موسكو – (رياليست عربي): انتهت قصة الدعوى التي رفعتها كييف ضد روسيا أمام محكمة العدل الدولية. تم رفض جميع مطالبات الجانب الأوكراني تقريبًا، كما تم رفض أي تعويض.
لا “تمويل” ولا “إرهاب”
أصدرت محكمة العدل الدولية ومقرها لاهاي قرارا في قضية ” أوكرانيا ضد روسيا: تفسير وتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”، وتضمنت الدعوى التي رفعتها أوكرانيا في يناير/كانون الثاني 2017، على وجه الخصوص، اتهامات لموسكو بانتهاك الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
في الحالة الأولى، زعمت كييف أن روسيا قامت بتمويل وتزويد “الجماعات المسلحة” بالأسلحة، والتي شملت جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، وحاولت أوكرانيا إثبات انتماء الأخير إلى منظمات إرهابية من خلال تورطهم المزعوم في الهجوم على رحلة الخطوط الجوية الماليزية MH17، وقصف المناطق السكنية في ماريوبول وكراماتورسك، وكذلك الانفجار الذي وقع في تجمع حاشد في خاركوف عام 2015.
ووجدت المحكمة أن الحجج التي قدمتها كييف غير مقنعة، ولم تجد أي “تمويل” أو “إرهاب”، ورفضت هذه الادعاءات وتركت المدعي دون أي تعويض، وكما تشير وزارة الخارجية الروسية، فإن الظرف الأخير له أهمية خاصة في ضوء حقيقة أن أوكرانيا كانت تأمل في دعم مطالبها بنقل الأصول الروسية المسروقة في الغرب وفرض قيود دولية على روسيا بالهدف المنشود لكن الحكم فشل.
وكما أكدت ماريا زابولوتسكايا، نائب الممثل الدائم للاتحاد الروسي لدى الأمم المتحدة، فإن كذبة أوكرانيا هي أن دونيتسك ولوغانسك يشكلان “منظمات إرهابية” التي أصبحت الأساس لشن الحرب ضد دونباس وأدت بعد ذلك إلى الوضع الحالي.
وفي الوقت نفسه، يؤكد هذا القرار بشكل خاص على ما كانت كييف تعتمد عليه عند تقديم المطالبة، والحقيقة هي أنه في أوكرانيا، لم يتم الاعتراف بدونيتسك ولوغانسك في وقت بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة، لذلك لا يمكن تلبية مطالباتها في المحكمة إلا في حالة واحدة – إذا كان القرار تم إجراؤها لأسباب سياسية وليست قانونية.
بالإضافة إلى ذلك، لم تقدم أوكرانيا وثائق تشريعية تؤكد الوضع الإرهابي لدونيتسك ولوغانسك، علاوة على ذلك، استمرت المفاوضات حتى عام 2022 بمشاركة كييف وممثلي الجمهوريات، حيث حاولت أوكرانيا تقديم ذلك كأمر مسلم به، وأعربت عن أملها في أن تهزم الحسابات السياسية القانون الدولي والحس السليم.
مسألة أخرى أن هناك دعوى قضائية أخرى رفعتها كييف، وهذه المرة بشأن انتهاك مزعوم للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، بدأت “تفلت” منذ البداية.
وقال ممثلو أوكرانيا إن اعتقال أعضاء منظمات حزب التحرير وجماعة التبليغ ومجلس شعب تتار القرم (الثلاثة معترف بهم على أنهم متطرفون ومحظورون في الاتحاد الروسي) هو اضطهاد لتتار القرم على أساس عرقهم، بالإضافة إلى ذلك، حاولت كييف إثبات تورط روسيا في “عمليات قتل واختطاف” للأوكرانيين وتتار القرم للأسباب نفسها، ولم تؤكد المحكمة أياً من ذلك، كما لم تظهر أي علامات تمييز عنصري في النظام القانوني لمنح الجنسية لسكان شبه الجزيرة وفي حقهم في الاجتماعات والمسيرات، بالتالي، إن محاولة المحامين في كييف لإثبات “الكارثة الثقافية” التي يُزعم أن السلطات الروسية خلقتها من خلال ترميم قصر خان في بخشيساراي، انتهت بالنتيجة نفسها.
وكانت النقطة الوحيدة في هذا السياق التي انحازت فيها المحكمة إلى جانب أوكرانيا هي تقليص عدد المدارس التي تدرس باللغة الأوكرانية، “هذا حكم مثير للجدل إلى حد ما، خاصة بالنظر إلى استنتاج المحكمة بأن اختيار سكان القرم للدراسة باللغة الروسية كان طوعياً بحتاً، هل كان على السلطات الروسية فعلاً إجبار الأطفال على الالتحاق بالمدارس الأوكرانية؟ وعلقت وزارة الخارجية الروسية على هذا القرار، كما هو موضح في وزارة الخارجية، سيستمر توفير فرصة الدراسة باللغة الأوكرانية للجميع وفقاً للتشريعات الروسية.
إن مرحلة النظر في القضية من حيث موضوعها لا تزال أمامنا، ولكن كما لاحظ الخبراء، فإن موقف أوكرانيا السيئ في البداية أصبح أضعف، والواقع أن كييف، كما فعلت جورجيا في عام 2008، حاولت ربط القضايا السياسية والإقليمية الواقعة خارج نطاق اختصاص محكمة الأمم المتحدة باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وفي الوقت نفسه، مورست ضغوط خارجية على المحكمة، وأرسلت 32 دولة محاميها “لدعم” المطالبات الأوكرانية، لكن ضرر هذه المبادرة أكثر من نفعها.
بالتالي، من بين قائمة الاتهامات بأكملها، لم يتبق في كييف سوى تهمة واحدة بين يديها، يتعلق الأمر بتصريحات المسؤولين الروس حول الإبادة الجماعية لسكان دونباس، وتصر أوكرانيا على أن هذه الأطروحات كاذبة، ومع ذلك، كمدعية، فهي مجبرة، في جوهرها، على إثبات براءتها بنفسها، فقد وضعت كييف نفسها في قفص الاتهام كجزء من مطالباتها الخاصة.