لندن – (رياليست عربي): الحضور اللافت لرئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، في الأزمة القائمة بين روسيا وأوكرانيا لم يأتِ من فراغ، فالمملكة المتحدة تعول على كييف لنشر فيروساتها السياسية الهادفة لتدمير القارة العجوز وتحقيق أهدافها التي وضعتها وخططت لها منذ الانسحاب من البريكست.
وفي مارس/ آذار 2011 قدم رئيس الوزراء البريطاني أمام مجلس العموم وثيقة “بريطانيا العالمية في عصر تنافسي”، حول السياسة الخارجية والدفاعية المستقبلية للندن، وتعد هذه الوثيقة نقطة تحول أخرى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وما أثار اللغط حول الوثيقة وقتها أن بريطانيا ترغب في تعزيز تحالفها بشكل وثيق مع الولايات المتحدة الأميركية في عالم محفوف بالمخاطر.
وحسب قول جونسون حينها، ستكون الولايات المتحدة أكبر حليف لبريطانيا وشريكاً وثيقاً في مجالات الدفاع والاستخبارات والأمن، من أجل الدفاع عن ما أسماه القيم والمصالح المشتركة، وهو ما يعتبر دبلوماسيون بريطانيون أن اللجوء إلى أميركا أمر حيوي وبنيوي، ويمثل بالنسبة للرئيس الأميركي جوزيف بايدن تعد فرصة كبيرة، خصوصاً أن واشنطن عمدت على تشجيع المملكة على الخروج من البريكست بهدف تفكيك الاتحاد الأوروبي، وإجهاض فكرة تشكيل جيش أوروبي موحد، وجعل دول القارة تحت الحماية الأميركية تتحكم في مقدرات عواصمها.
وعقب رحيل الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، سعى جونسون إلى العمل الجاد على استمالة بايدن وجذب انتباهه لمساعي بريطانيا ودورها العالمي الجديد كحليف وثيق للولايات المتحدة، ذلك أن زيادة الإنفاق العسكري البريطاني تتوافق مع أولويات الرئيس الأميركي الجديد الذي يسعى إلى تعزيز حلف الشمال الأطلسي (الناتو) والتعاون الأمني على ضفتي الأطلسي.
وفي التقرير الذي قدمه جونسون والذي جاء فى 100 ورقة، لخص كيف أن القوة العظمى الآسيوية تمثل تهديداً للأمن الاقتصادي للمملكة المتحدة وتحديداً لبريطانيا، ويركز التقرير الحكومي أيضاً على المخاطر التي تشكلها روسيا، فيما تعمل بريطانيا على التكيف مع العالم بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، حيث تريد التوجه لهذا الجزء من العالم الذي تمثل فيه الصين وروسيا تهديداً متزايداً لأمن البلاد.
ومع بداية العملية العسكرية الروسية لحماية دونباس، وجد جونسون الفرصة سانحة لبرهنة رؤيته وتقديم القرابين للحليف الأميركي، لذلك يعمل جاهداً على إطالة أمد هذه الحرب واستغلالها لدفع جيرانه على الخضوع لرغبات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وخلق حالة عدو وهمي متمثل في روسيا، ورغم قناعة لندن مدى احتياج الدول الأوروبية للطاقة الروسية يدفعهم للتورط في قرار الاستغناء عن هذه الإمدادات، وبالرغم من فشل جولته الخليجية لإقناع العرب بتعويض النفط والغاز لدول القارة رغم ارتفاع كلفة النقل، عاد يفخخ الأوضاع فى أوروبا مستغلاً أوكرانيا كجسر لتحقيق أهدافه البعيدة وبرهنة الولاء للحليف الأميركي.