موسكو – (رياليست عربي): بعد الإشتباكات الدموية التي شهدتها صالة البرلمان الصربي في العاصمة الصربية بلغراد مطلع شهر مارس آذار الماضي 2025، والتي تزامنت مع العديد من التظاهرات الطلابية في جميع المدن الصربية تقريباً، وخاصة في العاصمة بلغراد وفي مدينة (نوفي ساد)، وتسبب بها إنهيار أحد الجسور الكبرى التي تمَّ تنفيذها ضمن مشروع سكني لشركات صينية في ذلك البلد، مما أدى إلى موجة عارمة من الإحتجاجات والمظاهرات التي اتهمت الحكومة الصربية بالفساد، وطالبت بتغيير عاجل في بنية النظام السياسي الصربي:
- أكد الرئيس الصربي (ألكسندر فوتشيتش) أنه قام شخصياً بترشيح (دجورو ماكوت) ليترأس الحكومة الصربية الجديدة، وهو طبيب صربي متخصص بمعالجة الغدد الصم، ويعمل أستاذاً في كلية الطب بجامعة بلغراد، حيث نقلت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية (RTS) بأن السيد (دجورو ماكوت) يتمتع بالصفات المهنية والشخصية اللازمة، فضلاً عن توفر صفات الخبرة والتفاني في شخصيته المهنية لأداء وظيفة رئيس الوزراء لجمهورية صربيا، وخاصةً، بعد أن أكد المرشح الجديد بأنه قادر على تأمين الأغلبية لانتخاب حكومة صربية جديدة.
- وفي هذا الصدد بالذات، أكد الرئيس فوتشيتش بأن البرلمان الصربي سينتخب حكومة جديدة بحلول 18 أبريل نيسان 2025، حيث أكد فوتشيتش بأن الحكومة الجديدة ستواجه مهام صعبة نظراً لأن البلاد تواجه جملةً من الضغوط فيما يتعلق بالسياسة الإقليمية، كما أن الحكومة الجديدة ستحاول معالجة قضية التعريفات الجمركية الجديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وستعمل على تسريع سير البلاد في مسارها الأوروبي، وفي الوقت نفسه ستحافظ على أصدقائها التقليديين في منطقة الشرق من أجل الحفاظ على مستوى الإستثمارات الإقتصادية، سواء الأجنبية أو المحلية ضمن إقتصاد صربيا.
- والجدير بالذكر أن الطبيب البروفيسور (دجورو ماكوت) هو رئيس قسم معالجة أورام الغدد الصماء ومتلازمات السرطان الوراثية في عيادة الغدد الصماء والسكري والأمراض الأيضية ضمن المركز الطبي الجامعي لجامعة بلغراد الحكومية، وهو أستاذ الطب الباطني في كلية الطب بجامعة بلغراد منذ عام 2019، حيث يعرف عنه خبرته العلمية الكبيرة في قيامه بالعديد من الأبحاث الطبية، وممارسته للحياة السياسية ضمن جامعة بلغراد في صربيا، إلا أنه لم يسبق له أن تسلم منصباً سياسياً حكومياً كما كان الحال لدى العديد من أسلافه من رؤساء الحكومات الصربية السابقين، وهو الأمر الذي يبرر عدم رغبة العديد من الأوساط السياسية الصربية بالمغامرة معه ضمن الحكومة الصربية الجديدة، والتي تنتظرها العديد من الصعوبات السياسية والإقتصادية والإجتماعية.
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الروسية والعالمية:
- يرى العديد من المراقبين و المحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف دول البلقان مثل دول الإتحاد اليوغسلافي السابق، وعلى رأسها جمهورية صربيا، ومنهم السفير الروسي في بلغراد، (ألكسندر بوتسان خارتشينكو)، بأن رئيس الوزراء الصربي الجديد (دجورو ماكوت) لم يكن معروفاً في الساحة السياسية الصربية حتى وقتٍ قريبٍ، لكنه لفت انتباه الرأي العام المحلي والعالمي منذ مطلع شهر يناير كانون الثاني 2025، وذلك عندما ألقى كلمة خلال التجمع الشعبي المساند للرئيس الصربي (ألكسندر فوتشيتش) في مدينة (ياغودينا) وسط جمهورية صربيا.
- وقد اعتبرت هذه الخطوة من قبل (دجورو ماكوت) بأنها كانت داعمة للغاية للرئيس الصربي الحالي (ألكسندر فوتشيتش) والذي كان وما يزال يعيش تحت ضغط الإحتجاجات الطلابية الحاشدة التي اجتاحت البلاد منذ حادث محطة قطار (نوفي ساد) المميت في شهر نوفمبر الماضي 2024، ولذلك نظمت (القوى المساندة للحكومة الصربية) هذا التجمع في ياغودينا بتاريخ 24 يناير2025 للإعلان عن انطلاق ما وُصف بــــــــ(حركة الشعب والدولة)، حيث أعلن الرئيس الصربي (ألكسندر فوتشيتش) شخصياً بتاريخ 23 مارس 2025 عن انعقاد الإجتماع الأول للجنة تأسيس هذه الحركة، وقدم الدعوة لجميع من أسماهم الرئيس فوتشيتش بالمواطنين الشرفاء للمساهمة في بناء جمهورية صربيا بقدراتهم ومعارفهم، لمساعدة البلاد كي تصبح أكثر نجاحاً وتقدماً بين دول منطقة البلقان بشكل عام، وبين دول أوروبا الشرقية بشكل خاص، وهي الدعوة التي لاقت إستجابةً كبيرةً لدى العديد من رجال العلم والفكر والثقافة بالذات، والذين يحتاجهم (ألكسندر فوتشيتش) لمقاومة المد الطلابي في صربيا.
- وبحسب التقارير الإستخباراتية التي وردت إلى أجهزة الأمن الروسية، فإن رئيس الوزراء الصربي الجديد (دجورو ماكوت) كان أحد أبرز قادة حركة ما أطلق عليه (تجمع القوى المساندة للحكومة الصربية)، ولذلك وقع خيار الرئيس الصربي (ألكسندر فوتشيتش) عليه شخصياً لكي يخلف رئيس الوزراء الصربي السابق، رئيس الحزب التقدمي الصربي الحاكم، السيد (ميلوش فوسيفيتش) والذي استقال في شهر يناير2025 وسط الإحتجاجات الطلابية التي نادت بإسقاط حكومته.
- والجدير بالذكر أن البرلمان الصربي، وبعد أن أكد إستقالة رئيس الوزراء الصربي السابق المستقيل (ميلوش فوسيفيتش) بتاريخ 19 مارس 2025، كان قد أوعز بتحديد مهلة 30 يوماً لتشكيل الحكومة الصربية الجديدة، وفي حال عدم تشكيل حكومة جديدة خلال هذه المهلة، ستتم الدعوة إلى إجراء إنتخابات برلمانية تلقائياً، حيث ستُمنح الأحزاب السياسية فترة زمنية تتراوح ما بين 45 و60 يوماً للقيام بالحملات الإنتخابية اللازمة.
- وتجدر الإشارة بأن الحزب التقدمي الصربي الحاكم، وبحصوله على 112 مقعداً من أصل 250 مقعداً في البرلمان الصربي، سيحتاج ذلك الحزب إلى البحث عن شركاء إئتلافيين لتشكيل حكومة صربية جديدة لتكوين حكومة إئتلافية، حيث يمكن للحزب الإشتراكي الصربي مثلاً، أن يكون شريكاً للحزب الحاكم حالياً، والذي يتولى السلطة رسمياً في جمهورية صربيا منذ العام 2012 ولغاية اليوم.
خاص وكالة رياليست – حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.