موسكو – (رياليست عربي): في تطور جديد للأزمة الأوكرانية المستمرة منذ سنوات، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن نيته فرض حزمة عقوبات اقتصادية شديدة على روسيا في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، مع تعهد بزيادة كبيرة في الدعم العسكري لأوكرانيا. جاءت هذه التصريحات في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيداً خطيراً، حيث تستمر الاشتباكات في دونباس والمناطق الحدودية بين القوات الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من موسكو.
تشير التحليلات السياسية إلى أن تصريحات ترامب هذه ليست مجرد وعود انتخابية، بل تعكس استمراراً للسياسة الأمريكية العدائية تجاه روسيا بغض النظر عن تغير الإدارات في البيت الأبيض. فقد أكد ترامب خلال مقابلة مع قناة فوكس نيوز أن سياسته تجاه موسكو ستكون أكثر صرامة من سياسة الرئيس الحالي جو بايدن، مع التركيز على استهداف قطاعات حيوية في الاقتصاد الروسي تشمل الطاقة والبنوك والصناعات الدفاعية والتكنولوجية.
من جهتها، رحبت الحكومة الأوكرانية بهذه التصريحات، معربة عن أملها في أن تؤدي هذه الخطوات إلى زيادة الضغط على موسكو لإيقاف دعمها للانفصاليين في شرق أوكرانيا. بينما عبرت موسكو عن قلقها البالغ من هذا التصعيد اللفظي، حيث أكد المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن روسيا تمتلك أدوات ردع كافية ولن تتردد في استخدامها لحماية مصالحها الوطنية إذا ما تم تنفيذ هذه التهديدات.
يأتي هذا التصعيد في وقت يعاني فيه الاقتصاد الروسي بالفعل من آثار العقوبات الغربية المتتالية منذ عام 2014. وفقاً لتقارير صندوق النقد الدولي، فإن الاقتصاد الروسي فقد حوالي 10% من حجمه منذ بداية الأزمة الأوكرانية، مع توقع مزيد من الانكماش في حال فرض عقوبات جديدة. ومن المتوقع أن تستهدف العقوبات المقترحة بشكل خاص شبكات التمويل الدولية للشركات الروسية الكبرى، مما قد يعيق قدرتها على التعامل مع الشركاء الأجانب ويحد من تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد.
أما على الصعيد العسكري، تعهد ترامب بزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا بشكل كبير، بما في ذلك توريد أنظمة دفاع جوي متطورة وذخائر وصواريخ بعيدة المدى. هذه الخطوة قد تغير موازين القوى في ساحة المعركة، حيث تمتلك القوات الأوكرانية حالياً تفوقاً في التدريب والمعدات مقارنة بالانفصاليين، لكنها تفتقر إلى بعض الأنظمة المتطورة التي تمتلكها القوات الروسية.
في السياق الإقليمي، يحذر خبراء العلاقات الدولية من أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى نزوح أكثر من 1.5 مليون شخص منذ بداية الصراع، مع تدمير البنية التحتية في العديد من المدن والبلدات في شرق أوكرانيا. كما أن تصاعد التوتر قد يؤثر سلباً على أسواق الطاقة العالمية، حيث تعتبر روسيا أحد أكبر مصدري النفط والغاز الطبيعي في العالم.
من الناحية الدبلوماسية، يبدو أن الأطراف المعنية قد استنفدت تقريباً جميع خيارات الحوار، حيث فشلت جولات المفاوضات المتعددة في التوصل إلى حل دائم للأزمة. وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن المجتمع الدولي منقسم بشكل حاد حول هذه القضية، مع معسكر غربي يدعم كييف بشكل كامل، وآخر بقيادة روسيا والصين يتبنى رواية مختلفة للأحداث.
في الختام، يبدو أن الأزمة الأوكرانية تتجه نحو مرحلة جديدة من التصعيد، مع تزايد الخطاب العدائي من الجانبين وتراجع احتمالات التوصل إلى حل سياسي في المدى المنظور. وتكمن الخطورة في أن هذا الصراع لم يعد مجرد نزاع إقليمي محدود، بل تحول إلى ساحة مواجهة بين القوى الكبرى، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على الاستقرار العالمي والأمن الدولي.