قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن خطوات مصر في ليبيا ودعمها لقائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) خليفة حفتر غير مشروعة، وجاء تصريح أردوغان تعليقاً على تدخل محتمل من مصر في الصراع الليبي والذي ساندت فيه أنقرة القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطنية المعترف بها دولياً في طرابلس على صد هجوم من الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر على العاصمة، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
هذا التصريح جاء عقب ما صرح به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: “مصر لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أي تهديد مباشر للأمن القومي المصري والليبي، وذلك بعد أن طالب البرلمان الليبي المتحالف مع حفتر القاهرة هذا الأسبوع بالتدخل العسكري في الصراع”.
منذ بداية الأزمة الليبية، وتصاعد الخلافات بين حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج، وقوات شرق ليبيا، بقيادة خليفة حفتر، إتخذت مصر خطوات تقريب النظر وحل الأزمة عبر الوسائل السياسية، معتبرة أن الأعمال العسكرية لن تحل هذه الأزمة، لكن بعد تطور الصراع ودخول قوى دولية وإقليمية على خط الأزمة، تلمست مصر وجوب تحركها بما يضمن أمنها القومي خاصة وأن ليبيا دولة عربية شقيقة وتربطها حدود مشتركة، فطلب مجلس النواب الليبي، من القاهرة مساعدتها في مواجهة المعسكر الآخر، يأتي في إطار التعاون العربي – العربي المشترك، خاصة وإن مس ذلك أمن البلدين، وهذا حق للدولتين.
أيضاً، يأتي التصريح التركي، من مبدأ وجود بعض الدول العربية التي تقف مع الموقف التركي(قطر و تونس) و دول تقف بشكل غير قوي مع الموقف المصري- الجزائر، فأنقرة تعرف كيف تلعب على هذه التقلبات، وإن نجحت في بعض الأمور في السنوات الأخيرة الماضية، لا يعني أنها ستواصل نجاحها، شرعية أي تدخل عسكري مصري مرتقب موجودة، فإستدعاء البرلمان الليبي للجيش المصري هو له مشروعية أقوى من مشروعية التدخل التركي، فالبرلمان الليبي يمثل الشعب الليبي كونه أتى بإنتخابات، كذلك نداء مشايخ و أعيان القبائل الليبية لمصر يعطي شرعية أقوى بكثير من شرعية اتفاقيات حكومة الوفاق نع أنقرة، حكومة الوفاق الليبية أتت عن طريق اتفاق دولي في الصخيرات(المغرب) و جدير بالذكر فإن الجيش الليبي كان طرف في هذا الإتفاق. إذن نحن أمام نداء من جانب الجيش الليبي و نداء من جانب البرلمان الليبي، ونداء مشايخ و أعيان القبائل الليبية للقيادة المصرية. في حين أن الوجود التركي في ليبيا قائم على وجود حكومة و إن كانت طرف في اتفاق الصخيرات، إلا أنها بمرور الوقت أثبتت انها تتعامل مع أطياف الجماعات الإرهابية الدولية و على رأسها تنظيم القاعدة “المحظور على أراضي الاتحاد الروسي”.
لذلك من الطبيعي أن يكون للتدخل المصري المرتقب شرعية تفوق بمراحل شرعية تدخل دولة بعيدة جغرافياً عن ليبيا و دولة تستخدم الارهابيين العاملين في سوريا كمرتزقة في العمليات العسكرية داخل أراضي الدولة الليبية.
إن عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي – الناتو، كان من الممكن أن يكون نافعاً لها إلى حد ما، لولا الموقف الفرنسي الذي بدا مخالفاً للسياسة التركية، فإذا ما إقتضت الحاجة، لن يحارب مع تركيا أحد، في حال قررت مصر المواجهة، وهو أمر مستبعد في الوقت الحالي، لكنه سيناريو مطروح وله دلالاته السياسية والعسكرية، فوجود أنقرة في ليبيا وسوريا ودخولها على خط الأزمة الأرمنية – الأذربيجانية لا يعني أنها القوية التي لا تقهر، بل يعني أن وقت المواجهة من الدول المنخرطة في هذه الملفات لم يحن بعد.
من هنا، كل من يكثر من التصريحات، ويراهن على تحقيق الإنجازات كحالة تركيا اليوم، أمر له مؤشراته، ودلالاته، لأن حجم الملفات التي أدخلت تركيا نفسها فيها بدأ يتوسع كثيراً، وهذا له تبعاته، فالسكوت عن الممارسات الأخيرة على مختلف الأصعدة لا يعني أن لا مواجهة، فالتبدلات الدولية والتغيرات تتغير يوماً بعد يوم. و الدول التي لها مصالح استراتيجية حقيقية في ليبيا- مصر يبدو أنها لن تصمت على أي خطر يهددهذه المصالح.
فريق عمل “رياليست”.