موسكو – (رياليست عربي): بعد أن قام الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) بتوبيخ الرئيس الأوكراني (فولوديمير زيلينسكي) أثناء جلوسهما في المكتب البيضاوي، وطلب منه أن يكون أكثر (امتناناً وعرفاناً) للولايات المتحدة الأمريكية، مخاطباً زيلنكسي بأن الأخير ليس في وضع يسمح له بأن يملي على الأمريكيين ما ينبغي أن يشعروا به، ومضيفاً بأن الشعب الأوكراني وعلى الرغم من أنه شجاع جداً، إلا أن زيلنكسي يتوجب عليه أن يبرم إتفاق سلام مع روسيا الإتحادية، ومهدداً بأنه وفي حال لم يفعل (فولوديمير زيلنكسي) ذلك الأمر، فإن الأمريكيين سينسحبون من تحالفهم مع الأوكرانيين، الذين سيكونون مضطرين للقتال لوحدهم ضدَّ الروس حتى النهاية، ومتهماً زيلنسكي بأنه يخاطر بحياة ملايين البشر من الأوكرانيين ومن غيرهم، لكونه يخاطر بإشعال فتيل الحرب العالمية الثالثة بين دول العالم:
- يؤكد الخبراء من الأمريكيين والأوكرانيين ومن الروس حتى، أن ما حدث في البيت الأبيض الأمريكي بدأ يثير تساؤلات حول تعليق المزيد من المساعدات لأوكرانيا، خاصةً وأن المسؤولين في نظام كييف أصيبوا بالإحباط بعد ما حدث، ولذلك فقد بدأوا حالياً بمحاولة إقناع البيت الأبيض الأمريكي بالعودة إلى النقاش، لكن دون جدوى، نظراً لأن الرئيس الأمريكي ترامب لا يرغب في التحدث مع نظيره الأوكراني زيلينسكي، على الأقل في الوقت الحالي. وعلى الرغم من أن الرئيس ترامب قد استقبل رئيس نظام كييف زيلنسكي الذي وصل إلى البيت الأبيض يوم الأربعاء لتوقيع إتفاقية استخراج المعادن والموارد المعدنية في أوكرانيا، إلا أن ترامب قام (بطرد) زيلينسكي بعد ذلك النزاع والمشادة الكلامية على الهواء مباشرةً، حيث شعر ترامب بعدم الإحترام، وتمَّ إلغاء توقيع إتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف.
- من بعدها خرج (فلاديمير زيلينسكي) على وسائل الإعلام الأوكرانية والأوروبية وحتى الأمريكية، فأعلن بأن بلاده غير مستعدة لتوقيع إتفاق لوقف إطلاق النار مقابل خسارة الأراضي الأوكرانية، لأن مثل هذا الإتفاق من شأنه أن يؤدي إلى توترات في المستقبل، ومؤكداً بأن الدول التي تدعم أوكرانيا أو التي ترغب في أن تكون (وسيطة)، تدرك جيداً أكثر من غيرها أنه إذا لم ينته الصراع بالطريقة التي تعتقد كييف أنها صحيحة، فإن الأمر لن يكون سوى مسألة وقت قبل أن يرغب الناس في استعادة العدالة.
- من الجانب الروسي ومن جانب وزارة الخارجية الروسية بالذات: اتهم وزير الخارجية سيرغي لافروف أوروبا بالسعي إلى مواصلة الحرب، حيث أكد في مقابلة مع شبكة (كراسنايا زفيزدا) الإعلامية الروسية العسكرية أن خطة بروكسل لنشر قوات حفظ السلام في أوكرانيا، هي فقط طريقة جديدة لتحريض نظام كييف على الحرب ضد روسيا الإتحادية، مشيراً إلى أن ظهورها بأوكرانيا يعني أن الأسباب الجذرية للأزمة لن تختفي بالنسبة لروسيا الإتحادية.
- وأضاف الوزير لافروف أن الرئيس ترامب هو شخص براغماتي، يتبع شعار (المنطق السليم)، لإدراكه جيداً بأن هذه الحرب لم يكن الهدف منها هو ضم أوكرانيا فعلياً إلى حلف الناتو، أو إنشاء قواعد في شبه جزيرة القرم أو على بحر آزوف، بل كانت كل هذه الخطط موجودة سابقاً للتصميم الجيوسياسي، كما لعب التكبر والغرور الأوكراني والأوروبي أيضاً دوراً رئيسياً بفجاجة لتنفيذها، وقد كان هذا الأمر محزناً للغاية بالنسبة للجانب الروسي، مشيراً إلى أنه ليس من قبيل الصدفة أن يكرر الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) الآن فيما يتصل بأي صراع، أن الموقف الأمريكي يجب أن يكون مستنداً على المنطق السليم الذي يملي على واشنطن حالياً موقف (التنحي جانباً).
- وتابع الوزير لافروف قائلاً: (لا أود أن أكون معادياً لأوروبا)، لكن الوضع الراهن يؤكد الفكرة التي عبر عنها عدد من المؤرخين بأنه وعلى مدى الخمسمئة عام الماضية، أي عندما كان الغرب قد تشكّل إلى حد ما بالشكل الذي وصل إليه في أيامنا هذه مع بعض التغييرات، كانت كل مآسي العالم تتشكل أيضاً، حيث نشأت في أوروبا وحدثت بفضل السياسة الأوروبية العديد من المآسي بالفعل، مثل الإستعمار، والحروب الصليبية، وحرب القرم، وحرب نابليون، والحرب العالمية الأولى، ومن ثم حرب أدولف هتلر. وإذا نظرنا إلى التاريخ، نجد أن الأمريكيين لم يلعبوا أي دور تحريضي في كل هذه المآسي، حتى أنهم لم يلعبوا بالحقيقة أي دور لإثارة تلك المآسي والحروب، رغم أنهم انغمسوا فيها لاحقاً. ولهذا السبب، والآن، وبعد إنتهاء ولاية جون بايدن، جاء أشخاص يريدون الإسترشاد بالمنطق السليم، ولذلك بدأ الأمريكيون يقولونها صراحةً بأنهم، يريدون إنهاء جميع الحروب، ويريدون السلام، خلافاً للأوروبيين.
- وضمن موقف الجانب الروسي بعد التطورات التي شهدها البيت الأبيض الأمريكي بين ترامب وزيلنكسي:
- اعتبر السيناتور (ليونيد سلوتسكي)، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس النواب الروسي (دوما) أن القمة التي عُقدت في لندن بشأن أوكرانيا لم تحقق أي نتائج ولن تنقذ (زعيم النازيين الأوكرانيين) على حد وصفه، مضيفاً بأن هذه المحاولة الأوروبية، هي محاولة فاشلة لاستعادة السمعة السياسية للمهرج (فولوديمير زيلنسكي) – كما وصفه (سلوتسكي)، بعد الفشل الذريع الذي تعرض له في واشنطن.
- وأضاف (ليونيد سلوتسكي) أن البيروقراطيين الأوروبيين، الذين لا يزالون يعانون من مخاوف رجعية ودعوات معادية لروسيا الإتحادية عفا عليها الزمن، قد تحدثوا عن ضمانات الأمن وضرورة دعم أوكرانيا، ولكنهم تناسوا، من، وما، الذي ينوون مواصلة دعمه ؟ ومتسائلاً في الوقت نفسه هل ستكون هناك موارد كافية في ظل الأزمة الإقتصادية الحالية وانخفاض الإنتاج في الدول الأوروبية ؟.
- ولهذا السبب أكد ليونيد سلوتسكي أن بروكسل تطلق تصريحات عسكرية منوهاً في هذا الإنتقاد إلى رئيسة المفوضية الأوروبية (أورسولا فون دير لاين) التي تخطط لجعل أوكرانيا (نيصاً فولاذياً) على حد وصفه، في مواجهة روسيا الإتحادية، ساخراً بأن هذا الأمر ليس مضحكاً حتى، لأن كل ما تمكنت النخبة الأوروبية من القيام به لغاية الآن، هو تقديم وجهها الوقح والقبيح الذي ما زال يؤمن بإمكانية الإفلات من العقاب الصارم، وهو ما أظهره زيلينسكي بوضوح في المكتب البيضاوي.
- إلى ذلك ركزت وسائل الإعلام الروسية في أعدادها الصادرة صباح يوم الإثنين 3 مارس 2025 على مستجدات الموقف الأمريكي الذي أعلن عنه مستشار الأمن القومي الأمريكي (مايك والتز)، حيث أكد الأخير بأن أوكرانيا قد توافق على التنازل عن بعض الأراضي، كجزء من المفاوضات بشأن التسوية السلمية للنزاع، واصفاً ذلك بأنه شكل من أشكال التنازلات الإقليمية مقابل ضمانات أمنية محددة. معرباً في الوقت نفسه عن شكوكه الشخصية، فيما إذا كان (فولوديمير زيلينسكي) سيكون مستعداً للتفاوض بحسن نية لتحقيق تسوية سلمية للصراع في أوكرانيا.
- من الجانب الأوروبي فقد تضاربت المواقف بين مؤيد للكرملين في موسكو وآخر مؤيد لنظام كييف: فقد وصف رئيس وزراء هنغاريا (فيكتور أوربان) نتائج اجتماع قادة الدول الأوروبية في لندن بأنها قمة خطيرة، لأن الأوروبيين قد قرروا مواصلة الحرب في أوكرانيا، ولذلك سيدفعون كييف نفسها إلى ذلك، بدلاً من خيار السلام، وهذا أمر سيء ويعتبر خطأ خطيراً، مؤكداً بأن هنغاريا ستقف إلى جانب السلام، وهو التصريح الذي جلب للمسؤول الهنغاري الكثير من الإنتقادات ضمن وسائل الإعلام الأوكرانية التي وصفته بأنه يميل إلى جانب مصالحه الشخصية مع الرئيس فلاديمير بوتين أكثر من ميله للسلام.
- أوروبياً أيضاً، رصدت وسائل الإعلام الروسية ما أعلنه رئيس الوزراء البريطاني (كير ستارمر) بأن بريطانيا خصصت مبلغ (1.6 مليار) جنيه إسترليني إضافية لأوكرانيا لشراء معدات عسكرية وحربية، مشيراً إلى أن ذلك سيخلق فرص عمل في قطاع الدفاع داخل المملكة المتحدة، ومضيفاً بأنه لن يقبل وصف الولايات المتحدة الأمريكية بالحليف غير الموثوق به بعد المشادة الكلامية التي حصلت بين الرئيسين ترامب و زيلنكسي، لأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت عملياً أهلاً للثقة لعقود عديدة، وهي لا تزال كذلك حتى الآن.
- وأضاف (كير ستارمر) أن الأولوية الهامة لهذه الحكومة البريطانية هي أمن وسلامة الشعب البريطاني للدفاع عن المصلحة الوطنية، لا سيما في هذه الأوقات المضطربة، ولهذا السبب يجب أن تكون نقطة انطلاق الموقف البريطاني بشأن الوضع في أوكرانيا مرتكزة على أسس قوية حتى يتمكن الأوكرانيون من التفاوض من موقع القوة، ولهذا السبب فإن الدعم الأوروبي (سيتضاعف)، ولهذا السبب أيضاً فإن القادة الأوروبيون سيجتمعون مرة أخرى قريباً جداً للحفاظ على الوتيرة وراء هذه الإجراءات ومواصلة العمل من أجل تحقيق هذه الخطة المشتركة، لأن العالم بات على مفترق طرق في التاريخ حالياً.
- كما ركزت وسائل الإعلام الروسية على تصريح (كير ستامر) الذي أكد فيه بأن واشنطن ستحتاج إلى إشراك موسكو في أي صفقة، لكن أي صفقة نهائية يجب أن تشمل روسيا الإتحادية، شريطة أن لا يملي الكرملين الروسي الضمانات التي يمكن تقديمها لأوكرانيا، بالنظر إلى تاريخ الإنتهاكات الروسية في الماضي، مؤكداً على ضرورة تجنب هذا الخطأ الإستراتيجي ضمن المفاوضات خلال هذه المرة.
- وعرضت وسائل الإعلام الروسية تصريحات رئيس الوزراء الكندي (جاستين ترودو) التي أكد فيها أن أوتاوا تدرس كل الخيارات لضمان أمن أوكرانيا، مشيراً إلى أن إرسال قوات كندية إلى الأراضي الأوكرانية غير مستبعد، ومضيفاً في الوقت نفسه أن كندا ستواصل تقديم الدعم اللازم لأوكرانيا، مهما تطلب الأمر وطالما كان ذلك ضرورياً، ومؤكداً أن أوتاوا قد استثمرت بالفعل حوالي 20 مليار دولار كندي (13.8 مليار دولار أمريكي) في المساعدات العسكرية والإقتصادية والتي قدمت مؤخراً لأوكرانيا، فضلاً عن أن المكتب الصحفي لرئيس الوزراء الكندي (جاستين ترودو) نفسه، قد أعلن عن فرض عقوبات على 10 أشخاص وضدَّ 21 كياناً معنوياً في روسيا الإتحادية.
- أما المستشار الألماني (أولاف شولتس)، فقد أعلن بعد القمة غير الرسمية في لندن بشأن أوكرانيا، أن قوات كييف يجب أن تظل قوية حتى في وقت السلم، وهو أمر ممكن فقط بوجود دعم مالي وعسكري للقوات الأوكرانية التي ما زالت مرابطة في أرض المعركة على طول خط الجبهة (الروسية – الأوكرانية).
- واعتبر المستشار الألماني (أولاف شولتس) أن الدعم العسكري والدولي العابر للأطلسي لأوكرانيا يبقى أمراً مهماً لأمن أوروبا، ولهذا السبب سيكون دعم أوكرانيا أمراً ضرورياً للغاية على الصعيدين العسكري والإقتصادي،مضيفاً بأن ألمانيا يجب أن تبقى موجودة في تصميم أي ترتيب سلام مستقبلي بحيث تبقى أوكرانيا قادرة على حماية نفسها، وأن يكون لديها جيش أوكراني قوي، إذ يجب أن يبقى هذا الجيش كبيراً حتى في وقت السلم، وهو ما يتجاوز بكثير القدرة الإقتصادية العسكرية لأوكرانيا، وهو الأمر الذي يفرض على الأصدقاء الأوروبيين لأوكرانيا، وكذلك على الشركاء الدوليين والعابرين للأطلسي، أن يعملوا مرة أخر على جعل ذلك ممكناً.
- فيما أعربت وسائل الإعلام الروسية عن إستيائها من رئيس الوزراء البولندي (دونالد توسك)، والذي أعلن بأن أوروبا يجب أن تأخذ على عاتقها مزيداً من المسؤولية في ما يخص الأمن الأوروبي والمساعدات المقدمة لأوكرانيا، مشيراً في تصريحاته إلى وجود توافق وتشابه في المواقف الأوروبية بشأن أهم القضايا لدى جميع الدول الأوروبية، وموضحاً بأن أوكرانيا تحتاج إلى الدعم المستمر، كما أنها تحتاج إلى موقف قوي ودعم أوروبي ثابت قبل المفاوضات مع روسيا الإتحادية، ولهذا السبب فإن بولندا تعلن عن ثبات موقفها ودعمها لأوكرانيا.
- وأضاف (دونالد توسك) أن الأوروبيين جميعهم على قناعة بأن أوروبا يجب أن تأخذ على عاتقها مزيداً من المسؤولية وأن تبدأ بالعمل على بناء الصناعة الدفاعية، وأن تقدم مزيداً من الدعم لأوكرانيا وأن تنفق أكثر على الدفاع في إطار حلف الناتو، مشيراً في الوقت نفسه إلى ظهور المزيد من الإعلانات بشأن الإستعداد لزيادة نسبة الناتج المحلي الإجمالي المخصصة للدفاع، وكذلك إلى ضرورة قيام مزيدٍ من الدول بالخطوات السياسية والعسكرية والأمنية اللازمة لدعم القيادة الأوكرانية الحالية.
- وكذلك الأمر فعلت وسائل الإعلام الروسية أيضاً حينما انتقدت تصريحات رئيس الوزراء السويدي (أولف كريسترسون)، في إجابته على سؤال حول إمكانية إرسال قوات سويدية إلى أوكرانيا حالياً، حيث أشار إلى أن السويد مستعدة ولكن ضمن شروط محددة، لإرسال قواتها بدعم أمريكي وضمانات أمريكية، مضيفاً أنه يجب أن يكون ذلك على أساس وجود هياكل ذات مصداقية، خاصةً وأن الأجواء التي عقد فيها الإجتماع في قمة لندن، قد اتسمَّت بالعزم (على حد وصف رئيس الوزراء السوريدي) الذي أكد مجدداً بأن جميع الأوروبيين يؤكدون دعمهم القوي لأوكرانيا، وأنهم مستعدون لبذل المزيد من الجهود لأجل مساعدة أوكرانيا ضدَّ روسيا الإتحادية، وهو التصريح الذي وجدت فيه وسائل الإعلام الروسية بأنه موقف سويدي منحاز لجانب أوكرانيا انطلاقاً من أهداف ستوكهولوم مع عواصم الناتو.
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الروسية والعالمية:
- تحدث العديد من المراقبين والمحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف تطورات الحرب (الروسية – الأوكرانية) وتأثيرها على الأوضاع الأمنية والعسكرية واللوجيستية ليس فقط في بلدي طرفي النزاع، وإنما تأثيرها على الصعيدين الإقليمي والدولي أيضاً، مثل الخبير السياسي الأوكراني (ألكسندر دوبينسكي) والذي يعتبر حالياً، بأنه أحد أهم النواب في مجلس النواب الأوكراني (رادا)، حيث يرى النائب الأوكراني وجود ضرورة حقيقية لعزل (فلاديمير زيلينسكي) عن السلطة في كييف، والقيام بذلك بشكل فوري لأن زيلنسكي بات بالفعل يشكل تهديداً لوجود أوكرانيا ويعيق استقرار علاقاتها الإقليمية والدولية، خاصةً مع الولايات المتحدة الأمريكية.
- ويضيف النائب والخبير الأوكراني أن وجود زيلينسكي هو العامل السياسي الرئيسي الأكثر تدميراً لطبيعة العلاقات بين أوكرانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك يجب إبعاده على الفور سياسياً من أجل الحفاظ على العلاقات مع الشريك الإستراتيجي (الأمريكي)، والذي يعتمد مصير أوكرانيا على دعمه حالياً حيث بات بقاء زيلينسكي في السلطة جريمة سياسية حقيقية تهدد وجود أوكرانيا كدولة أوروبية.
- فيما يرى الكاتب والمحلل السياسي الروسي (أندريه كوزماك) في مقال له نشرته صحيفة (إزفيستيا) الروسية أن القادة الأوروبيون يبحثون عن الفرص، إن لم يكن لعرقلة الحل السلمي للصراع الأوكراني، فعلى الأقل للمشاركة في ذلك الحل، حيث تحاول باريس ولندن عرقلة (دونالد ترمب) من أجل التدخل في المفاوضات مع روسيا الإتحادية، في الوقت الذي أعلنت فيه حكومة بروكسل بأنها مستعدة لمواصلة دعم نظام كييف الحالي مالياً وعسكرياً. ولهذا السبب انعقدت بتاريخ 21 فبراير 2025 قمة إستثنائية للإتحاد الأوروبي بمبادرة من باريس، أعلن فيها الرئيس الفرنسي (مانويل ماكرون) أن روسيا الإتحادية تشكل (تهديداً وجودياً) لأوروبا برمتها، لكنه عاد بتاريخ 24 من الشهر نفسه، بعد اجتماعه مع الرئيس (دونالد ترامب) ليؤكد على ضرورة العودة إلى الحوار مع روسيا الإتحادية، والسعي إلى تسوية سلمية مع الكرملين، مشيراً بأن هذه التسوية يمكن تحقيقها في غضون أسابيع قليلة.
- فيما يوضح باحث وخبير روسي آخر، هو الخبير الروسي (بافِيل تيموفيف) الباحث في معهد الإقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، الأسباب الحقيقية التي تقف خلف تصرفات (إيمانويل ماكرون) فيقول بأن الأخير يسعى بالتعاون مع قادة لندن لتغير الهدف الإستراتيجي للتسوية السلمية، والتي يعمل عليها (دونالد ترامب) لتحقيق نتيجة يمكن تقديمها للجمهور، كي تبدو كأنها هزيمة لروسيا الإتحادية.
- ويضيف الخبير الروسي (بافِيل تيموفيف) بأن الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) قد شعر بالقلق من رفض (دونالد ترامب) لعملية التضامن (الأوروبية – الأطلسية) في هذا السياق، فضلاً عن ضرورة تحمّل دول أوروبا المسؤولية المالية عن نظام كييف وتقديم المساعدة العسكرية له، لكن، ومع ظهور المسار الروسي في السياسة الخارجية الأمريكية، فإن فرنسا وأوروبا قد تجدان نفسيهما على هامش عملية المفاوضات بالكامل، نظراً لأن باريس ولندن لن يستطيعا تقديم أي شيء لموسكو في المفاوضات.
ويشير الخبير تيموفيف إلى أن فرنسا بالذات، ومنذ اللحظة التي انضمت فيها إلى الإستراتيجية الأوروبية الشاملة لدعم كييف بشكل مطلق، فقدت فرصة المطالبة بدور الوسيط، حيث برزت لدى باريس رغبة البقاء في قلب الأحداث من أجل التأثير فيها، رغم أن الفرنسيين يفتقرون إلى أجندة سياسية إيجابية فضلاً عن افتقارهم في الحقيقة لإمكانية التأثير التي تملك لندن بعضاً منها.
- أما في سياق التعليق على الموقف البريطاني، الموازي للموقف الفرنسي من حيث المبدأ، والمختلف عنه من حيث الإمكانيات المالية والعسكرية، فقد تحدث خبير رابع، هو الخبير الإيرلندي (تشاي بوز) الذي أكد بأن زيارة (فلاديمير زيلينسكي) إلى لندن كانت مجهزة وفق سيناريو مسبق، بما في ذلك الحشود التي تم جمعها في شوارع العاصمة لندن للتظاهر تأييداً له، مؤكداً بأن الغرب قد لاحظ زيف زيارة زيلينسكي إلى لندن التي تمت وفق سيناريو معد مسبقاً.
- ويضيف الخبير الإيرلندي (تشاي بوز)، أن زعيم حزب العمال البريطاني (كير ستارمر) وزعيم المخدرات (في إشارة ساخرة إلى زيلينسكي) قد اجتمعوا للحديث صدفة وليس وفق سيناريو محدد مسبقاً، بينما عرفت الحشود المجتمعة مسبقاً أنها يجب أن تُظهر فرحتها وبهجتها بقدوم الديكتاتور (الأوكراني) الذي تمَّ إخراجه من البيت الأبيض بإذلال شديد بعد مشادته الكلامية مع الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب).
- وعن أدوات الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الإتحادية لمواجهة محاولات بريطانيا من أجل إفشال المفاوضات بين واشنطن وموسكو، يرى خبير خامس، هو الخبير الروسي (إيفان دوبروفين) في مقال نشرته صحيفة إزفيستيا، أن المملكة المتحدة ستبذل حالياً كل ما في وسعها لتعطيل المفاوضات بشأن أوكرانيا، كما سبق أن حدث في العام 2022، ولهذا تشكلت حالياً بالفعل كتلة مناهضة للرئيس الأمريكي (دونالد ترامب)، حيث تضم هذه الكتلة كلاً من المستشار الألماني (فريدريش ميرز) والرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون)، بالإضافة إلى رئيس الوزراء البريطاني (كير ستارمر)، وهو الأمر الذي يؤكد عليه أيضاً رئيس الوزراء الأوكراني السابق (ميكولا أزاروف)، الذي يعتقد بأن هذه الكتلة السياسية ستصطدم بالنشاطات السياسية والأمنية والعسكرية الروسية، والكرملين جاهز للصدام معهم.
- وفيما يتعلق بالنشاطات السياسية والأمنية والعسكرية الروسية التي يمكن للكرملين أن يستعملها في مواجهته المقبلة مع بريطانيا وبعض دول الإتحاد الأوروبي، يؤكد خبير سادس، هو الخبير الروسي (إيفان لوشكاريوف) وهو الأستاذ المساعد في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية بأن موسكو لديها ما سيمكّنها من مواجهة مؤامرات الأوروبيين ضدَّ الكرملين الروسي، حيث يمكن لموسكو الضغط على لندن باستخدام آلية التحكم بأسعار النفط، والتي تؤثر بدورها في سعر البنزين وجميع السلع الإستهلاكية، وهو الأمر الذي سيؤثر حتماً على الإقتصاد الإنكليزي.
- علاوة على ذلك، وكما يضيف (إيفان لوشكاريوف)، فإن روسيا الإتحادية تستطيع العمل على هامش المصالح البريطانية وخلق مشاكل جدية لبريطانيا في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث ستقوم موسكو بإثارة قضية الدور المدمّر الذي تلعبه بريطانيا في المنتديات الدولية، وفي المقام الأول ضمن مجموعة (بريكس) ومنظمة الأمم المتحدة، وفي اجتماعات مجموعة العشرين، وفي المفاوضات الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية، نظراً لأن الكرملين الروسي مدركٌ بأن الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم أصوات الإستياء التي بدأت تتعالى من قبل الأوروبيين، فإن الرئيس ترامب سيواصل نهجه البراغماتي، وعندها ستحاول الإدارة الأمريكية أن تَحُلَّ مثل هذه القضايا بكل بساطة من خلال فرض رسوم جمركية على سلع معينة، وفي حالة بريطانيا بالذات، سيكون من المرجح أن يتعلق الأمر بالمنتجات المعدنية، وربما بعملية بناء السفن، وهو الأمر الذي سيكون مزعجاً لبريطانيا للغاية.
- فيما يرى خبير سابع هو الخبير العسكري والأمني (دانيال ديفيس) الجنرال المتقاعد في الجيش الأمريكي، أن مشكلة (فلاديمير زيلينسكي) تتجسد بأنه مازال يعتقد أنه يمكنه أن يفرض على العالم شروطه، وأن يطالب بضمانات أمنية، رغم نفاذ الوقت ضدَّه. مضيفاً بأنه قد بات من الواضح أن زيلينسكي ليس مستعداً للسلام، لأنه مثل الكثير من الأوكرانيين الذين لا يريدون التخلي عن أي شيء، بل ويريدون ضمانات أمنية، وأن يفرضوا على روسيا الإتحادية شروطهم. والأسوأ من ذلك أن زيلنكسي يوهمهم بأن لديهم خيار متابعة الحرب من خلال الأوروبيين، وهذا الأمر هو الذي قد يدفع بوضع نظام كييف والشعب الأوكراني نحو الأسوأ، إذا لم يعترف (فولوديمير زيلينسكي) بالحقيقة القاسية التي وصلت إليها هذه الحرب (الروسية – الأوكرانية) خاصةً بعد الخلاف (الأمريكي – الأوكراني) الذي خرج إلى العلن.
- وختم الخبير العسكري والأمني الأمريكي (دانيال ديفيس) تصريحاته قائلاً، أنه سيكون من المهم للغاية الآن فهم أن روسيا الإتحادية يمكنها تحقيق أهدافها إما عبر المفاوضات أو بالطريقة العسكرية، ولذلك أعطى الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) تلميحاً من البيت الأبيض لمن يريد أن يستمع وينصت لواشنطن: (إما أن يتم التوصل لاتفاق بسرعة كبيرة أو لن يتم ذلك أبداً، فإذا لم يوافق الأوكرانيون على شروط روسيا الإتحادية، فإن موسكو ستستمر ببساطة في الضغط على الجبهة حتى النهاية وصولاً إلى كييف).
- وهنا يتحدث خبير ثامن، هو الخبير الأمني والعسكري الروسي، الجنرال المتقاعد (تيمور سيرتلانوف) والذي يعتبر حالياً عضو هيئة رئاسة منظمة (ضباط روسيا الإتحادية)، إذ يؤكد الخبير الروسي أن رئيس نظام كييف (فولوديمير زيلنكسي) لم يفهم حتى الآن، أن الوقائع على أرض المعركة هي التي ترسم ملامح المرحلة المقبلة، سواءً أكانت تفاوضية أو كانت عسكرية، والدليل على عدم استيعاب زيلنكسي لمغامرته في هذه الحرب، هو أن الجيش الروسي بات يسيطر عملياً على شريان عسكري آخر للقوات الأوكرانية في منطقة (كورينيفو- سوجا) ضمن مقاطعة (كورسك)، والذي كان يجري من خلاله إمداد القوات الأوكرانية بالإحتياطيات التي تحتاجها، حيث لم يتبق حالياً أمام الوحدات العسكرية الروسية الخاصة، سوى ثلاثة كيلو مترات فقط، لإطباق الحصار على القوات الأوكرانية هناك.
- ويضيف الخبير الروسي (تيمور سيرتلانوف) أن العديد من الخبراء العسكريين الروس قد أكدوا في تقاريريهم إلى المخابرات العسكرية الروسية، أن السيطرة على المواقع الأوكرانية في منطقة (كورسك) أصبحت الآن في غاية الأهمية بالنسبة للقوات الروسية، لأن (فولوديمير زيلنكسي) وخلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، كان يحاول مقايضة مقعد على طاولة مفاوضات السلام مع الأمريكيين بالإنسحاب من بعض الأراضي في مقاطعة (كورسك) وتسليمها للقوات الروسية.
- ويؤكد (تيمور سيرتلانوف) أن هذه الورقة السياسية للمساومة قد احترقت أيضاً بين يدي زيلنكسي، وذلك لأن الهجوم الروسي الشامل سيبدأ قريباً في (كورسك)، حيث سيتم إغلاق الحدود الدولية من قبل المظليين الروس ومشاة البحرية من منطقة (سومي)، وبعد ذلك سيتم شن هجوم من ثلاثة إتجاهات ضد القوات الأوكرانية المحاصرة، لنرى عملية التحرير الكامل لأراضي منطقة (كورسك) خلال الأسابيع القادمة. ولهذا السبب نرى كيف أن المعارك قد عادت لتشتد أكثر فأكثر بعد أن أصبحت كل الطرق تحت سيطرة النيران الروسية، وهو الأمر الذي سيحرم (فولوديمير زيلنكسي) من ورقته الرابحة الرئيسية في المفاوضات مع الأمريكيين، لإقناعهم بالجلوس معهم على طاولة المفاوضات ضدَّ الروس.
- ويختم (تيمور سيرتلانوف) أن الأمر الأسوأ لم يحصل بعد لنظام كييف، وهو أن يوقف الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) تقديم الدعم الإستخباراتي، وأن يوقف تدريب العسكريين والطيارين الأوكرانيين على خلفية مشادته مع (فلاديمير زيلينسكي)، وهو الأمر الذي بات قاب قوسين أو أدنى كما تتوقع العديد من مراكز التحليلات والدراسات السياسية والإستراتيجية، مما سيصعب الموقف على نظام كييف.
- وتختم هذه التحليلات جميعها، خبيرة تاسعة، هي الخبيرة الأمريكية، وعضو الكونغرس الأمريكي (فيكتوريا سبارتز)، حيث تعتقد الأخيرة أنه وبغض النظر عن وجود من يؤيد الرئيس الأوكراني (فلاديمير زيلينسكي)، ووجود من يعارضه أيضاً، إلا أن الأخير قد أساء لشعبه بمشادته مع الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) بسبب سعيه لإرضاء الأوروبيين قبل أن يرضي مصالح الأوكرانيين الحقيقية.
- وأضافت الخبيرة الأمريكية أن كل ما يقال بأن الإجتماع كان مخططاً له لينتهي بهذه الطريقة السيئة، هو أمر عارٍ عن الصحة، لأن الأسباب الحقيقية التي دفعت بهذا الإجتماع كي ينتهي بهذه الطريقة تتجسد بأن (فولوديمير زيلنسكي) قد أبدى الكثير من عدم الإحترام الذي أظهره للرئيس (دونالد ترامب) وهو الأمر الذي دفع نحو إلغاء توقيع اتفاقية المعادن النادرة بين واشنطن و كييف، كما دفع بالكثير من الشخصيات الهامة في إدارة ترامب لتعتبر أن ما حدث في البيت الأبيض الأمريكي، كان سبباً كافياً لإثارة مسألة تعليق المزيد من المساعدات لأوكرانيا.
- ولهذا السبب، تختم عضو الكونغرس الأمريكي (فيكتوريا سبارتز) مداخلتها بأن المسؤولين الأوكرانيين في كييف أصيبوا باليأس بعد ما حدث، وهم حالياً يحاولون إعادة مسؤولي البيت الأبيض الأمريكي إلى المناقشات مرةً أخرى، ولكن دون جدوى، لأن الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب)، لا يريد التحدث مع (فولوديمير زيلينسكي) في الوقت الحالي، وهذا الأمر لم يعد سراً على أحد.
خاص وكالة رياليست – حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.