لواندا – (رياليست عربي): في العام الجديد، ستفقد منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وزنها قليلاً، وستنسحب أنغولا، إحدى الدول الإفريقية الرائدة في إنتاج النفط، من الكارتل، وهي الهاربة الأولى من أوبك خلال السنوات الأربع الماضية، رغم أن مثل هذه الحالات حدثت أكثر من مرة في الماضي.
هذه المرة، جاءت هذه المساعي على خلفية انخفاض كبير في حصة أوبك الإجمالية في إنتاج الذهب الأسود العالمي، ومع ذلك، لا يعتقد المحللون أن رحيل أنغولا يشير إلى وجود أزمة في الكارتل.
وأعلن وزير الموارد الطبيعية الأنجولي، ديامانتينو أزيفيدو، انسحاب بلاده من منظمة أوبك، وبحسب ممثل الدولة الإفريقية التي تنتج نحو 1.1 مليون برميل يومياً (17 عالمياً والثالثة إفريقيا بعد نيجيريا والجزائر)، فإن عضوية أنغولا في الكارتل لم تعد تخدم مصالحها الوطنية.
أسباب الرحيل
لم تكن أنغولا سعيدة جداً بقرار أوبك + الأخير بتمديد قيود الإنتاج، وذكر ممثلو الدولة في المنظمة أنهم يرغبون في الحصول على 1.18 مليون برميل يومياً، أي ما يزيد بنحو 80 ألفا عن الآن، هذه الكميات صغيرة على المستوى العالمي، لكن أنغولا واجهت ضغوطاً قوية جدًا من المملكة العربية السعودية، التي تعمل بحد ذاتها على خفض الإنتاج وتطلب نفس الشيء من بعض “صغار النفط”.
والمفارقة في هذا الوضع هي أن الإنتاج في أنغولا يتراجع، ومنذ عام 2016، انخفض بمقدار 700 ألف برميل يومياً، أي ما يقرب من تسعة أضعاف الزيادة المحتملة التي أشعلت الصراع برمته، علاوة على ذلك، كانت أنغولا في الماضي تترك حصصها قصيرة بشكل منتظم، وتعاني البلاد من نقص مزمن في الاستثمار في قطاعها النفطي، وهذا هو سبب تراجعه.
وفي الوقت نفسه، تبلغ الاحتياطيات المؤكدة للجمهورية الأفريقية حوالي 10 مليار برميل، مما يسمح بالإنتاج بالوتيرة الحالية لمدة 30 عاماً تقريباً – وهي فترة طويلة جداً وفقاً للمعايير العالمية المتوسطة، كما تلوم القيادة الأنغولية منظمة أوبك على ذلك، الأمر الذي لا يعطي حرية العمل الكاملة لصناعة النفط الوطنية.
وقد يكون للقرار أيضاً آثار سياسية، وفي نوفمبر 2023، زار الرئيس الأنغولي جواو لورنسو نظيره الأمريكي جو بايدن، ووعد الأميركيون بجلب استثمارات بقيمة مليار دولار إلى البلاد، منها 900 مليون دولار لمشروع تطوير الطاقة الشمسية، ونظراً للعلاقات الباردة للغاية بين واشنطن واللاعبين الرئيسيين في منظمة أوبك، فإن الجذور الأمريكية وراء قرار أنغولا يمكن رؤيتها بوضوح، حتى لو لم تتم مناقشة مساعي لواندا المحتملة بشكل مباشر.
وفي كل الأحوال، فإن الأفارقة الذين انضموا إلى منظمة أوبك في عام 2007 (في وقت حيث كانت الحصص تمثل في واقع الأمر مبادئ توجيهية وليست التزامات) يتوقعون الحصول على بعض الحرية فيما يتعلق بمواردهم.
بالنسبة لمنظمة أوبك وأوبك+، أدى البيان إلى انخفاض فوري في أسعار النفط في الأسواق العالمية بنسبة واحد ونصف%، ومع ذلك، سمحت أخبار أخرى خلال الأيام القليلة التالية بعكس الانخفاض، ومن وجهة نظر فنية بحتة، لا توجد مشكلة خاصة في رحيل أنغولا، وبحسب رئيس معهد الطاقة والتمويل، مارسيل ساليخوف، فإن أنغولا لا تمثل سوى حوالي 6% من إنتاج أوبك وحوالي 4% من إنتاج أوبك+، ومع ذلك، من المهم أن أنغولا في الواقع ليس لديها قدرة إنتاجية حرة ولا يمكنها التأثير على السوق العالمية.
بالتالي، يُنظر إلى مساعي أنغولا على أنها أحد أعراض التوترات داخل أوبك وأوبك +، وقد قيل إن هذه “الرحلة” قد لا تكون الأخيرة، ولم تتفق جميع الدول بشكل فعال مع موقف المملكة العربية السعودية بضرورة الالتزام بتكتيكات الحد الصارم من الإنتاج، يمكن للرياض، أن تحافظ على مستويات إنتاج منخفضة لسنوات، وهو ما لا يمكن قوله عن أعضاء الكارتل الذين يكافحون من أجل إدارة ميزانياتهم الخاصة والذين يعتبر كل برميل أمراً حيوياً بالنسبة لهم.