القاهرة – (رياليست عربي): أتابع جميع وسائل الإعلام المصرية بكافة أشكالها من صحفاً ورقية ومواقع إلكترونية وقنوات تلفزيونية ومحطات الراديو، بشكل يومي سواء الوسائل داخل مصر أو المتواجدة خارجها، بالتأكيد كلا المجموعتين لديها مزايا وعيوب، لكن أريد التركيز على أحد أجدد المواليد في الإعلام المصري والذي يحظى باهتمام رسمي وإعلامي غير مسبوق، وهي قناة “القاهرة الإخبارية”، ورغم أنني من المتحمسين والداعمين لقيام مثل هذه التجربة الفريدة وما سبقها من تجارب لم تحظي باهتمام ولا دعماً وبالتالي كان مصيرها ليس الأفضل أو المتوقع على عكس القناة الجديدة، التي تسعدني لانتشار مراسليها في البؤر الساخنة حول العالم، وخاصة دول صنع القرار السياسي مثل الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا.
نقد مهني
كذلك عناوين الأخبار سواء في منشورات مواقع التواصل الاجتماعي أو على الشاشة، طويلة ومملة وأحياناً ما يتم استخدام مفردات غير منطقية مثل “السيد الرئيس” وأحياناً “الرئيس المصري” رغم أن الرئيس السيسي شخص مشهور جداً محلياً بالتأكيد وإقليمياً وكذلك دولياً، بالمناسبة هنا في أمريكا الكثيرين يعرفون اسمه وصورته من النشرات الاخبارية في الراديو والقنوات التلفزيونية، بينما نجد الأسماء المختصرة لمسؤولين مغمورين حرفياً على شاشة القناة ويتم التعامل معهم بأن الجميع يعرف من هذا الشخص!!
ورغم أنني لم أكن متحمساً لقناة “الوثائقية” التي لحقت بشقيقتها “القاهرة الإخبارية” بعد أسابيع معدودة، إلا أنه تفكيراً إيجابياً للاستحواذ على حصة من هذا السوق المتنامي مع مراعاة التطوير الدائم للمنتجات الإعلامية لكل القناتين، لكن ما أثار تحفظي كباحث أكاديمي مهتم بنقد وتطوير الإعلام، هو كيف تخرج مذيعة في قناة موجهة للعرب وناطقة باللغة العربية، وشعرها مصبوغ باللون الأصفر، وكذلك ترتدي زي يظهر جزء من جسدها، رغم أنه كان زياً رائعاً من ناحية الموضة لكنه لا يصلح لمذيعة أخبار ولا لقناة شبه رسمية تتوجه برسالتها إلى مجتمعات محافظة! لأن أول عوامل وصول الرسالة الإعلامية هو اختيار الجمهور بدقة ومخاطبته بقناعاته حتى لا يكون مصير القناة مستقبلاً كما هو حال قناة الحرة الأمريكية التي سلكت نفس التوجه لفرض الثقافة الغربية ولم يعد لها تأثير ملموس وفقاً لإحصائيات المشاهدة التي لا تخفى على أحد!
الدعم المعلوماتي.. ضرورة
أدركت قطر مبكراً أن الإعلام لديه عصا موسى لتغيير الواقع في لمح البصر بشرط مراعاة الضوابط العلمية التي تستعين بعلم النفس والعلم الاجتماعي لمخاطبة الجماهير عن بعد، وهذه العلوم تتطور يومياً، لذلك نجحت قناة الجزيرة الإخبارية لأنها دُعمت بشكل أساسي بمعلومات على درجة عالية من “الحساسية” وكل العاملين المطلعين في الوسط الإعلامي والبحث العلمي مثلي يعرفون هذا الأمر، كذلك قنوات قوية ومؤثرة عربياً مثل العربية السعودية وسكاي نيوز عربية الإماراتية وكذلك قناة روسيا اليوم وقناة TRT التركية وكذلك شبكة BBC البريطانية وشبكة CNN الأمريكية، والسؤال الذي بالتأكيد لا أنتظر إجابة عليه، لماذا لا يتم تبني قناة القاهرة الإخبارية كما حدث ويحدث وسيحدث دوماً في كل دول العالم.
إعادة هيكلة الإعلام الإخباري الرسمي
لتحقيق أعلى فائدة وأفضل إنتاجية، من المستحسن أن يتم إلغاء القنوات المتشابهة لقناة القاهرة الإخبارية لتحقيق عشرات الفوائد منها إفساح المجال لتحظي بمشاهدة محلية وإقليمية ما يمنحها طاقة انطلاق قوية مستقبلاً، وكذلك توفير النفقات الموجهة للقنوات المتشابهة مثل النيل الاخبارية وإكسترا نيوز وإكسترا لايف، مع مراعاة إعادة توزيع العمالة في القنوات التي سيتم إلغاءها، والتركيز علي قناة واحدة ثم التوسع في إصدار نسخاً إضافية من القناة وفقاً لاحتياجات السوق والفترة الزمنية وما يتوافر من موارد مالية، إذ لا يختلف أحد أن الإعلام يحتاج لضخ مليارات الدولارات ليكون مؤثراً حقيقياً مثلما حدث مع السعودية عندما استحدثت قناة “الشرق” التي تغير اسمها بعد انتقادات المعارضة المصرية في الخارج لأنها تملك قناة مشابهة ليتحول اسم القناة السعودية إلى “الشرق بلومبرج”، وهي ذراع إعلامي يضاف للإمبراطورية الإعلامية القوية للمملكة، وتحصل هذه القناة على انفرادات عديدة أسبوعياً حول الأوضاع الاقتصادية والسياسية في مصر وهو ما يجب أن يتحول إلى قناة القاهرة الإخبارية لدعم المنتج المحلي.
الثلاثي الحرج.. إسرائيل وإيران وكوريا الشمالية
سيظل تواجد مراسلين دائمين في كلاً من إسرائيل وإيران أمراً في غاية الحساسية لكن في الوقت ذاته لا يمكن تجاهل هاتين الدولتين في صناعة القرار السياسي والاقتصادي الاقليمي والدولي، فالأمر الواقع يفرض نفسه، أما بخصوص كوريا الشمالية والتي تعتبر دولة معزولة عن العالم، لن يكون مفيداً تواجد مراسل دائم إذ يمكن تغطية أخبارها النادرة جداً من خلال وسائل إعلام محلية أو وكالات أنباء عالمية من باب اقتصاد النفقات!
قناة القاهرة الإخبارية “الإنجليزية“
أخيراً، لست مطلعاً على رؤية القائمين على القناة لكن ما يحبذ أن يوضع في الاعتبار هو إطلاق قناة ناطقة باللغة الانجليزية والتعاقد مع شركات كابلات التليفزيون الأرضي في أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا وغيرها من الدول، لضمان أن تصل هذه القناة المستقبلية للمشاهدين في الدول المتقدمة والتي يقوم مواطنيها بالضغط على الحكومات لتشكيل القرارات السياسية والاقتصادية، وبالتأكيد يجب أن يكون ما لا يقل عن 80% من المذيعين والصحفيين في القناة الجديدة من غير العرب الناطقين باللغة الانجليزية، وذلك إتباعًا للحكمة العربية القائلة: “أهل مكة أدري بشعابها”.
خاص وكالة رياليست – مصطفى النجار – صحفي برلماني وباحث أكاديمي – مصر.