موسكو – (رياليست عربي): بالتزامن مع العرض (الأمريكي – الأوكراني) لوقف الحرب والمعارك في جميع الجبهات بين الجانبين الروسي والأوكراني ولمدة 30 يوماً، وهو الأمر الذي سيناقشه الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) يوم الغد الثلاثاء في اتصال هاتفي مع فخامة الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين):
- عين الرئيس الأوكراني (فولوديمير زيلينسكي) رئيساً جديداً لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، هو الجنرال (أندريه جيناتوف) خلفاَ للجنرال (أناتولي بارغيليفيتش)، الذي عُيّن هو الآخر في منصب كبير مفتشي وزارة الدفاع الأوكرانية، حيث وصف زيلينسكي الجنرال جيناتوف بأنه مقاتل بارع.
- فيما صرَّح عمدة العاصمة الأوكرانية كييف (فيتالي كليتشكو)، بأنّ روسيا الإتحادية، ورغم العرض (الأمريكي – الأوكراني) لوقف إطلاق النار، قد شنّت هجوماً باستخدام طائرات مُسيّرة على المدينة، مُضيفاً أنّ وحدات الدفاع الجوي الأوكرانية كانت تردّ على الهجوم الروسي الذي تسبب بإنفجاراتٍ شتى بعد أن أطلقت موسكو أكثر من 90 طائرة مُسيّرة إيرانية من طراز “شاهد” على تسع مناطق أوكرانية.
وفي الوقت الذي ما زالت فيه موسكو تدرس عرض واشنطن لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً على طول خط الجبهة بين القوات الروسية والأوكرانية:
صرح الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) بأن فرنسا والمملكة المتحدة لن تُقدم فقط ضمانات أمنية لأوكرانيا بعد أي وقف لإطلاق نارٍ محتمل مع روسيا الإتحادية لا يفرض نشر “عدد كبير” من الجنود في أوكرانيا، بل إن باريس ولندن ستقومان بإرسال وحدات عسكرية ستكون مكونة من عدة آلاف من الجنود المدربين إلى مواقع رئيسية في أوكرانيا دون الحاجة إلى أي إذنٍ من روسيا الإتحادية.
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الروسية والعالمية:
- تحدث العديد من المراقبين والمحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف تطورات الحرب (الروسية – الأوكرانية) وتأثيرها على الأوضاع الأمنية والعسكرية واللوجيستية ليس فقط في بلدي طرفي النزاع، وإنما تأثيرها على الصعيدين الإقليمي والدولي أيضاً، فأكدوا بأن الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) سيناقش مع الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) خلال هذا الأسبوع وقف إطلاق النار الذي اقترحته الولايات المتحدة الأمريكية.
- ويعتقد قسم كبير من الخبراء الروس، مثل الخبير الأمني والعسكري الروسي (ستانيسلاف تكاتشينكو) بصفته أستاذ العلوم السياسية في جامعة سان بطرسبورغ الحكومية، أن اللقاء الذي عقد في جدة، قد شهد موافقة كييف على الفكرة الأمريكية لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً، ولذلك أرسل الإقتراح إلى روسيا الإتحادية بعد أن وصفت إدارة زيلينسكي ذلك بالإنتصار، على الرغم من أنها رفضت في السابق وقف إطلاق النار من بدون ضمانات أمنية.
- ويضيف الخبير الروسي (ستانيسلاف تكاتشينكو) أن نتائج المفاوضات في جدة كانت متناقضة تماماً لأن الوفدين لم يناقشا الإنتخابات في أوكرانيا. ولذلك بقيت هذه القضية حاضرة على جدول أعمال الدبلوماسية الأمريكية، بما في ذلك ضمن السفارة الأمريكية في كييف. أما فيما يتعلق بالضمانات الأمنية، فإن مثل هذا الوعد سيضع الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة مع روسيا الإتحادية، لأنه من الواضح أن الرئيس (دونالد ترامب ليس لديه أي نية للقتال في أوكرانيا.
- لهذا السبب، كما يتابع الخبير الروسي (ستانيسلاف تكاتشينكو) فإن موافقة الوفد الأوكراني المفاجئة على هدنة لمدة 30 يوماً تعدّ استسلاماً فعلياً من قبل قيادة كييف واعترافاً بعجزها عن هزيمة موسكو، لأن القوات المسلحة الأوكرانية تعاني بالفعل من الهزيمة في منطقة كورسك وخاصة بالقرب من سوجا، وكذلك في مناطق أخرى على الجبهة. وفي هذه الظروف، يبدو تراجعها عن وعودها السابقة وموافقتها على مبادرة واشنطن منطقياً، وهو ما يحتم على الجانب الروسي أن يستوعب بأن العدو الأوكراني، سيستغل وقف إطلاق النار لإعادة تنظيم صفوفه. ولذلك فإن الجانب الروسي سيحاول أن يوضح موقفه حالياً للوسيط الأمريكي، عندما يجتمع مسؤولون من إدارة ترامب مع المسؤولين الروس لسماع وجهة النظر الروسية، وكذلك سيكون الأمر يوم الغد خلال الإتصال الهاتفي المنتظر بين الرئيسين بوتين وترامب، حيث سيقدم الجانب الروسي للأمريكيين وجهة نظر مضادة للجانب الأوكراني.
- وهنا يؤكد خبير سياسي وأمني وعسكري آخر، هو الخبير الأمريكي المخضرم (إدوارد هيلمور) بأن السيد (ستيف ويتكوف)، وبصفته المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) إلى روسيا الإتحادية وكذلك إلى أوكرانيا، قد أكد بأن النقاش السياسي الذي سيدور بين الرئيسين بوتين و ترامب خلال هذا الأسبوع سيكون إيجابياً للغاية لأن الرئيس ترامب مصمم لإنجاز نوع من الإتفاقات السلمية بين كييف وموسكو خلال الأسابيع المقبلة.
- ويؤكد الخبير (إدوارد هيلمور) أنه ولهذا السبب على ما يبدو، أعلنت وزارة الخارجية الروسية بأن وزير الخارجية الأمريكي (ماركو روبيو) قد اتصل بنظيره الروسي (سيرجي لافروف)، حيث أعلنت الوزارة أن الوزير سيرجي لافروف قد اتفق بالفعل مع ماركو روبيو على إحياء الإتصالات دون ذكر الجانب الروسي لوقف إطلاق النار المقترح. ومن بعدها مباشرةً زعم السيد ويتكوف أن الرئيس بوتين قد وافق مبدئياً على مبدأ وقف إطلاق النار. لكنه بقي غامضاً بشأن الشروط التي سيطلبها أو يقبلها.
- فيما رأت خبيرة سياسية ثالثة، هي الخبيرة الفرنسية (أنجيليك كريسافيس)، أن الرئيس الفرنسي أصرّ على أنه لا يمكن للأوكرانيين، تحت أي ظرف من الظروف، تقديم تنازلات إقليمية دون حصولهم على أي ضمانات أمنية، لاعتقاده بأن روسيا الإتحادية لا تعطي، ولا تريد أن تعطي حتى، أي انطباعٍ بأنها تريد السلام بصدق، نظراً لأن الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) يريد تصعيد القتال لأنه يريد الحصول على المزيد من الأراضي الأوكرانية، ومن بعدها فقط سيقوم ببدء مفاوضات السلام لوقف القتال.
- فيما يرى خبير رابع، هو الخبير العسكري والأمني الأمريكي (شون ووكر)، أن قوة تنفيذ حفظ السلام في أوكرانيا سوف يتطلب عشرات الآلاف من الجنود، فإذا كان من المقرر لهذه القوات أن تقف حاجزاً بين الجيش الأوكراني النظامي الذي يبلغ قوامه مليون جندي، والقوات الروسية المتقدمة والتي يبلغ عددها نحو 650 ألف جندي، فإنه من الأفضل لقوات الفصل هذه أن تكون (قوات حفظ سلام) متعددة الجنسيات، خاصةً وأن الولايات المتحدة الأمريكية قد لا تكون داعمة لهذه القوات.
- ويتابع الخبير العسكري والأمني الأمريكي (شون ووكر) أن هذا العبء الثقيل يتجاوز بكثير متطلبات ما يسمى (مجموعة أدوات وقف إطلاق النار) التي صاغها خبراء عسكريون أمريكيون وأوكرانيون وروس سراً ونشرت خلال هذا الشهر، حيث أشارت معلومات المجموعة إلى أن 5000 شرطي و10000 عسكري داعم سيكونون كافيين لمراقبة منطقة عسكرية عازلة بعرض 5 كيلو مترات، أي ما يعادل (3 أميال) على طول الجبهة (الروسية – الأوكرانية) بأكملها، إلا أن هذا كان مشروطاً بموافقة روسيا الإتحادية على سحب المعدات العسكرية الثقيلة، وإنشاء ممرات إنسانية، والتنسيق العسكري المشترك.
- ويضيف الخبير (شون ووكر) أن أغلبية القوات التطوعية للدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، هي لدول مثل النرويج وتركيا، فضلاً عن دول في منطقة آسيا والمحيط الهادي من تلك التي أعربت أيضاً عن اهتمامها، وهو الأمر الذي يثير القلق، لأنه وفي حال فشلت تلك القوات بتحقيق السلام في أوروبا، فقد يكون لذلك تداعيات في أماكن أخرى من العالم، وقد تكون هناك عواقب في المحيط الهادي نفسه.
- ولهذا السبب تريد روسيا الإتحادية تحقيق نتائج سياسية ملموسة غير النتائج العسكرية التي تحققت في حال أرادت الدول الغربية من موسكو وقف عملياتها العسكرية ضدَّ نظام كييف، وهو الأمر الذي دفع نائب وزير الخارجية الروسي (ألكسندر جروشكو) ليعلن بأن روسيا الإتحادية ستطالب من أعضاء حلف شمال الأطلسي استبعاد أوكرانيا من عضوية الحلف، وبقائها محايدة في أي اتفاق سلام مزمع.
- وفي سياق الرد الأوكراني على هذه التصريحات والمطالب الروسية الرسمية، تحدث الرئيس الأوكراني (فولوديمير زيلنسكي) مع رئيس الوزراء الكندي الجديد (مارك كارني) موضحاً له العديد من النقاط بشأن ضرورة تكثيف الضغط على موسكو، من خلال تعطيل عمل سفن أسطول الظل الروسي، وتعطيل عمل القطاع المصرفي الروسي من خلال فرض عقوبات شاملة على كل من يُموّل حرب روسيا الإتحادية، وهو الأمر الذي سيناقشه (مارك كارني) اليوم في باريس خلال زيارته لفرنسا التي سيجري فيها محادثات مع الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) بشأن تطورات الحرب في أوكرانيا، قبل أن يسافر كارني من بعدها إلى لندن حيث سيلتقي رئيس الوزراء البريطاني(كير ستارمر).
- وهنا تحدث خبير عسكري وأمني خامس، هو الجنرال (بن هودجز)، القائد السابق للقوات الأمريكية في أوروبا، فأكد أن الأوروبيين والأوكرانيين يخطئون فيما يتعلق بعمليات حفظ السلام في أوكرانيا، لأنهم يفكرون في طلب المساعدة من الخوذ الزرقاء، وهي يجب أن تفوض من قبل منظمة الأمم المتحدة، وهم يخطئون للغاية، لأن هذا التفويض لن يحترمه الروس أبداً، ولن يكون لدى الأوربيين والأوكرانيين أي أمل للنجاح في هذه الحالة، لأن قوات الفصل بين الجانبين يجب أن تمتلك (قدرات ردع حقيقية).
- ويضيف الجنرال (بن هودجز)، القائد السابق للقوات الأميركية في أوروبا، أنه بالإضافة إلى الدروع والقوة النارية والعناصر المساعدة، يجب أن تتمتع قوات الفصل بين الجانبين الروسي والأوكراني بالسلطة اللازمة لاستخدامها على الفور، بحيث إذا حلقت أي طائرة روسية بدون طيار في الأجواء، فسيكون عليهم إسقاطها فوراً بدون الحاجة للاتصال ببروكسل أو بأي عاصمة أوروبية أخرى لطلب الإذن من أجل القيام بهذا القرار العسكري، خاصة وأن الجانب الروسي سيختبر مصداقية عمل هذه القوات منذ الساعات الأولى لنفاذ قرار الفصل بين الجانبين الروسي والأوكراني.
- ويعود السبب في وجهة النظر هذه، لأن الدول المساهمة في قوات (حفظ السلام الأوروبية) لم تتفق بعد على هذه الصلاحية، ولا يوجد إجماع بهذا الصدد، ولا يوجد حتى أي جواب روسي نهائي على المقترح (الأمريكي – الأوكراني) فيما يتعلق بهذا الأمر، نظراً لأن روسيا الإتحادية قد أوضحت بأنها تعارض فكرة نشر قوة متعددة الجنسيات في أوكرانيا. ولهذا السبب بالذات، علق وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على المبادرة الأوروبية لإرسال قوات حفظ السلام، وتحدث عنها ساخراً فقال: (إن هذه المبادرة الأوروبية بشكل عام، هي موقف جريء من قبل الأوروبيين أنفسهم، لكنه موقف سياسي يرقى إلى الإستمرار في استفزاز نظام كييف ودفعه إلى الحرب ضد روسيا الإتحادية).
خاص وكالة رياليست – حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.