إن العدوان الأمريكي على دولة ذات سيادة وهي العراق وعلى الحشد الشعبي والذي هو جزء من الجيش العراقي وبقرار رسمي من البرلمان العراقي، حيث يعتبر أحد أهم القوى التي حاربت داعش والجماعات الإرهابية المسلّحة، ومع ذلك تم الاعتداء على مقراته والذي لا يمكن فهمه إلاّ لأنّ تلك الفصائل تعتبر إسرائيل هي العدو التالي، وأنه ينسّق مع محور المقاومة ويطالب بخروج القوات الأمريكية وإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق وإنهاء اتفاقيّة الشراكة بين العراق وما يسمّى التحالف الدولي وخاصة بعد العدوان الأمريكي على الحشد الشعبي.
والأخطر والأهم هو قيام أمريكا بجريمة اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد لوا ء القدس والذي يُعتبر الذراع العسكرية للحرس الثوري في المنطقة المشتعلة سواء في العراق أم سورية والمقاومة اللبنانية والفلسطينية بجناحها العسكري.
وبالتالي هذه الجرائم التي أرتكبتها أمريكا والتي ضربت عرض الحائط بكل المواثيق الدوليّة وبكل المعاهدات لتقوم بهذه الجريمة الوحشيّة والتي سيكون لها نتائج خطيرة ليس فقط على صعيد المنطقة بل ربما على العالم في حال بدأ النزاع بأدواته الصلبة والتي ربما تجعل كرة النار تنتشر ولن تصب في مصلحة الوجود الأمريكي وربما يتم تغيير وجه المنطقة نظراً للإمكانات التي تمتلكها إيران كالموقع والامتداد والموقف والإيمان بأن أمريكا بكل إداراتها لا تفهم إلاّ بلغة القوّة وهذا ما تدركه القيادة الإيرانية خاصة بعد الحصار الاقتصادي والذي أسماه جواد ظريف (الإرهاب الاقتصادي).
من جهة اخرى تدرك القيادة الإيرانيّة مكامن القوّة والضعف عند الأمريكي بحكم موقع ومكانة إيران ودورها الإقليمي منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979. وبالوقت نفسه تدرك الإدارة الأمريكية بأن فشلها في تحقيق الأهداف مما سميّ بالربيع العربي ودورها الهام خاصة بعلاقاتها المميّزة مع روسيا والصين ..إضافة لدورها في تقوية محور المقاومة والذي يبدو بات أكثر قوّة وأكثر تنسيقاً والتمكن من تجاوز الكثير من العقوبات الأمريكية بما فيها الملف النووي والذي رغم خروج الإدارة الأمريكية من الاتفاق، ووضع أمريكا شروطاً لمقايضة الملف النووي بموافقة إيران على صفقة القرن وتشجيع سورية والتي بدأت تخرج من الحرب الكونيّة الدامية للقبول بتسوية تتضمّن وقف دعم المقاومة بأشكاله.
لذلك نعتقد بأن الأمور تتّجه نحو التصعيد الذي قد يؤدي إلى خروج أمريكا من العراق ومن سوريّة ..وليس اندلاع حرب محدودة ببعيد، خاصة بعد الاستهداف الأمريكي وإغتيال الجنرال قاسم سليماني ومرافقيه مع أبو مهدي المهندس رئيس أركان الحشد الشعبي. بالتالي المواجهة بعدة أشكال قد تطال محوراً بكامله خاصة قوات الحشد الشعبي العراقي وحرس الثورة الإيراني؛ إلا إذا باللحظة الأخيرة تم رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، وكف الإدارة الأمريكية بالتدّخل في العلاقة الإيرانيّة – العراقيّة.
نعتقد بأن عملية الاغتيال واستهداف الحشد الشعبي العراقي ستكون (القشّة التي قصمت ظهر البعير) لأن المواجهة كانت مؤجلة نتيجة وعي وحنكة وتأني القيادة الإيرانية، أمّا بعد جريمة الاغتيال مختلف عمّا قبلها.
أخيراً، يمكن القول بأن الوضع خطير وحسّاس ولا يمكن أن تعود الأمور لما قبل تاريخ الاغتيال والتي تُعتبر نقطة فاصلة كون الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس هما من حارب الإرهاب ولهما مكانة خاصة لدى محور بكامله…والسؤال المطروح هل ستدفع أمريكا ثمن العمى الاستراتيجي بتخطيها لكل الخطوط الحمراء.
خاص وكالة “رياليست” – الأستاذ طالب محمد زيفا – باحث سوري في الشؤون الدولية.