وصفت الخارجية المصرية، بيان إثيوبيا حول مفاوضات سد النهضة، بأنه “وقع في كثير من المغالطات والتضليل المرفوض جملة وتفصيلاً “، ونفت تحقيق المفاوضات لأي تقدم ملموس في مفاوضات ملء وتشغيل السد، طبقاً لقناة سي ان ان الأمريكية.
يتدفق النيل الأزرق إلى مرتفعات إثيوبيا، حيث تتطلع أديس أبابا الآن إلى فرض المزيد من السيطرة على الحوض، فسد النهضة من الجانب الأثيوبي هو مشروع كهرومائي ضخم يمتد على طول نهر النيل، يزود المنقطة كلها بالطاقة الكهربائية، يضاف إلى أن هذا المشروع من المقرر تشغيله في هذا العام “2020” لكن لم يتوصل الشركاء مصر وأثيوبيا والسودان إلى حل بما يتعلق به، لجهة تهديده لمواردهم الطبيعية حسب تعبيرهم.
إلى ذلك دعت الإدارة الأمريكية إلى أن تلعب دور الوسيط لحل هذا الخلاف وكسر الجمود في المفاوضات التي تمت حول السد، وبمساعدة الرئيس الأمريكي شخصياً لحل هذا النزاع الطويل، إلا أن هذا الأمر بما يتعلق بمصر فهو يمس أمنها القومي نظراً لأن جل إعتمادها على مياه نهر النيل التي تشكل 90% من إحتياجاتها، وتأتي مخاوفها من أن يعيق سد إحتياجاتها المائية، وما هذه المفاوضات إلى لدرء نزاع قد لا ينتهي إلا بحرب إن لم يتم إيجاد حل يرضي الدول المنخرطة في هذا النزاع.
إن هذه المفاوضات لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، ويجب النظر أن هناك طرفاً وحيداً يحاول التعطيل، ففي الوضع السابق وإبان فترة حكم الرئيس السوداني المخلوع حسن البشير، إصطفت الخرطوم مع أديس أبابا، ووقفتا في وجه مصر، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل كان هناك تصريحات عدة تطاولت فيها السودان على مصر، لكن السؤال الأهم، ما هو سبب عدم الاتفاق، ولماذا كان دور السودان في المفاوضات الأخيرة، دوراً عادياً وكأنها خارج المفاوضات؟
إن العلاقة التي تربط أديس أبابا وتل أبيب على ما يبدو قوية إلى حد ما، فزيارة آبي أحمد رئيس وزراء أثيوبيا الأخيرة إلى إسرائيل بحث فيها الجانبان العديد من القضايا ومن بينها الجانب الاقتصادي، فيما لإسرائيل مصلحة مستقبلية في إضعاف مصر، من بوابة الأمن القومي المائي، فإسرائيل تتمسك بإحتلالها للجولان السوري ومزارع شبعا من البوابة المائية لأنها على يقين أن حرب الماء لا تقل أهمية عن حرب الطاقة، وما دخول واشنطن بشخص رئيسها نفسه إلا تأكيداً على ذلك.
من هنا، يبدو أن السودان الجديد، لم يكترث بعد إلى الخطر المقبل عليه ما بعد سقوط عمر البشير، إلا أن أثيوبيا تتلاعب على قدر المستطاع للإستئثار بمياه النيل بما يخدم مصالحها وحدها، بينما تتطلع مصر لأن تتحمل أديس أبابا تعهداتها وإلتزاماتها وآخرها ما إتفق عليه في العام 2015، لكن على المقلب الآخر، تعمل القاهرة على الدفاع عن أمنها القومي المائي بكل ما تملك من قوة، فإن لم تنجح من خلال الدبلوماسية مع شريكيها، ستبحث عن حلول أخرى، وآخرها ما يمس إقتصادها القومي والذهاب نحو حرب، فهل تنجح الولايات المتحدة في مساعدة الدول الثلاث والوصول إلى حل، يبقى الجواب فيما ستؤول إليه الأوضاع في القادم من الأيام.
فريق عمل “رياليست”