أعلن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، أن المغرب وإسرائيل اتفقتا على تطبيع العلاقات بينهما بوساطة أمريكية. وقال جاريد كوشنر المستشار البارز في البيت الأبيض “سيقوم الطرفان بإعادة فتح مكاتب الاتصال في الرباط وتل أبيب على الفور بنية فتح سفارتين، وسيعزز الطرفان التعاون الاقتصادي بين الشركات الإسرائيلية والمغربية”.
وقد عقّب نتنياهو أيضاً في خطاب متلفز قائلاً: “لطالما آمنت بهذا السلام الذي يتحقق اليوم أمام أعيننا، أود أن أشكر الرئيس ترامب على تنفيذ هذه الاتفاقات وأشكر ملك المغرب محمد السادس على هذا القرار التاريخي لصنع السلام مع إسرائيل”، وأصبحت المغرب رابع دولة عربية تطبع العلاقات مع إسرائيل منذ شهر آب/ أغسطس الماضي، بعد الإمارات والبحرين والسودان.
مقايضة ثنائية
في إطار الاتفاق على تطبيع العلاقات الثنائية بين المغرب وإسرائيل، أعلن الرئيس دونالد ترامب موافقته على الاعتراف بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية الذي يشهد نزاعاً إقليمياً منذ عقود بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. هذا القرار من الممكن أن يؤدي لتوتر في العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة، خاصة في ظل التزام الجزائر بموقفها من التأييد الكامل لجبهة البوليساريو، بالرغم من أن الجزائر حالياً لا تمتلك نفس الإمكانيات والظروف التي كانت تؤهلها سابقاً لدعم البوليساريو.
إضافة إلى ذلك، قد يحدث تصعيد محتمل من البوليساريو والتي أعلنت هي الأخرى إستنكارها للقرار الأمريكي، وهو ما قد يترتب عليه ارتفاع حدة الخلاف بين دول الإتحاد المغاربي وعلى رأسهم المغرب والجزائر.
دلالات التوقيت الحالي
يبدو أن الإدارة الأمريكية ستعمل من خلال استمرارها في ضم أكبر عدد من الدول العربية لقطار التطبيع مع إسرائيل، لهدف أساسي يتمثل في تشكيل تحالف “عربي سني” لمواجهة إيران في المرحلة القادمة، أو على الأقل أن تكون هذه الدول غطاء سياسي لأي إحتمال لتحرك عسكري أمريكي ضد إيران في القادم من الأيام. ويأتي ذلك في ظل تصاعد الأزمة بين إيران وإسرائيل وحليفتها الأكبر واشنطن، خاصة بعد مقتل العالم النووي الإيراني “فخري زادة”، وهو ما رد عليه البرلمان الإيراني من خلال التصديق على قانون يلزم الحكومة برفع تخصيب اليورانيوم حتى 20%، وبإعادة العمل بمفاعل أراك للماء الثقيل كما كان عليه قبل الاتفاق النووي عام 2015.
أما المغرب فسعت للحصول على مكسب سياسي، من خلال انضمامها للدول المطبعة مع إسرائيل، حتى يتثنى لها الحصول على دعم دولي من جانب القوة العظمى الأولى وهي الولايات المتحدة لسيادة المغرب على الصحراء الغربية، خاصة بعد أن توالت عمليات الإعتراف والتمثيل الدبلوماسي في الصحراء الغربية على المستويين العربي والإفريقي في الآونة الأخيرة.
التوافق المغربي – الإسرائيلي ليس وليد اللحظة
يمكن القول أن العلاقة بين المغرب وإسرائيل ترجع جزئياً للعدد الكبير من اليهود في المغرب، فكثير منهم كان يهاجر إلى هناك، وتشير بعض التقديرات لوجود حوالي مليون إسرائيلي ينحدرون من أصول مغربية حسب (نيويورك تايمز). ولم تقف جذور العلاقة بينهما عند هذا الحد فقط، لكن أيضاً امتلك الجانبان تاريخاً طويلاً على مدى ما يقرب من الستة عقود من التعاون الإستخباري الوثيق، بداية من ستينيات القرن الماضي.
حيث تشير تقارير أمريكية أن الموساد الإسرائيلي ساعد السلطات المغربية في اختطاف المعارض المغربي المهدي بن بركة في العاصمة الفرنسية باريس، مقابل سماح العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني بهجرة اليهود لإسرائيل. إضافة إلى ذلك، دور المغرب بمفاوضات السلام المصرية – الإسرائيلية والتي كان بعضها يُعقد سراً في المغرب بين مسؤولي الجانبين قبل مفاوضات كامب ديفيد عام 1978، في مقابل إقناع إسرائيل للولايات المتحدة بتقديم المساعدات العسكرية للمغرب.
فريق عمل “رياليست”.