يظن بعض المتابعين أننا نأخذ موقفاً سلبياً من الحلفاء، ويذهب البعض إلى الظن بأننا ندعو إلى طردهم أو تصويرهم بمظهر المحتلين، وهذا لقصور فهم البعض في استقراء ما بين السطور. ولكننا ببساطة نأخذ موقفاً من المواقف والتصرفات الصادرة من الحلفاء، فالخطوات السلبية نشير إليها بالسلب كما حدث في المنشورات خلال الفترة السابقة، بينما نثمّن الخطوات الإيجابية ونشير إليها بالإيجاب، ومثال ذلك المرسوم الروسي الأخير.
يحاول البعض التشويش على المرسوم الأخير للرئيس الروسي بوتين بتعيين السفير الروسي سفيراً فوق العادة، ويحاولون إظهاره بمظهر الانتداب الروسي لسورية، وامتهان السيادة الوطنية، وهؤلاء المشوشون هم قسمان: إما معارضة معروفة الأهداف، أو أشخاص بسطاء لا يعرفون المعنى القانوني للسفير فوق العادة.
ولقطع الشك باليقين يتوجب توضيح المعنى وتوضيح الأسباب والإيجابيات لهذا المرسوم:
1- معنى (السفير فوق العادة): هو الشخص المكلف بمهمات استثنائية، ويقوم بخدمات خاصة ذات إمكانيات غير عادية، وبهذا يختلف عن السفير العادي إذ إن مرتبته أعلى من السفراء العاديين، فالسفير العادي لا يمكنه اتخاذ قرار إلا بالرجوع لقيادته ويؤدي غرضاً موحداً، ولكن السفير فوق العادة يتمتع بصلاحيات موسعة تسمح له أن يتخذ القرار بالنيابة عن رئيس بلده لأنه يمثله رسمياً، وذلك يعني أن الثقة الممنوحة له عالية.
فهو إذن مبعوث دبلوماسي رسمي، ويأتي بمرتبة أعلى من الوزير في بلده، وليس حاكماً للبلد المضيف كما يروج المغرضون، لأن لقب الحاكم كان يطلق على حاكم المستعمرات، وسورية ليست مستعمرة روسية.
2- من أهم الأسباب التي دفعت بوتين لإصدار هذا المرسوم هو الأخذ والرد الذي جرى مؤخراً في العلاقة السورية الروسية، والتي مورست فيها ضغوط على سورية، وذلك بسبب وجود أكثر من طرف روسي مقرِّر في هذه العلاقة، وهذه الأطراف الروسية متباينة المواقف فيما بينها، فمنها من يرى سورية حليفاً لروسيا، ومنها من يراها صديقاً، ومنها من يراها تابعاً، ومنها من يتآمر على هذه العلاقة لأن ميوله إسرائيلية أو أمريكية، وهذا الاختلاف ما بين المقررين أدى إلى استخدام وسائل الإعلام للضغط على سورية، فتباينت التصريحات بين الأطراف المتعددة، كما أن هذا الاختلاف عرقل مسيرة العلاقة ووضع العصي في دواليبها، فلم تثمر عن نتائج إيجابية، كما يقال: (كثرة الطباخين تحرق الطبخة).
3- أهم الإيجابيات المتعلقة بهذا المرسوم أن تعيين السفير فوق العادة هو وضوح موقف القيادة الروسية كرد على البلبلة الحاصلة والضغوط الممارسة على سورية.
كما أن من إيجابياته أن تحديد شخص واحد موثوق من قبل القيادة الروسية ليتفق مع القيادة السورية ويتخذ القرارات مباشرة دون العودة للرئيس الروسي، سيكون أفضل بكثير، خاصة أن مواقفه واضحة تجاه دعم سورية بقيادة الأسد.
وهذا يخفف من التوترات الحاصلة بين الأطراف المتباينة، ويقطع على المتخالفين طريق البلبلة، ويسرع في اتخاذ القرارات، ويعتبر تصريحه رسمياً صادراً عن أعلى جهة في روسيا.
ونأمل أن يكون لهذا التعيين انعكاسه الواضح على العلاقات الاقتصادية السورية الروسية، وأن يثمر عن نتائج إيجابية تنعكس في تحسن الاقتصاد السورية والعملة السورية والمستوى المعيشي للسكان في سورية.
خاص وكالة “رياليست” – د. أحمد أديب أحمد ، أستاذ الإقتصاد في جامعة تشرين السورية.