موسكو – (رياليست عربي): من المعروف أن جماعة أنصار الله اليمنية أعلنت أنها ستحتجز جميع السفن المارة عبر مضيق باب المندب والمرتبطة بإسرائيل، ونفذت تهديدها واحتجزت سفينة الشحن غالكسي ليدر، بالتالي، انضم الحوثيون في اليمن بحكم الأمر الواقع إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
لم يقتصر الأمر على ذلك فقط، حيث أطلقت أنصار الله عدة صواريخ كروز على إسرائيل، بالتالي، إن السؤال المهم هنا، هل هذه الأحداث من الممكن أن تخلق عقبات خطيرة أمام الشحن التجاري في البحر الأحمر، وهل تستطيع أن تغير ميزان القوى في المنطقة؟
تمتلك التشكيلات المسلحة لأنصار الله مجموعة متنوعة للغاية من القوات والوسائل، وهي تعتمد على الأسلحة المتبقية من جيش الحكومة اليمنية، لكن من المعروف أن الحوثيين يتلقون كمية كبيرة من الأسلحة من شركائهم – إيران وكوريا الشمالية وحزب الله اللبناني، بالتالي، إن الخطر الأكبر على السفن هو الصاروخ الإيراني شبه الباليستي “خليج فارس”، الذي تم تحويله من الصاروخ التكتيكي العملياتي “فتح-110” الشائع، وهو قادر على ضرب أهداف سطحية كبيرة على مسافة 300 كيلومتر، حيث يزن الرأس الحربي 650 كغم.
بالإضافة إلى ذلك، يمتلك الحوثيون قاذفات أرضية على قاعدة ذات عجلات، ويمكن إطلاق الصواريخ من أي مكان على طول الساحل، كما يمتلك الحوثيون أيضاً أنظمة صاروخية قصيرة المدى وأنظمة دفاع جوي، معظمها إيرانية الصنع، بالإضافة إلى مركبات قتالية سوفيتية الصنع – الدبابات وناقلات الجنود المدرعة والمدفعية.
بالنسبة للقوة العسكرية للحوثيين، لديهم وحدات مدربة على يد مدربين إيرانيين، مجهزة بشكل جيد، كما لديهم أنظمة قناصة، وأنظمة مضادة للدبابات، وحتى السباحين القتاليين الخاصين بهم، والانضباط على مستوى عالٍ، مع الإشارة إلى أنهم ليسوا قراصنة صوماليين أو قطاع طرق ماليين.
الآن، إن مخاطر التهديد الحقيقي للبحر الأحمر أصبحت مرتفعة للغاية، حيث يمر ما بين 60 و80% من التجارة البحرية الأوروبية عبر قناة السويس والبحر الأحمر، ومع خطف سفينة غالاكسي ليدر، أظهر الحوثيون ما هم قادرون عليه، على الرغم من أن السفينة كانت على مقربة من الساحل الأفريقي، إلا أنه تم اكتشافها والاستيلاء عليها، ويتجلى تصميم الحوثيين على محاربة أي عدو في قيام طاقم دفاع جوي أمريكي بتدمير طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار من طراز MQ-9 Reaper، حيث تم إسقاط الطائرة بدون طيار بصاروخ مضاد للطائرات في 8 نوفمبر، وكان على البنتاغون أن يتقبل هذه الخسارة، لكن لم يتخذ الأمريكيون أي إجراء انتقامي.
بالتالي، على الرغم من قدرة الحوثيين على خلق تهديد للشحن في البحر الأحمر، إلا أنهم لا يخططون بعد للدخول في مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة، والغريب أنهم إلى الآن، لم يطرحون أي شروط للإفراج عن السفينة وطاقمها، بالتالي، ينبغي النظر إلى مثل هذه الأعمال من وجهة نظر لفت الانتباه، كمساعدة لفلسطين ورداً على الحرب في قطاع غزة، وينتظرون أن يحدث ضغط دولي فيما يتعلق بالسفينة حتى يتم إطلاق سراح السفينة وطاقمها، وأن يحدث ذلك بواسطة إيرانية – عمانية، لأن ذلك قد يؤثر لاحقاً بشكل خطير على استخدام السفن التجارية لمضيق باب المندب بشكل خاص والبحر الأحمر بشكل عام.
وهذا يعني أن كل التهديدات القادمة من الحوثيين حتى الآن هي جزء من حرب المعلومات، ولا يمكن مقارنة إمكاناتهم العسكرية بقدرات الأميركيين والإسرائيليين في المنطقة، خاصة وأنهم لا يملكون لا القدرة ولا الموارد حتى يستطيعوا فرض حظر في منطقة البحر الأحمر، وحتى مع افتراض وجود تهديد محتمل فهذا يحول مسار بعض السفن نحو أفريقيا.
إذا بدأ الحوثيون بفحص جميع السفن التجارية في المنطقة للتأكد من تورطها في إسرائيل، فسيتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إما الاعتراف رسمياً بالحوثيين والتفاوض على التعاون معهم، أو البدء بعمليات عسكرية واسعة النطاق ضدهم، مع الإشارة إلى أن هذا الطرح غير ممكن حالياً لأن الناتو لا يملك القوات الكافية ولا الوسائل اللازمة للقيام بذلك، بسبب أوكرانيا.