لم تحسم بعد جدلية الإنتخابات الأمريكية على الرغم من تربع المرشح الديمقراطي جو بادين على رأس لائحة المقترعين في عموم الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي قلت حظوظ الرئيس دونالد ترامب، الذي أودت سياسته الخارجية العالم إلى خراب لم يشهد له مثيل.
من هذه المقدمة، نتبين أن حكم جو بايدن للولايات المتحدة، حكماً ليس يسيراً بالمعنى العام، فالسنتين الأولى من الحكم إن كان هو الرئيس ستكون تصحيح مسارات مختلفة لسلفه ترامب، مع مراعاة إبقاء الود كما هو مع إسرائيل، لا بل سيكون في تطور أكثر، فلقد صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متفاخراً بأنه صديق مع بادين من أكثر من 40 عاماً، ولهذا التصريح دلالاته لمن يقرأ ألف باب السياسة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
من الخاسر الأكبر في العهد الأمريكي الجديد؟
يبدو وبدون مقدمات أن الخاسر الأكبر هي تركيا إن كان بايدن هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، فعلى الرغم من أن هناك ساسة في البيت الأبيض ستبقي على النقاط الأساسية للقرارات والتحالفات التي نسجها ترامب، لكن سيكون للبعض منها حدود وللبعض الآخر قيود، إذ أنه من المعروف أن تركيا هي حلقة مهمة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكن كانت قد أخذت انقرة مساحة أكبر من حجمها وبالتالي لن تكون بذات الزخم كما في عهد ترامب.
وبالتالي يلاحظ في الآونة الأخيرة نشاط تركي غير مسبوق في سوريا، وتحديداً في الشمال السوري، لجهة الميدان والتحصينات، فلم يقتصر الأمر على تفكيك نقاط مراقبة هنا أو هناك، بل بدأت بتفكيك جدران إسمنتية كانت قد وضعتها على حدودها مع سوريا من جهة الشرق وتحديداً في منطقة الدرباسية، والواضح أنه ومن خلال هذا التصرف ستعمل تركيا على إدخال تحصينات جديدة، وتوسعة رقعة نفوذها، مخافة قرار أمريكي مفاجئ بإنسحاب قواته أو على الأقل إعطاء دور أكبر لقوات سوريا الديمقراطية – قسد، فبالأمس تحديداً، أعلنت الأخيرة عن تشكيل ذراع عسكري جديد لها لحراسة النفط السوري يدعم من قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
ما يبين أن تركيا تشعر بقلق حقيقي ريثما يستقر الوضع الأمريكي، خاصة وأن السعودية والإمارات قد يلتفون حولها بما يطيح بهذا التحالف القائم بين أنقرة وواشنطن، فالأمور لا تنذر بالخير حالياً، لكن هذا لا يعني أن سوريا ستسفيد جراء ذلك، بل على العكس، سيزداد الضغط الأمريكي ربما أكثر من السابق.
من هنا، تعمل تركيا على تحصين نفسها، وقدراتها العسكرية، والفراغ الذي قد يتركه ترامب، ستقوم روسيا بتعبئته، لكن تركيا رقم صعب في الملف السوري، وتزداد ممارساتها وحشية يوماً بعد يوم، فيجب الأخذ بعين الإعتبار سيطرتها على مئات الآلاف من الإرهابيين والمرتبطين بتنظيم القاعدة والتنظيمات الجهادية الأخرى، ولذلك سيعلم المتابع دور أنقرة المقبل بعد إستقرار نقاط مراقبتها الجديدة ودورها في الشرق السوري.
فريق عمل “رياليست”.