واشنطن – (رياليست عربي): إن الوضع في منطقة البحر الأحمر يتطور بسرعة، بعد إعلان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن عن إنشاء قوة متعددة الجنسيات لحماية الشحن في البحر الأحمر على خلفية الهجمات المتزايدة التي تشنها جماعة أنصار الله اليمنية، ظاهريا “غريب” بدأت الأمور تحدث، ولكن أحداث متزامنة.
أولاً، نفذ الحوثيون هجومين على السفن التجارية في جنوب البحر الأحمر، حسبما ذكرت القيادة المركزية الأمريكية، تعرضت ناقلة المواد الكيميائية والنفط سوان أتلانتيك لهجوم بطائرة بدون طيار وصاروخ باليستي مضاد للسفن تم إطلاقه من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.
وفي الوقت نفسه تقريباً، تم اختطاف سفينة تجارية من قبل “مهاجمين مجهولين” قبالة سواحل الصومال، وهذه هي أول عملية اختطاف لسفينة تجارية من قبل قراصنة صوماليين منذ اختطاف السفينة أريس 13 في عام 2017، كل هذا بدأ يثير المخاوف بشأن تزايد عدم الاستقرار في الشحن العالمي، وكما كتبت بلومبرغ، فإن “الحرب بين إسرائيل وحماس بدأت تتخذ بعداً آخر وتهدد بتقويض الاقتصاد العالمي”.
أما بالنسبة للبحر الأحمر، فقد توقفت حركة الشحن هناك عمليا، مع توقف ناقلات النفط وتغيير سفن الحاويات مساراتها حول أفريقيا، ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية، انخفضت إيرادات ميناء إيلات الإسرائيلي هذا الشهر وحده بنسبة حرجة بلغت 80 بالمائة، لكن ثلث التجارة البحرية للولاية تمر عبر هذا الميناء، إسرائيل تنقذها وجود البحر الأبيض المتوسط، ولكن الوضع في حوض هذا البحر قد يتغير.
وبالإضافة إلى إسرائيل، تجد مصر والأردن نفسيهما في وضع صعب، إذا تم إغلاق البحر الأحمر أمام الملاحة لفترة طويلة، فسيتم إغلاق قناة السويس بأكملها، وهذا يعني ناقص 10% من التجارة العالمية و30% من دخل القاهرة، يوجد في الأردن ميناء بحري واحد فقط، وإذا تم حظره، فسوف تضطر عمان إلى طلب المساعدة من إسرائيل، وتشعر أوروبا أيضاً بالتوتر، لأن البحر الأحمر يمثل ثلث إجمالي الشحن البحري.
وإذا بدأت الشركات ترفض العمل، ستتوقف وسائل النقل، على سبيل المثال، يمر عبر الممر المائي يومياً 9 ملايين برميل من النفط، يتم إرسالها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وتركيا، وفي الاتجاه الجنوبي تتأثر الإمدادات من روسيا، حيث تقرر إعادة توجيه السفن عبر رأس الرجاء الصالح، وهناك خلفية أكثر عالمية تشير إليها رويترز: فقد أصبحت قناة بنما ضحلة وجافة، وأصبح مضيق هرمز غير آمن، وأصبح الطريق البحري الشمالي الآن مغطى بالجليد، والآن أصبحت قناة السويس، التي تمثل عنق الزجاجة للتجارة العالمية، مهددة أيضاً.
من يقف وراء أزمة البحر الأحمر؟
لا تملك التحليلات العالمية والخبرة العامة إجابة محددة على هذا السؤال، هناك العديد من المنشورات التي تتحدث فقط عن كيفية تأثير الأزمة في البحر الأحمر على التجارة العالمية وسوق المواد الهيدروكربونية، وتصف السيناريوهات الأكثر روعة لمزيد من التطورات، وفي الوقت نفسه، يدرك الجميع السبب الجذري للتصعيد الحالي: الحرب بين إسرائيل وحماس، وعلى هذا الأساس يتم بناء سلسلة منطقية من التفكير، والتي يشير العديد من الخبراء الغربيين إلى إيران، لكن طهران تنفي بكل الطرق تورطها في أنشطة الحوثيين في البحر الأحمر، ويزعمون أيضاً أن نوعاً من “التحالف المناهض لإسرائيل” موجود أو يتم إنشاؤه بمشاركة بعض دول الشرق الأوسط.
وفي مقابلة مع الجزيرة، قال المسؤول السابق في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والخبير في المعهد العربي بواشنطن، تشارلز دن، إن “الهجوم على السفن في البحر الأحمر يزيد من تكلفة الصراع في غزة على المجتمع الدولي، مع إدراك حجم الانتقام المباشر من إسرائيل والولايات المتحدة”.
لكن في الوقت نفسه، لم توافق أي دولة في حوض البحر الأحمر حتى الآن على الانضمام إلى التحالف الأمريكي باستثناء البحرين، على الرغم من أن مصر، على سبيل المثال، قادت في السابق دوريات في البحر الأحمر والمياه قبالة سواحل اليمن لتعزيز أنشطة المراقبة وحظر نقل الأسلحة والمخدرات.