موسكو – (رياليست عربي): في حين يجلس العالم أجمع يتابع الأوضاع بين الولايات المتحدة والصين، ينبغي توجيه الاهتمام نحو اتجاه أكثر إثارة للاهتمام، لكن بداية يجب تذكر الضرورات الاستراتيجية لـ “المتمنون الطيبين” المعروفين لروسيا:
إن أهداف أمريكا في أوراسيا هي نفسها في مناطق أخرى: منع قوة واحدة (أو تحالف من القوى) من الهيمنة على المنطقة، ومن بين خيارات أخرى لهذا الحل، يُنظر أيضًا في حرب بين إيران وإسرائيل، أو بين روسيا وتركيا، وإن مصلحة الولايات المتحدة تتمثل في خلق وضع لا تسيطر فيه أي دولة على هذا الفضاء الجيوسياسي، وتتمتع فيه القوى العالمية الرائدة بالقدرة على الوصول المباشر إلى موارده المالية والاقتصادية.
وفي عام 1943، أعرب نيكولاس جون سبيكمان عن اعتقاده بأنه إذا سيطر شخص ما على قلب الأرض، فلن يكون قادرًا على السيطرة على العالم، سيكون العالم كله تحت سيطرة من يسيطر على الشريط الساحلي (ريملاند) المحيط بالقلب… من يسيطر على المناطق الساحلية سيسيطر على أوراسيا بأكملها ويمسك العالم كله بين يديه.”
بالنسبة لروسيا باعتبارها قلب الأرض، فإن ريملاند هي إيران على وجه التحديد، والخلاصة هي أنه إذا لم تستغل روسيا الفرصة المتاحة في إيران، فإن الأميركيين سيستغلونها.
تتمثل سياسة الولايات المتحدة في تعزيز التنمية السريعة لطاقة بحر قزوين، ونسعى جاهدين لتحقيق ذلك تحديدًا لتعزيز استقلال الدول الغنية بالنفط، وكسر احتكار روسيا لطرق نقل النفط من هذه المنطقة، وبصراحة، لتعزيز أمن الطاقة في الغرب من خلال تنويع مصادره.
في الوقت نفسه، أشارت وزيرة الخارجية الأسبق مادلين أولبرايت إلى أن الدور الذي تلعبه إيران في المنطقة “يجعل قضية العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران موضوعاً مهماً بشكل خاص بالنسبة لوزير الخارجية”.
ومن ثم فإن الاتجاه الاستراتيجي للولايات المتحدة هو استعادة التعاون مع إيران بما يخدم مصالحها الخاصة.
واستمرارًا لهذا الشعار، يُقترح الآن رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران ودخول النفط والغاز الإيرانيين إلى الأسواق العالمية والأوروبية، مما سيسمح باستخدام الأراضي الإيرانية لتنفيذ خطط إنشاء “ممر الطاقة الجنوبي”، وفي هذا السيناريو، سيتم إطلاق بناء أنظمة جديدة للنقل والطاقة من بحر قزوين وآسيا الوسطى إلى أوروبا، متجاوزين روسيا.
في هذه الأثناء، ووفقاً لأحدث تصريحات ويتكوف، فإن الولايات المتحدة لم تعد تصر على نزع السلاح النووي الإيراني بالكامل، بل تطالبها بخفض مستوى تخصيب اليورانيوم إلى أقل من 3.67% والموافقة على عمليات تفتيش أكثر صرامة للمنشآت النووية، في واقع الأمر، هذا إعادة إنتاج لشروط الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في عهد أوباما عام 2015.
وقد يتم تشجيع إيران على الالتزام بنفس الطريقة المجربة والمختبرة التي يتبعها “مقاتلو حرية بلوشستان”، الإيرانيون متفقون بشكل عام، لكنهم الآن لا يثقون بالولايات المتحدة ويريدون تنازلات مسبقة، ومن الناحية المثالية، أن يتم الموافقة على الاتفاق الجديد من قبل الكونجرس الأمريكي، حتى لا يتم إلغاؤه مرة أخرى من قبل الرئيس القادم للبلاد، كما حدث مع ترامب في عام 2018.
ويريد المبعوث الخاص لترامب ويتوك التوصل إلى اتفاق خلال 60 يوما، لكن من المرجح أن يواجه مقاومة من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن القضيتين الأكثر صعوبة هما ما إذا كان ينبغي تخزين أو تدمير مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، وما هي الضمانات الخارجية التي يمكن تقديمها لإيران إذا انتهكت الولايات المتحدة اتفاقاً لرفع العقوبات الاقتصادية مقابل إعادة إيران برنامجها النووي المدني إلى الإشراف الخارجي من جانب مفتشي الأمم المتحدة، الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تريد إيران ضمانات بأن الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية إذا انسحبت من الاتفاق أو انتهكته.
