قال زعماء حلف شمال الأطلسي – الناتو في ختام قمتهم السبعين في العاصمة البريطانية – لندن، في إعلان مشترك، “تشكل أفعال روسيا العدوانية تهديدا للأمن الأورو أطلسي، ولايزال الإرهاب بكل صوره وأشكاله تهديدا مستمرا لنا جميعا، والإستعداد جيداً لصعود الصين”، طبقاً لسكاي نيوز عربية.
معايير مزدوجة
بدأت القمة السبعين لقادة الـ 29 دولة المنضوية تحت عباءة حلف شمال الأطلسي – الناتو بإستفزازات وإهانات تركية – غربية، وإنتهت بذات السياق، لكن تم توحيد كلمة الـ 29 قائد على إعتبار الإتحاد الروسي خطراً يهدد مصالحهم ويقوض السلم والأمن الدوليين، فيما رأوا أن الصين تشكل خطراً كبيراً لا يقل عن خطورة الإرهاب القادم من روسيا على حد زعمهم، لكن وبحسب الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، بأن الحلف بفضّل الحوار مع روسيا، لكن عليهم تجنب سباق التسلح معها، لأن ذلك سيكون مكلفاً وخطيراً، أما فيما يتعلق بالصين، فهم يحاولون إستمالتها وتوقيع إتفاقيات معها حتى يأمنوا صعودها المقلق بالنسبة لهم.
أكبر المخاوف
إن ما جاء به الأمين العام للحلف يمثل آراء الأعضاء بشكل كامل، فيما الحقيقة الوحيدة أن الصعود الصيني لا يشكل خطراً إلا على الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة وأنها تسعى إلى تشديد قبضتها التجارية على بكين كيفما إستطاعت، لكن وعلى الرغم من الحرب التجارية التي حدثت وهي مستمرة، وإن كانت حالياً بوتيرة أخف، إلا ان بكين إستطاعت بناء منظومة دولية وبالتعاون مع الحلفاء حتى وصل بها الأمر إصدار بنك موحد لدول منظمة شنغهاي يتم التعامل فيه بالعملات المحلية للدول الأعضاء، وتكون بذلك قد تغلبت في جولتها الأولى من معركتها مع واشنطن، كذلك الأمر فيما يتعلق بروسيا التي إستطاعت بيع منظومتها الصاروخية إس-400 إلى دولة عضو بحلف الناتو “تركيا”، وتدرس بيع مصر أيضاً، فمن هنا يُفهم القلق الأمريكي من تنامي قدرة هذين البلدين ولهو أكبر المخاوف بالنسبة للإدارة الأمريكية لا لأعضاء الحلف.
خوف وقلق
يعلم الجميع قبل عقد قمة مجموعة السبع بعدة أيام، في أغسطس/ آب 2019 في مدينة بياريتز الفرنسية دون مشاركة الإتحاد الروسي الذي أقصي في العام 2014 بعد ضم جزيرة القرم إلى أراضيه، عندما إلتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الروسي فلاديمير بوتين في مقر إقامته الصيفي في “بريغانسون” بجنوب فرنسا، طالباً منه العودة إلى المجموعة، هذا الأمر إشارة مهمة إلى أن الدور الروسي مؤثر وفاعل خاصة لجهة العلاقات الروسية – الأوروبية الشريك القوي لموسكو خاصة على الصعيد الاقتصادي، فمن المعروف أن 30% من الغاز الروسي عبر شركة غاز بروم يذهب إلى أوروبا، لكن ما تحيكه واشنطن سيؤدي إلى تراجع إقتصادي كبير يضر بالدول الأوروبية التي لم تنهض بعد من أزمتها منذ العام 2008، فبعد أن ألغت الإدارة الامريكية الاتفاق النووي مع إيران، وألغت معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى مع روسيا، أيقن الغرب، أن تصرفات أمريكا تضر فقط بمصالحهم ولا تؤثر على الوضع الأمريكي بشيء، فروسيا إستطاعت بناء تحالفاتها مع الصين وأعضاء دول البريكس، وحتى تركيا العضو في حلف الناتو، تتطلع لأن تشترك معهم ليتحول الإسم من بريكس إلى بريكست في إشارة إلى الحرف الأول من الدولة التركية.
من هنا، إن ما تكيده واشنطن ضد روسيا والصين ليس بجديد، لكن الجديد أن هناك سخطاً أوروبياً من أفعال واشنطن الإستفزازية وليس آخرها مناورات المدافعين عن أوروبا 2020، التي ستنطلق مطلع الربيع المقبل، فعلى ما يبدو أن القطبية الأحادية بدأت تهتز حقيقةً، ولا بد من إفتعال مشاكل تمس البلدين بشكل رئيس، لعل مظاهرات هونغ كونغ والأزمة الأوكرانية وغيرهما لهما بداية إلهاء الدولتين، اللتين وبكل تأكيد يعون ذلك جيداً وفي مقابل ذلك لديهم الكثير من أسلحة المواجهة في حال حدث أي تطور أمريكي مفاجئ.
فريق عمل “رياليست”