في إطار الحملة الأوروبية لمكافحة التطرف والإرهاب شهدت منصة « زووم » ندوة عن بعد بعنوان « دور الفكر والتعليم في محاربة التطرف : كتاب السراب مثالاً». وقد نُظمت هذه الندوة تحت إطار التجمع الأوروبي لمكافحة التطرف والإرهاب بالتعاون مع دائرة البحث والتحليل الجيوسياسي في باريس، المعهد النمساوي للعلاقات الدولية في فيينا، المركز الحكومي الأوروبي للتواصل الإستراتيجي في بروكسيل، معهد العلاقات الإستراتيجية والإستشراف في جامعة الصداقة بين الشعوب في موسكو، جمعية الصحافة الأوروبية للعالم العربي في باريس، مركز خبراء رياليست الروسي في موسكو.
وقد تميزت هذه الندوة بمشاركة عدد كبير من الأكاديميين والسياسيين والمختصين والدبلوماسيين من ١٠ دول أوروبية هي فرنسا، اسبانيا، وبلجيكا، ايطاليا، النمسا، روسيا، فنلندا، النروييج، المجر والسويد. وقد ركزت هذه الفعالية على موضوعات إستراتيجية على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة للأمن القومي الأوروبي، ومن أهمها دور الفكر والتعليم الوقائي في مواجهة التطرف، ودور التعليم الوطني في محاربة انتشار التطرف والإرهاب في المجتمعات الأوروبية. كما توقفت الندوة عند الجهود المميزة لدولة الإمارات العربية المتحدة في محاربة التطرف والإرهاب، ومنها التجربة التعليمية لكتاب « السراب » لمعالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وهو من الأعمال المرشحة لجائزة نوبل للآداب للعام الجاري لدوره الهام في مكافحة الإيديولوجيات الإسلامية المتطرفة.
في البداية شدد الدكتور نضال شقیر الإستشاري الحكومي الإستراتيجي وأستاذ التواصل الاستراتيجي والعلاقات الحكومية في باريس على « أهمية إستمرار معركة محاربة الأفكار المتطرفة والإرهابية التي تشكل الخطر الأكبر على الأمن القومي الأوروبي والمجتمعات الأوروبية والعالمية »، ودعا « الى تظافر الجهود في هذا الإطار ودعم هذه الحملة التي بدأت في عام ٢٠١٨، وتوسيع التعاون الدولي لمحاربة هذا الوباء الذي يهدد قيم المجتمعات الإنسانية ». وأضاف الدكتور شقير أنه « في الوقت الراهن وفي ظل خطر الأفكار المتطرفة فإنه من الضروري إعطاء الأولوية لتشجيع الجهود الفكرية والتعليم الوقائي، ودعا باسم المشاركين الحكومات الأوروبية الى صياغة مواد تعليمية خاصة بمكافحة التطرف والإرهاب وإدخالها في المناهج التعليمية لكافة الفئات العمرية ». أستاذ التواصل الإستراتيجي والعلاقات الحكومية في باريس، اشاد بجهود دولة الإمارات العربية في مكافحة التطرف والإرهاب واعتبر أن « جهود أبوظبي الحثيثة في هذا الإطار هي جهود مميزة وإستراتيجية ومقدرة اوروبياً وتدل على وعي كبير ومسؤولية إنسانية كبيرة يجب أن تشكر عليها». مضيفاً « التجربة التعليمية لكتاب السراب لمعالي الدكتور جمال سند السويدي هي تجربة ناجحة ومشجعة بكل المقاييس ويمكن أن تشكل حجر أساس إستراتيجية حديثة لمكافحة التطرف تستند بشكل أساسي على التعليم الوقائي للحد من انتشار الأفكار المتطرفة ».
وفي هذا الإطار أكدت بوريانا آبرغ، النائب في البرلمان السويدي ورئيسة بعثة السويد في مجلس أوروبا على أن « العالم شهد في السنوات الأخيرة تمدد الإيديولوجيات والأفكار المتطرفة التي تهدد القيم الديمقراطية والإنسانية وهو آمر غير مقبول ويجب أن يقابل بتعاون دولي اكبر من خلال مشاركة التجارب بين الدول للحد من هذه الآفة ». وأضافت آبرغ أن « المعايير الأوروبية المتخذة حالياً للحد من التطرف هي معايير غير كافية ويجب أن يضاف اليها معايير اخرى، وبالتالي هنا يأتي دور المفكرين والتعليم الوقائي لتعريف المجتمعات بماهية الأيديولوجيات المتطرفة وأهدافها ومخاطرها، وأيضاً يأتي دورهم الهام في شرح أن الإيديولوجيات الإسلامية المتطرفة لا تمت بصلة بقيم الديانة الإسلامية والمسلمين». وقد اشادت رئيسة بعثة السويد في مجلس أوروبا بالتجربة التعليمية لكتاب السراب للمفكر الإماراتي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي معتبرة أنها تجربة هامة تستحق التوقف عندها والإستفادة منها.
بعدها شدد الدكتور جوردي زوكلا عضو مجلس النواب ومجلس الشيوخ الاسباني السابق، على « أننا أمام معركة طويلة ضد آفة تهدد القيم الديموقراطية الأوروبية، خاصة وأن بعض الدول تشهد حرباً ونزاعات دينية على غرار حروب القرون الوسطى ». واعتبر الدكتور زوكلا أن « فصل الدين عن السياسة هو جوهري في القيم الأوروبية، ويجب محاسبة من يستعمل الدين في السياسية بشكل حازم » داعياً « إلى تعاون بين الدول الأوروبية لوضع إستراتيجية جديدة لمكافحة التطرف والإرهاب، تستند إلى الجهود الفكرية والتعليم الوقائي للتخفيف من آفة التطرف التي ضربت المجتمعات الأوروبية ». كما وصف عضو مجلس النواب ومجلس الشيوخ الإسباني السابق التجربة التعليمية الإماراتية لكتاب السراب لمعالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي بالمميزة وتمنى الإستفادة منها أوروبياً لبلورة إستراتيجية حديثة لمكافحة التطرف والإرهاب.
أما الدكتورة آغنس فاداي، النائب في البرلمان المجري ونائب رئيس لجنة الدفاع والقوانين فدعت إلى حماية المفكرين « لأن لهم دور محوري وأساسي لمواجهة الإيديولوجيات والتصرفات المتطرفة التي انتشرت بشكل كبير في المجتمعات الأوروبية ». نائب رئيس لجنة الدفاع والقوانين في البرلمان المجري اشارت ايضاً إلى ضرورة واهمية التعليم الوقائي لخلق أجيال جديدة تعي خطورة التطرف وتمنت أن تستمر هذه الحملة وأن تنظم المزيد من الفعاليات في مختلف البرلمانات الأوروبية لدورها الاساسي في التوعية من مخاطر التطرف والإرهاب. بدورها اعتبرت آلفيينا آلميتسا، النائب في البرلمان الأوروبي عن فنلندا، عضو لجنة الشؤون الخارجية أن الجهود الفكرية والتعليم الوقائي عاملان أساسيان لمكافحة التطرف والحد من انتشاره، وركزت على أهمية انخراط الشباب في الجهود والمعركة ضد التطرف وقالت « إننا في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي نعمل على الترويج لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم ٢٢٥٠ الذي يدعو إلى دور اساسي للشباب في عملية بناء السلام العالمي ».
في موازاة ذلك، اعتبر الدكتور ديمتري آيغورشينكوف مدير معهد العلاقات الإستراتيجية والاستشراف في جامعة الصداقة بين الشعوب في موسكو أن التطرف أصبح آفة عالمية لا حدود لها بالتالي « دور المفكرين والتعليم الوقائي محوري وأساسي لحماية الأجيال القادمة من هذه الآفة». هذا فيما قال لورينزو مارينيوني عضو المشروع الأوروبي لحملة الخطاب البديل للحد من التطرف « إن التعاطي الأمني مع مخاطر التطرف هو سهل لكنه آني وغير عملي على الصعيد الإستراتيجي والمستدام، لأنه من السهل أن تقتل بعض المتطرفين لكن من الصعب جداً أن تقتل الإيديولوجيات المتطرفة، ومن هنا تبرز الأهمية القصوى للجهود الفكرية والتعليم الوقائي في الحد من التطرف والإرهاب ».
في المقابل قالت الدكتورة دانييلا بيسويه كبيرة باحثي المعهد النمساوي للعلاقات الدولية في فيينا « إنه لا شك أن للتعليم الوقائي أمر محوري في الحد من التطرف والإرهاب لكنه يجب أن يكون مصحوباً بثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان ». الدكتورة بيسويه اشادت بكتاب السراب لمعالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي لقيمته العلمية ولكشفه زيف الجماعات الإسلامية المتطرفة. وفي النهاية، وصف الدكتور ماغنوس نوريل الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وجود التطرف في المجتمعات كالفيروس الذي يجب اختراع لقاح له للحد من إنتشاره، وأن هذا اللقاح ما هو إلا الجهود الفكرية والتعليم الوقائي اللذان يعطيان المناعة للمجتمعات ». نوريل أشاد بالتجربة التعليمية لكتاب « السراب » في دولة الإمارات العربية المتحدة لما تشكله من تجربة ناجحة وهامة في هذا الإطار، ودعا إلى الاستفادة منها وتعميمها.