واشنطن – (رياليست عربي): قالت الولايات المتحدة إن أوكرانيا مستعدة لحل الصراع وتوافق على وقف فوري لإطلاق النار لمدة 30 يوما، لكن هذا يتطلب موافقة الجانب الروسي، وأكد ذلك ممثلو الوفد الأمريكي عقب اجتماع عقد في جدة يوم 11 مارس/آذار الجاري.
وفي الوقت نفسه، أصبحت رغبة كييف في التحرك نحو إنهاء الصراع موضع تساؤل بعد الهجوم بطائرة بدون طيار على موسكو، والذي أصبح الأكبر وأودى بحياة ثلاثة أشخاص، وقال نائب رئيس مجلس الاتحاد كونستانتين كوساتشيف لصحيفة إزفستيا إن الهجوم يؤكد فقط عدم استعداد الجانب الأوكراني لوقف إطلاق النار الحقيقي أو السلام، قال سفير وزارة الخارجية الروسية روديون ميروشنيك إن نظام زيلينسكي مهتم فقط بمواصلة العمليات العسكرية.
وتجاهل الأميركيون العدوان الأوكراني، وأعلنوا علاوة على ذلك عن استئناف المساعدات العسكرية إلى كييف على الفور، وفي الوقت نفسه، أعلن دونالد ترامب عن محادثة مرتقبة مع فلاديمير بوتن ، فضلاً عن لقاءات بين روسيا والولايات المتحدة في 11 أو 12 مارس/آذار، ومن المقرر أن يزور المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف موسكو في 13 مارس/آذار، بحسب وزارة الخارجية الأمريكية، وردت وزارة الخارجية الروسية بأن الاتصالات مع ممثلي الولايات المتحدة ممكنة في الأيام القليلة المقبلة.
وانعقدت في المملكة العربية السعودية مرة أخرى مفاوضات دولية هامة، ولكن هذه المرة في جدة وبين الولايات المتحدة وأوكرانيا. وترأس الوفد الأمريكي وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز. ومن الجدير بالذكر أن المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي كان مدرجًا في البداية كجزء من فريق التفاوض الأمريكي، كان غائبًا على ما يبدو في بداية المحادثات، ومثل الجانب الأوكراني رئيس الديوان الرئاسي أندريه يرماك ونائبه بافلو باليسا ووزير الخارجية أندريه سيبيا ووزير الدفاع رستم عمروف، ولم يكن فولوديمير زيلينسكي حاضرا على الطاولة: وصل الزعيم الأوكراني إلى المملكة العربية السعودية في اليوم السابق للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وفي اليوم السابق، قال روبيو إن اللقاء مع زيلينسكي ليس على جدول الأعمال، لكنه لم يستبعد إجراء حوار غير رسمي معه، ولعل هذا ما كان الزعيم الأوكراني يعول عليه عندما نظم لقاء مع الزعيم السعودي عشية المفاوضات.
زفي أعقاب الاجتماع، اتفقت الأطراف على تثبيت وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما، ليس فقط في الجو والبحر، كما اقترحت كييف في البداية، بل أيضا على البر. ويتطلب وقف إطلاق النار موافقة روسيا، وتأمل واشنطن أن تقبل موسكو الاقتراح. وأشار ماركو روبيو إلى أن الولايات المتحدة ستنقلها إلى روسيا عبر عدة قنوات. وقال ممثلو الولايات المتحدة وأوكرانيا في بيان مشترك إن نظام وقف إطلاق النار يمكن تمديده بموافقة الأطراف.
وأشار وزير الخارجية الأمريكي أيضًا إلى أن “الكرة الآن في ملعب روسيا”. وألقى فلاديمير زيلينسكي كلمة عقب اجتماع الوفود وأعلن استعداده لإنهاء الصراع، لكنه أشار إلى أن “الشيء نفسه يجب أن يظهر في روسيا”، وأضاف روبيو أن الموافقة على بدء المفاوضات لإنهاء الأزمة ستكون أفضل دليل على “حسن نية” روسيا، وفي أعقاب المحادثات الأميركية الأوكرانية، تحدث دونالد ترامب أيضا، معلنا عن اجتماع بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن أوكرانيا في 11 أو 12 مارس/آذار، وأعرب أيضا عن أمله في أن توافق موسكو على وقف إطلاق النار. علاوة على ذلك، لم يستبعد الزعيم الأمريكي إجراء محادثة مع فلاديمير بوتن هذا الأسبوع، في الوقت نفسه، لا تستبعد روسيا إجراء اتصالات مع ممثلي الولايات المتحدة في الأيام المقبلة، وفق ما أعلنته المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا.
وبعد اللقاء، أصبح معلوما أن زيلينسكي من المتوقع أن يزور البيت الأبيض مرة أخرى. وأعلنت واشنطن أيضًا الاستئناف الفوري للمساعدات العسكرية إلى كييف، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية. وفي شهر مارس/آذار، علقت الولايات المتحدة المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وقبيل المحادثات في جدة، قال روبيو إن الاجتماع “سيكون مفتاحا” لاستئناف المساعدات العسكرية الأميركية لكييف.
واتفقوا هناك أيضًا على التوصل إلى اتفاق بشأن المعادن الأرضية النادرة في غضون فترة زمنية قصيرة، ولم يتم التوقيع على أي اتفاق في الاجتماع نفسه، وتظل مسألة تقديم واشنطن ضمانات أمنية غير واضحة. ولم يذكر أي من الجانبين هذه الأمور بعد المفاوضات.
ويبدو أن أوكرانيا قدمت تنازلات للولايات المتحدة في سياق شروط وقف إطلاق النار المؤقت بعد الاجتماع الفاشل في المكتب البيضاوي، حسبما قال القائم بأعمال الرئيس دونالد ترامب، رئيس قسم التحليل التطبيقي للعمليات الدولية في معهد موسكو الحكومي الدولي للتدريب إيغور إستومين.
لكن الآن قد يصبح موافقة أوكرانيا على التسوية السلمية بدعم من الولايات المتحدة أداة ضغط على روسيا، التي سيتعين عليها الرد واتخاذ القرارات، وقال إيغور إستومين في حديث لصحيفة إزفستيا، إن ترامب يأمل على الأرجح أن تغير موسكو موقفها وتوافق على تسوية من مرحلتين، أي أولا وقف إطلاق نار مؤقت، ثم اتفاق كامل.
لم يتفق الأميركيون مع روسيا بشأن ما أعلنوه بعد الاجتماع مع الأوكرانيين، إذ يعتقد فلاديمير بروتر، الخبير في المعهد الدولي للأبحاث الإنسانية والسياسية، أن روسيا تُجبر على اتباع مخطط غير موات.
وقال “هذا هو الأداء ذاته الذي تم تقديمه في واشنطن”، لافتاً إلى أنه لم يكن من قبيل المصادفة أنهم أعلنوا في اليوم السابق أن ويتكوف سيذهب إلى بوتن للتفاوض.
وفي كييف، لا يحظى فريق ترامب بالثقة بشكل خاص: فقد دعت النائبة ماريانا بيزوجلا، المعروفة بتصريحاتها الفاضحة، الوفد الأوكراني إلى عدم التوقيع على أي اتفاقيات مع الولايات المتحدة، ووصفت فريق ترامب بأنه “حليف لروسيا” و”عدو” لأوكرانيا، وكتبت على مواقع التواصل الاجتماعي: “أي توقيع في ظل الظروف الحالية هو خطوة نحو الاستسلام”.
وخلال المفاوضات، استبعدت واشنطن عودة كييف إلى حدود عام 2014 أو 2022، بحسب وسائل إعلام غربية، وفي وقت لاحق، نفى الجانب الأوكراني كل ذلك، ووصف مثل هذه التصريحات بأنها “معلومات مضللة”.
لكن هناك أمر واحد واضح: إن أجندة التفاوض الأميركية تستمر في التحول من دعم “النصر بأي ثمن” إلى البحث عن حلول وسط، ونلاحظ اتجاها مماثلا بين حلفاء واشنطن الأوروبيين: فقد روجت فرنسا وبريطانيا لفكرة فرض وقف لمدة شهر على الهجمات على البنية التحتية للطاقة والأهداف المدنية، لكن هذه المبادرة تبدو أيضا غير قابلة للاستمرار على خلفية الإجراءات العدوانية التي تتخذها كييف.