعلام الأمريكي والغربي من خلخلة معتقده الراسخ بحق موسكو في الدفاع عن مصالحها، تأثر عاطفياً بفيديوهات القصف المفبركة والجثث التي تدخن السجائر.
ربما يكون الوقت غير كافياً لإدارك الخلل الإعلامي وصناعة المحتوى الروسي، لكن من ضمن دروس الحرب المستفادة على الروس وضع ذلك في خططهم المستقبلية القريبة لتأمين مصالحهم بالرصاص وضخ فكرتهم في العقول شعوب العالم بالمداد.
خاص وكالة رياليست