مع اعتراض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فور نجاحه في الانتخابات الأمريكية، أعلن انسحابه من خطة العمل الشاملة المشتركة والمعروفة باسم “الإتفاق النووي”، وذلك اعتراضًا على ما جاء في بنود الاتفاق الذي وقعه سلفه باراك أوباما بالاتفاق مع مجموعة الـ (5+1)، على اعتبار أن الاتفاق منقوص، وسيؤدي إلى حصول إيران في وقت ما على السلاح النووي، فضلًا عن ما تحصل عليه طهران من دعم مالي من الولايات المتحدة الأمريكية يقدر بـ 1.8 مليار دولار، بالإضافة إلى الاستثمارات الأوروبية في المجالات المختلفة.
ومع الانسحاب الأمريكي آحادي الجانب والذي تم في مساء الثامن من مايو من عام 2018، بدأت واشنطن بعدها سلسلة من العقوبات على الجانب الإيراني، تراوحت تلك العقوبات بين العقوبات النفطية والاقتصادية فضلًا على العقوبات على البرنامج النووي الإيراني وعلى عدد من العلماء والعاملين في البرنامج النووي الإيراني.
لكن السؤال هنا، هل بالفعل خرقت إيران الاتفاق النووي قبل انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منه؟، وللإجابة على ذلك السؤال لابد من الإشارة إلى عدة شواهد في ذلك السياق وهي:
- انتهاك قرار مجلس الأمن الدولي، رقم 2231، من خلال تصريحات رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، التي أكد فيها إن بلاده لم توقف أنشطتها النووية حتى بعد الاتفاق الذي أبرمته عام 2015 مع القوى العالمية الست، لافتًا إلى أن طهران اشترت سرًا أثناء المفاوضات النووية، أنابيب بديلة لمفاعل آراك، حيث يقول في مقابلته التي بثها التليفزيون الإيراني ونقلتها “تايمز أوف إسرائيل“: “كان من المفترض صب الإسمنت في أنابيب مخازن الوقود في مفاعل أراك لإغلاقه نهائيًّا، وقد فعلنا هذا.. لكنني قمت بعد ذلك بشراء أنابيب أخرى مشابهة بنفس العدد وبعلم أعلى شخصية في النظام فقط (المرشد الأعلى علي خامنئي) والآن نمتلك هذه الأنابيب».
- ما جاء في رسالة خامنئي التي أصدرها في الثاني من فبراير من العام الجاري، حيث طلب من الإيرانيين ضرورة عدم الوثوق في الأمريكيين ولا الأوروبيين على اعتبار أنهم لا يوفون بأي اتفاق أو عهد، وهو ما دعاه إلى تكليف صالحي بتغيير أنابيب الوقود بمفاعل آراك النووي اعتمادًا على عدم الثقة في الجانب الغربي، بالإضافة إلى تطوير المنظومة الصاروخية والباليستية.
- تصريحات النائب في البرلمان الإيراني، مهرداد لاهوتي، أن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية كان قد أبلغ نواب الكتلة المستقلة في البرلمان رسميًا بعد العقوبات الأمريكية على قطاع الطاقة أن أنه لا طريق أمام إيران إلا إنتاج الطاقة النووية، معبرًا “نستهلك حالياً لكل مفاعل حوالي ألف ميغاوات ما يعادل 11 مليون برميل للنفط”.
- في مايو من عام 2017 وقبل عام واحد من إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من الاتفاق النووي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو أن بلاده حصلت على آلاف المستندات والوثائق التي تجرم برنامج إيران لتصنيع أسلحة نووية، مؤكدًا أن إيران نقلت برنامج الأسلحة النووية عام 2017 إلى موقع سري قرب طهران، كما عرض نتنياهو وقتها العديد من الصور التي تثبت أن إيران لديها رؤوسا نووية، ما دعا الحكومة الإسرائيلية إلى الإعلان عن أن إيران تمتلك مشروعًا سريًا لتصميم وإنتاج واختبار رؤوس حربية بالمخالفة لبنود الاتفاق النووي.
خاتمة
يبدو أن إيران قد خرقت الاتفاق النووي قبل أن تعلن الولايات المتحدة الأمريكية انسحابها أحادي الجانب من ذلك الاتفاق، حيث كانت تلك المعلومات هي الأساس التي بنت عليه واشنطن انسحابها من خطة العمل الشاملة المشتركة، وذلك في محاولة لتقويض النفوذ الإيراني ونشر الميليشيات المسلحة في المنطقة العربية، وما يثبت صحة تلك المعلومات ما جاء في تهديدات الجانب الإيراني بتقليص التزامات إيران من الاتفاق النووي على فترات كان أخرها إدخال مجموعة من 30 جهاز للطرد المركزي IR-6 على مفاعل آراك النووي، لتطوير تخصيب اليورانيوم لـ 10 أضعاف سرعة IR-1 التي كانت إيران تستخدمها بالفعل.
محمد خيري- خاص لوكالة أنباء «رياليست»