في الوقت الذي تفرض فيه البنوك اللبنانية قيوداً مشددة على سحب العملات، كانت المصارف هدفاً للمتظاهرين الليلة الماضية في حي الحمرا بوسط العاصمة اللبنانية – بيروت. وحُطمت واجهات البنوك وماكينات الصرف الآلي وأصيب العشرات في مواجهات مع الشرطة اللبنانية، طبقاً لوكالة رويترز للأنباء.
تتخذ الإحتجاجات اللبنانية الغاضبة منعطفاً خطيراً وصل إلى حد الإضرار بالمنشآت العامة والبنى التحتية، على خلفية إستئثار المصارف بأموال المودعين اللبنانيين والعرب والأجانب على حدٍّ سواء، وسط مخاوف إنهيار إقتصادي وشيك، بعد التطورات الأخيرة والتي بدأت منذ السابع عشر من شهر أكتوبر/ تشرين الأول للعام 2019، دون أية بارق امل حول حلول مرتقبة عقب إستقالة سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني السابق، الأمر الذي رافقه تعطيل تشكيل الحكومة الحالية رغم موافقة دميع الأطراف بإستثناء فريق 14 آذار الذي صعد الإحتجاجات بدءا من مدينة طرابلس عاصمة الثورة على حسب تعبير ثوارها المحتجين.
إن ضبابية المشهد اللبناني أوضح أن الأزمة الخانقة هي بسبب سوء إدارة المصارف وإنتهاجها الإستحواذ على العملة والقطع الأجنبي، وعدم السماح لأي مواطن بسحب مدخراته إلا بملغ بسيط لا يتجاوز بين 300 – 500$ فيما بلغ سعر الصرف رقماً عالياً لا يتناسب طرداً والأوضاع الحالية في عموم لبنان.
فالرئيس المكلف حسان دياب، ورغم موافقة غالبية أعضاء الحكومة إلا أن سعد الحريري أرسل بحلفائه على الأرض للتعطيل، الأمر الذي قد يفاقم الأوضاع لتأخذ منحىً خطيراً ويحول الوضع إلى حرب أهلية كل الظروف والمناخات باتت مناسبة لإستقبالها، فبحسب المواطن اللبناني الذي يتحدث عن أنه بات متسولاً رغم توفيره لمبالغ من الأموال، لكن المقلق في الأمر إذا ما قررت البنوك إعلان إفلاسها وخسارة الناس لمدخراتها فستكون الشعرة التي قسمت ظهر البعير، في حين أن هناك تساؤلات مقلقة تتحدث عن أن الصيارفة تستطيع أن تصرف الكثير من الأموال دون معرفة من أين لها هذا، في حين أن هناك سندات بقيمة 2.5 مليون دولار أمريكي مستحقة الدفع في العام 2020، فهل ستستطيع لبنان تجاوز هذه المحنة أم بات الإنهيار وشيكاً!!!
فبسبب قيود المصارف أصبح كل شيء ممكناً في لبنان، وأصبح قطع الطرق وسيلة للتعبير عن سوء الأحوال المعيشية، فلم تكن إستقالة الحريري هي الحل ولا جزءا من الحل، بل جل إهتمام الشارع اللبناني في إيجاد بديل من خارج الطغمة الحاكمة وهذا ما لا يمكن تحقيقه بسبب طبيعة لبنان وتركيبتها الطائفية، فهل الحكومة المكلفة اليوم قادرة على إحتواء الأزمة الاقتصادية بدءا من أزمة المصارف، وأين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الخارجية جبران باسيل، ورئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون من كل هذه الاحداث؟
من هنا، إن من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل أن يبقى الوضع هستيرياً في لبنان، لأسباب كثيرة أهمها الضغط الشعبي على حزب الله وتحميله مسؤولية هذا العجز لاحقا بطريقة أو بأخرى والمطالبات بسحب سلاحه الأمر الذي سيشكل تدهورا للأوضاع عبر إستخدام العامل الاقتصادي لتركيع الشعوب، ما ينذر أن جرس الإنذار قد بدأ بالرنين فما إن يتم إيجاد مخرج حقيقي للأزمة وإحتواءها أو سيكون لبنان مقبلا على عاصفة ستطيح بالجميع ولا أحد في مأمن منها.
فريق عمل “رياليست”