القاهرة – (رياليست عربي): بعيدًا عن الضربة الصاروخية التي وجهتها إيران إلى إسرائيل في الأول من أكتوبر 2024، والتي تعتبر الثانية بعد سابقتها في 13 من إبريل الماضي، ومدى جدية هذه الضربة وما خلفته من نتائج جسيمة أو هزيلة، هُلل لها في المنطقة العربية. ظهور هذا الكم المهول من الصواريخ الإيرانية في سماء إسرائيل، يجعلنا نتساءل عن ماهية البرنامج الصاروخي الإيراني ومقدار قوته ومدى تأثيره، ولمَ يثير قلق إسرائيل وعدد من دول الشرق الأوسط؟، ولمَ يظل محل سجال سرمدي بين طهران والغرب؟
وفقًا لتقارير أمريكية وأوروبية متفرقة؛ فإن إيران صاحبة الترسانة الأكبر والأكثر تنوعًا من “الصواريخ الباليستية” Ballistic missile في منطقة الشرق الأوسط، كما أنها الدولة الوحيدة الممتلكة صواريخ باليستية يصل مداها إلى أكثر من ألفين كيلومتر دون اقتناء أسلحة نووية.
على الرغم من أن التكنولوجيا الباليستية تعود إلى الحرب العالمية الثانية (1939: 1945)، فإن عددًا محدودًا من دول العالم حاذقة في علم البالِيستِيات (القذائف)، وقادرة على صناعة صواريخ باليستية بشكلٍ مستقلٍ.
وقد حظيت إيران بالتقنيات الصاروخية والباليستية خلال العقدين الماضيين في ظل العقوبات الدولية المشددة والمتزايدة على بيع السلاح إلى طهران عقب الثورة عام 1979، فقد أشاد المرشد الأعلى “عليّ خامنئي” بتقدم البرنامج الصاروخي الإيراني في ظل حظر بيع السلاح، وقال في إحدى خطبه: “إن كل هذا التقدم العسكري والصاروخي المزعج للغرب حدث خلال فترة حظر الأسلحة”.
بناءً على القرار رقم 1737 الصادر في 23 ديسمبر 2006، حظر مجلس الأمن استيراد وشراء ونقل أي مادة أو تقنية نووية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل جميع الدول إلى إيران، بما في ذلك الصفقات التجارية ثنائية الغرض أي البضائع والسلع ذات الاستخدام السلمي والعسكري.
بعد ثلاثة أشهر، منع مجلس الأمن، بناءً على القرار رقم 1747 الصادر في 24 مارس 2007، شراء أي نوع من الأسلحة التقليدية من إيران أو بيعه إليها، بالإضافة إلى حظر انتقال التكنولوجيا العسكرية. وفقًا لهذا القرار، فُرضت عقوبات على الأفراد والمؤسسات المرتبطين بالبرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين أيضًا.
على هذا النحو باتت قرارات مجلس الأمن عقبةً عثرةً أمام إيران تحول دون شراء السلاح من دول العالم بما فيها روسيا والصين مصدري التسليح الإيراني منذ سنوات الحرب مع العراق (1980: 1988).
الصواريخ الباليستية قادرة على حمل رؤوس نووية، وتعتقد الدول الغربية أن إيران ما دامت تملك التكنولوجيا الباليستية، فلن تدخر وسعًا في سبيل الحصول على الطاقة الذرية وتخصيب اليورانيوم إلى مستوى يُؤهِلها إلى تصنيع الأسلحة النووية.
بعد إبرام الاتفاق النووي (برجام) في 14 يوليو 2015 بين إيران والدول الكُبرى (مجموعة 5 +1)، رُفعت كل عقوبات مجلس الأمن المفروضة على طهران وفق القرار رقم 2231، لكن ظل البند المعروف باسم “آلية الزناد (الرد السريع)”، قائمًا لمدة 5 سنوات. بناءً على هذا البند، إذا حنثت إيران بتعهداتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي، تعود العقوبات السابقة تلقائيًا.
هذا البند كان وسيلة ضغط قوية على النظام الإيراني، يحجم تقدم برنامجه الصاروخي، وقدرات أذرعه العسكرية في منطقة الشرق الأوسط كحزب الله في لبنان، وحزب أنصار الله (الحوثيون) في اليمن، والحشد الشعبي في سوريا والعراق؛ جُند إيران في “حرب الوكالة” مع أمريكا وإسرائيل.
مع ذلك استمرت إيران في تطوير برنامجها الصاروخي إلى أن اتهمتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا في رسالة مشتركة إلى الأمين العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة “بان كي مون” Ban Ki-moon في مارس 2016، بانتهاك القرار رقم 2231 الصادر من مجلس الأمن عن طريق إجراء تجارب صاروخية عقب إبرام الاتفاق النووي.
بعد مجادلات مطولة بين إيران والدول الكُبرى، قرر الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” Donald Trump الانسحاب من الاتفاق النووي عام 2020. كان أحد أسباب هذا الانسحاب عدم توفر آلية كافية في الاتفاق تواجه تهديدات البرنامج الصواريخ الإيراني وتراقبه بدقة.
على الرغم من مساعي إيران إلى البقاء في الاتفاق النووي، روجت حكومة الرئيس الأسبق “حسن روحاني” في أكتوبر 2021 على الصعيد الإعلامي بشكل واسع إلى شراء أسلحة ومقاتلات من روسيا والصين، لكن العقوبات أحالت دون تحقيق هذه الصفقات.
تنتج إيران حاليًا أكثر من 50 نوعًا من الصواريخ؛ من بينها الباليستي (القوسي) والكروز (الجوال)، بالإضافة إلى المسيرات (طائرات دون طيار)، اُستخدم بعض منها في الحرب الروسية – الأوكرانية.
الهندسة العكسية
خلال الحرب الإيرانية – العراقية (1980: 1988)، كان مدى المدفعية الإيرانية يصل إلى 35 كيلومترًا، بينما كان الجيش العراقي يمتلك صواريخ باليستية من طراز “إس.إس-1سي سكود-بي”SS-1C Scud-B روسية الصنع، يصل مداها إلى 300 كيلومتر، وتستهدف المدن المختلفة في عمق الأراضي الايرانية، مما جعل العراق صاحب اليد العُليا في الحرب، لذا بدأت إيران تفكر في استخدام الصواريخ أيضًا.
في نوفمبر 1983 انطلقت “وحدة الصواريخ” في القوات الجوية بالحرس الثوري الإيراني بحضور العميد “حسن طهراني مقدم”، قائد وحدة المدفعية بالحرس، وأعطى “الخُميني” وقتها أذن الرد بالمثل على الهجمات الصاروخية العراقية.
ابتاعت إيران لأول مرة “صواريخ “سكود-بي” من ليبيا، حيث يذكر اللواء “مُحسن رضائي”، القائد العام للحرس الثوري إبان الحرب، أنه طلب من العميد “مُحسن رفيق دوست”، رئيس إدارة المهمات بالحرس، توفير الصواريخ، فأوفده إلى ليبيا وسوريا وكوريا الشمالية من أجل التفاوض على شرائها. في أواخر عام 1984، وافقت ليبيا على إرسال 30 صاروخًا من طراز “سكود-بي” إلى إيران تحت قيادة عدد من المستشارين العسكريين حتى يتولوا عملية إطلاق الصواريخ.
في ذلك الوقت، تولى العميد “أمير عليّ حاجي زاده”، القائد الحالي للقوات الجوفضائية بالحرس الثوري، مسؤولية تشكيل “وحدة الصواريخ”، وإعداد “حامية عسكرية” غربي إيران من أجل تنفيذ العمليات الصاروخية. في 12 مارس 1985، قامت إيران بأول هجمة صاروخية على العراق، استهدفت مدينة كركوك، وبعد يومين، وقعت الهجمة الثانية مستهدفة نادي ضباط الجيش العراقي في بغداد، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من 200 قائد عسكري.
واجه الزعيم الليبي “مُعمر القذافي” احتجاجًا واسعًا واستنكافًا حادًا من قبل الدول العربية مع بداية العمليات الصاروخية الإيرانية على العراق، فاضطر إلى سحب المستشارين العسكريين تحت وطأة الضغط العربي. قبل مغادرة المستشارين الليبيين إيران، قاموا بتعطيل الصواريخ ومنظومة الإطلاق. مع ذلك راحت مجموعة من قادة القوات الجوية بالحرس الثوري تُجرِب استخدام الصواريخ ومنصات الإطلاق تارة خطئًا وتارة صوابًا، وبدأت هذه المجموعة في عملية “الهندسة العكسية” عن طريق تفكيك أجزاء الصواريخ ومنصاتها واستنباط كيفية عملها.
الهندسة العكسية هي عملية اكتشاف المبادئ التقنية الخاصة بآلة أو نظام ما من خلال تحليل بنيته ووظيفته وطريقة عمله. تقوم هذه العملية بتحليل نظام ما –مثل آلة ميكانيكية أو برنامج حاسوبي أو قطعة إلكترونية– أو محاولة إعادة تصنيع نظام مشابه له، يقوم بما كان يقوم به النظام الأصلي.
مع مرور السنوات أصبحت الهندسة العكسية إحدى إستراتيجيات القوات المسلحة الإيرانية الأساسية، وعن طريقها اكتسب الإيرانيون مهارات متنوعة في مجال تفكيك الأسلحة وإعادة تركيبها ومحاكاتها، مما جعل تصدير الأسلحة المتطورة إلى إيران مثار شك وريبة دائمة.
يذكر العميد “حسن طهراني مقدم”، أن بعد رحيل المستشارين الليبيين عن إيران، أُوفد 13 عضوًا من قوات الحرس الثوري إلى سوريا من أجل التدريب على تشغيل صواريخ سكود الباليستية، وتلقوا التدريبات اللازمة خلال فترة زمنية قصيرة.

خلال حقبة الثمانينيات، ساعدت الصين وروسيا وكوريا الشمالية، إيران على تطوير برنامجها الصاروخي. “نازعات” و”مجتمع” كانا أول نموذج من الصواريخ المصنعة في إيران. بعد فترة وجيزة، قامت القوات المسلحة الإيرانية بإعادة تصميم الصاروخ الباليستي قصير المدى “تُندر-69 (SRBM)” وتشغيله. هذا الصاروخ كان قد صُمم أُنتج وصُنع في الصين.
بدأ تطوير البرنامج الصاروخي الإيراني، تحت قيادة “حسن طهراني مقدم” في وحدة الصواريخ بالحرس الثوري، وبدعم من العميد “أحمد كاظمي” قائد القوات الجوية آنذاك. مع بداية حقبة الألفينيات توصلت إيران إلى تقنيات أكثر تقدمًا في مجال تصنيع القذائف ومحركات حمل الأقمار الصناعية بشكل سري، وشرعت في مرحلة الإنتاج المحلي. المرحلة الثانية والأكثر أهمية في البرنامج الصاروخي الإيراني، كانت إنتاج صاروخ “فاتح-110”.

حسن طهراني مقدم: الأب الروحي للبرنامج الصاروخي الإيراني
يعتبر “حسن طهراني مقدم” أهم وجه عسكري ساهم في تطوير البرنامج الصاروخي في إيران، ويُشار إليه باعتباره واحدًا من مؤسسيه الأوائل، ويُلقب بـ “الأب الروحي للبرنامج الصاروخي الإيراني”.
درس طهراني مقدم الهندسة الصناعية في جامعة “الشهيد رجائي لتدريب المعلمين”، وتقلد منصب قائد وحدة الصواريخ في القوات الجوية بالحرس الثوري عام 1985. شرع الحرس الثوري على يديه في إنتاج صواريخ محلية الصنع بشكل جدي عام 1986. في عام 2005 تولى طهراني مقدم منصب قائد القوات الجوية بالحرس الثوري خلفًا للعميد “محمد رضا زاهدي”، وفي عام 2006 اُختير مستشار القائد العام للحرس الثوري للشؤون الصاروخية، ورئيس منظمة جهاد الاكتفاء الذاتي بالحرس الثوري أيضًا. في عام 2010 قام باختبار أول محرك يحمل قمرًا صناعيًا فائقة الثقل خلال برنامج سري.
بعيدًا عن نشاط طهراني مقدم في بلاده، ساهم بنحو كبير في تأسيس وحدة الصواريخ التابعة لحزب الله اللبناني إبان حقبة الثمانينيات.
لقي مقدم طهراني مصرعه بصحبه 16 شخصًا آخر –وبحسب تصريحات ابنه 40 شخصًا– في 12 نوفمبر 2011 أثناء تواجده في قاعدة “شهيد مُدرَّس” بـحامية “أمير المؤمنين” التابعة للحرس الثوري في ريف “بيدجانة (بیدگنه)” بمقاطعة “مَلارد”، نتيجة انفجار مخزن ذخيرة.
وفقًا لما ذكرته الحكومة الإيرانية آنذاك؛ بينما كان طهراني مقدم يستعد إلى تجربة صاروخ جديد، وقع انفجاران هائلان، أودى الانفجار الثاني بحياته. أسباب الانفجار وملابساته لم يتضحا مطلقًا، لكن وفقًا لما جاء في وسائل إعلامية أمريكية وبريطانية وإسرائيلية فيما بعد؛ أن هذا الانفجار عملية عسكرية نفذتها المخابرات الإسرائيلية بالتعاون مع منظمة مجاهدين خلق الإيرانية، وهو ما نفته السُلطات الإيرانية جملةً وتفصيلًا.
يُذكر أن حسن طهراني مقدم كان قد أوصى أن يُكتب على شاهد قبره: “هنا يرقد شخص كان يريد محو إسرائيل”.
يعتبر سلاح القوات الجوفضائية بالحرس الثوري الإيراني أكبر منتج للصواريخ والطائرات المسيرة الخاصة بالقوات المسلحة حاليًا، وفي السنوات الأخيرة، أصبح المسؤول الفعلي عن تنفيذ العمليات العسكرية الرسمية خارج الحدود الإيرانية بدلًا من الجيش.

السراديب الصاروخية
على الرغم من أن النظام الإيراني يعرض صواريخه على الملأ دائمًا كإنجازٍ مهمٍ في مجال التسليح العسكري، واستعراضِ قوةٍ، وتلويحٍ بالتهديد قدام الدول المعادلة، إلا أن تطوير البرنامج الصاروخي والقواعد الصاروخية تتم بشكل سري وخفي.
يزعم الحرس الثوري أن لديه عدة قواعد صاروخية نُقبت في بطن الجبال هندسيًا على شكل أنفاق تحت الأرض، ففي عام 2015، أعلن العميد “أمير عليّ حاجي زاده”، قائد قوات الجوفضائية بالحرس الثوري، لأول مرة عن وجود قواعد صواريخ تابعة للحرس الثوري على عمق 500 متر تحت الأرض في مختلف المحافظات.
لا توجد معلومات دقيقة عن زمان حفر هذه قواعد تحت الأرض، لكن “مهدي البختياري”، مراسل القسم العسكري بوكالة أنباء “فارس” الإيرانية، قال في مقابلة تلفزيونية مع قناة “الجزيرة” القطرية: “إن أول قاعدة صواريخ تحت الأرض غربي إيران حُفرت عام 1984 مع بدء البرنامج الصاروخي”.
وقد نشرت وسائل الإعلام المحلية والتابعة للحرس الثوري صورًا ومقاطع مصورة للعديد من القواعد الصاروخية تحت الأرض، أطلقت عليها اسم “مدن الحرس الثوري الصاروخية”. مواقع هذه القواعد غير معروفة مطلقًا، وغير معلنة رسميًا.
تظهر في إحدى الصور المنشورة قاعدة تبدو الأكبر من نوعها، وتعد أهم ترسانة صواريخ وطائرات مسيرة تابعة للحرس الثوري، كما تعد محل تحضير العمليات الصاروخية وتنفيذها. كما تظهر في أحد المقاطع المصورة ممرات مملوءة بالصواريخ ومنصات إطلاقها، بالإضافة إلى مكان تُنقل فيه الصواريخ جاهزة الإطلاق من نفق كبير إلى موقع الإطلاق عن طريق قضبان حديدية.

في مارس 2021 أزاح الحرس الثوري النقاب عن “مدينة صواريخ بحرية” على شواطئ الخليج العربي. لم يُعلن عن موقع هذه القاعدة كسابقتها، لکن بعض الوسائل الإعلامية في محافظة “هُرمُزجان (هرمزگان)” تحدثت خلال تقارير إخبارية عن هذه القاعدة.
وقد قال اللواء “حُسين سلامي”، القائد العام للحرس الثوري، عن مدينة الصواريخ المتوارية في باطن الخليج: “إن هذه القاعدة إحدى مخازن الصواريخ الإستراتيجية العديدة التابعة للقوات البحرية بالحرس الثوري، حيث يوجد بها مجموعة من الصواريخ وأنظمة الإطلاق”.
عدد قواعد الصواريخ الإيرانية المحفورة تحت الأرض غير معروفة، لكن العميد “أحمد رضا بوردستان”، قائد القوات البرية بالجيش الإيراني، صرح في ديسمبر 2015 بأن المدن الصاروخية تحت الأرض ليست قاصرة على الحرس الثوري، فالجيش يمتلك الكثير منها. كما أعلن القائد العام للقوات الجوفضائية بالحرس الثوري “أمير عليّ حاجي زاده” عن وجود 3 مصانع تحت الأرض، يقوم الحرس الثوري بإنتاج الصواريخ فيها.

الصواريخ الباليستية وصواريخ الكروز
تنتج القوات الجوفضائية بالحرس الثوري الإيراني طيفًا واسعًا من الصواريخ التقليدية (غير الموجهة)، والصواريخ الباليستية، وصواريخ الكروز، والصواريخ الهايبرسونيك (الفرط صوتية)
تعتبر الصواريخ الباليستية أهم أنواع الصواريخ المنتجة في إيران. تُحلق هذه الصواريخ على ارتفاع عالٍ في مسار قوسي، وتُطلق على ثلاث مراحل. تخترق الصواريخ الباليستية بعيدة المدى الغلاف الجوي، وحينما تعود إليه تتخطى سرعتها سرعة الصوت.
من أهم الصواريخ الباليستية التي تنتجها إيران:
- سجيل: يصل مداه إلى 2000 كيلومتر
- عماد-3: يصل مداه إلى 1700 كيلو متر
- قدر-إف: يصل مداه إلى 1650 كيلومترًا
- خيبر شكن: يصل مداه إلى 1450 كيلومترًا
- قيام-2: يصل مداه إلى 1000 كيلومتر

تأتي في المرتبة الثانية صواريخ الكروز؛ وهي صواريخ موجهة بشكل كامل، وقادرة على التحليق على ارتفاع منخفض، مما يمنحها خاصية الفرار من شبكات الرادار. تبدأ سرعة هذا الصاروخ من 800 كيلومتر في الساعة.
من أهم صواريخ الكروز التي تنتجها إيران:
- سومار: يصل مداه إلى 2500 كيلومتر
- باڤة (پاوه): یصل مداه إلى 1650 كيلومترًا
- فتَّاح-2: يصل ماداه إلى 1400 كيلومتر
- هوڤيزة (هويزه): يصل مداه إلى 1350 كيلومترًا
- يا عليّ: يصل مداه إلى 700 كيلومتر

تشمل الصواريخ الإيرانية بشكل عام صواريخ “أرض-أرض” وصواريخ “أرض-بحر”، أما المنظومات الدفاعية الصاروخية، فبعضها من إنتاج روسيا والصين، والبعض الآخر من إنتاج القوات المسلحة الإيرانية.
استخدمت إيران الصاروخين الباليستيين “عماد-3″، و”خيبر شكن”، وصاروخ الكروز “باڤة”، والطائرة المسيرة “شاهد-136” في ضربتها الجوية الأخيرة على إسرائيل.
يذكر عدد من الخبراء العسكريين أن البرنامج الصاروخي الإيراني ارتقى من مرحلة استيراد الصواريخ من دول أخرى ومحاكاتها إلى مرحلة الإنتاج والصناعة المستقلة، واستطاعت إيران إحراز تقدم كبير في هذا الميدان، حيث تمتلك ترسانة متطورة من الصواريخ الباليستية وصواريخ الكروز قصيرة المدى ومتوسطة المدى، وتتمتع بقدرات صاروخية ضخمة حاليًا.
ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن التعاون العسكري مع روسيا والصين في السنوات الأخيرة، جعل الإيرانيين يتعلمون الكثير من الروس والصينيين في مجال تصميم الصواريخ وإنتاجها وتصنيعها محليًا، فضلًا عن حصولهم على تقنيات متطورة.
الصواريخ الفرط صوتية
تقول إيران إن الجيل الجديد من صواريخها “فرط صوتي” فيما يعرف بـ “الهايبرسونيك” hypersonic. يتمتع هذا النوع من الصواريخ بسرعة تفوق سرعة الصوت بما يتراوح بين 5 أضعاف إلى 25 ضعفًا.
في عام 2023 أزاحت إيران النقاب عن صاروخ “فتَّاح” في فئتيه الباليستية والكروز كصاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت. يبلغ مدى هذا الصاروخ 1400 كيلومتر، ويستطيع اجتياز جميع أنظمة الدروع الصاروخية وتدميرها. يعمل صاروخ “فتَّاح” بالوقود الصلب، وتصل سرعة قبل إصابة الهدف من 13 إلى 15 ماخ. سرعة 15 ماج تعادل سرعة 5 كيلومترات في الثانية الواحدة.
قال قائد القوات الجوفضائية بالحرس الثوري “أمير عليَّ حاجي زاده” خلال مراسم إزاحة الستار عن صاروخ “فتَّاح”: “إن هذا الصاروخ يتمتع بسرعة فائقة، ولديه القدرة على المناورة داخل الغلاف الجوي وخارجه، ولا يمكن تدميره بأي صاروخ”.
بعد أربعة أشهر من مراسم إطلاق صاروخ “فتَّاح-1″، كشف الحرس الثوري عن صاروخ “فتَّاح-2” من فئة الكروز، يصل مداه إلى 1500 كيلومتر. هذا الصاروخ يستطيع الطيران على ارتفاع منخفض للغاية، كما يمكنه تغيير مساره عدة مرات أثناء الطيران.

إيران الصاروخية قبل الثورة وبعدها
قبل الثورة الإيرانية عام 1979، كانت الولايات المتحدة أكبر حليف إستراتيجي للشاه “محمد رضا بهلوي”، وتمده بمعظم الأسلحة والذخائر والمعدات المتنوعة. أغلب هذه الأسلحة شملت الطائرات المقاتلة بشكل أساسي. ابتاعت حكومة الشاه من أمريكا أكثر من 160 مقاتلة من طراز “نورثروب إف-5” Northrop F-5 ما بين عامي 1963 و1973. هذه المقاتلات كانت رخيصة الثمن، وتُصنع إلى دول لا تستطيع شراء مقاتلات باهظة الثمن. كما ابتاع الشاه من أمريكا عددًا كبيرًا من مقاتلات “ماكدونيل دوجلاس إف-15إي”McDonnell Douglas F-15E لا تزال موجودة في الأسطول البحري الإيراني حتى الآن.
بعد فترة من الوقت، قرر الشاه إحلال مقاتلات “إف-5” بمقاتلات أحدث، فاشترى 60 طائرة من طراز “جرومان إف-14 تامكت” Grumman F-14 Tomcat. على هذا النحو أصبحت إيران في زمن الشاه تمتلك أكبر أسطل جوي في منطقة الشرق الأوسط.
عقب الثورة الإيرانية، وقطع العلاقات بين طهران وواشنطن، فرضت الولايات المتحدة عقوبات متنوعة على إيران؛ كان على رأسها حظر السلاح. لما وجد “الخُميني” أن بلاده عاجزة عن الحصول على أسلحة متطورة ومقاتلات حديثة تستطيع مجابهة الترسانة العراقية المستهدفة عمق الأراضي الإيرانية بالصواريخ الباليستية، أصدر أوامره بتدشين البرنامج الصاروخي الإيراني، ومع مرور السنوات راح يقطع مراحل كبيرة من التقدم على نحو ما رأينا.
كان البرنامج الصاروخي خيار إيران الأفضل في ذلك الوقت، حيث يمكنها استخدامه كأداة دفاع رادعة في الحرب تصل إلى الدول الأخرى دون حركة أو تحمل أعباء لوجستية أو تكبد خسائر مادية وبشرية، لذا تعتبر الصواريخ أحد أهم برامج التسليح وأكثرها تقدمًا في إيران حاليًا.
ويذكر عدد من الخبراء العسكريين أن الصواريخ بديلًا ممتازًا للطائرات المقاتلة، فهي لا تحتاج إلى العنصر البشري المتمثل في الطيارين إلى جانب تدريبهم على الطيران والمناورة، كما أنها أقل تكلفة من المقاتلات من حيث الإنتاج والتصنيع، وأقل خطورة على المدنيين كونها “ذات أهداف موجهة”.
كل هذه السمات جعلت إيران تسعى إلى تطوير برنامجها الصاروخي على مدار السنوات المنصرمة باعتباره أداة فعَّالة في “حرب الوكالة” بينها وبين أمريكا وإسرائيل، فأغلب الصواريخ التي يمتلكها حزب الله اللبناني وحزب أنصار الله اليمني (الحوثيون) أو الميليشيات الشيعية عمومًا، إما أنها إيرانية الصنع، وإما أنها محلية الصنع بتقنيات إيرانية.

خاص وكالة رياليست – د. محمد سيف الدين – دكتوراه في الأدب الشعبي الفارسي، وخبير في التاريخ والأدب الإيراني – مصر.