طرابلس – (رياليست عربي): أحدث تقدم سيف الإسلام، النجل الأكبر للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ردود أفعال واسعة بين الليبيين، ولأول مرة تعيد بعض التيارات المتصاعدة اصطفافها من جديد، حتى بدون اتفاق معلن، وحدث شرخ بين تيارات أخرى، وحدتها عوامل صراع مع أطراف أخرى.
وتتمحور مخاوف عامة الليبيين من وصول سيف الإسلام القذافي إلى السلطة، حول عدة أمور منها، أنه قد يلجأ إلى الانتقام ممن قتلوا أبيه وأخويه، وشردوا أسرته، خصوصاً مدينة مصراته والزاوية وجزء من ضواحي طرابلس، وأيضاً إقليم برقة شرق ليبيا، والذي أكد سيف في أكثر من تصريح له أثناء أحداث 2011 بأنه في حالة عودة الهدوء والسيطرة سيكون هؤلاء مواطنين درجة ثانية.
ورغم تقبل بعض التيارات السياسية ترشحه باعتباره “جزء من عملية الانتقال الديمقراطي” إلا أنه هناك تيارات وشخصيات عديدة أخرى رفضت هذه الخطوة معلنة مقاطعتها للانتخابات في صورتها الحالية “المعيبة”.
أما بخصوص شعبية سيف القذافي بحسب ما يروج له أنصاره والذين يتمركز جلهم في نطاق مدينة سرت والتي يوجد بها بعض أبناء عمومته من قبيلة (القذاذة)، وكذلك في مدينة سبها والتي يوجد بها بعض (بطون) قبيلته وحلفاء له من ( المتجنسين) من تشاد والنيجر والذين حصلوا على الجنسية الليبية زمن حكم والده.
لكن لا توجد لسيف الإسلام شعبية مؤثرة وقوية في إقليم برقة شرق ليبيا، فحتى حين تقديمه لأوراقه بمدينة سبها، لم تشهد مدن برقة “معقل أنصار المشير حفتر” أي مظاهر تذكر بخلاف بضع عشرات ظهروا رافعين (الرايات) الخضراء تعبيراً عن تأييدهم لترشحه.
وبالطبع لم يتم أي ظهور لمؤيديه في جميع مدن غرب ليبيا، بحكم أن إقليم طرابلس، تسيطر عليه قوى (المليشيات) والتي تعتبر سيف الإسلام مجرماً يجب أن يطبق ضده حكم الإعدام الذي صدر بحقه من إحدى محاكم طرابلس.
ويرى مراقبون للشأن الليبي، بأن تقدم سيف الإسلام القذافي، سيعيد وحدة تيارات عديدة، فرغم الخلافات بين إقليم طرابلس في الغرب وإقليم برقة في الشرق، حيث الإقليم الأول تسيطر عليه ملييشيات متشددة وأخرى موالية لتركيا، والإقليم الثاني “برقة” مؤيد بشكل كبير للجيش الليبي، وقدم سكان هذا الإقليم التضحيات البشرية والمالية دعماً للجيش ولقائده المشير حفتر، إلا أن عودة سيف للمشهد قد تعيد وحدة هذين الإقليمين، أو على الأقل تقارب مدينة مصراته الأكثر تأثيراً في الغرب الليبي بمدينة بنغازي الأكثر تأثيراً في الشرق الليبي، وهنا ستكون المعادلة أكثر قوة ضد تيار”الخضر” المؤيد لسيف القذافي.
يضاف إلى تعقد وضع سيف الإسلام القذافي السجل القانوني والتاريخي لنجل القذافي المحكوم في ليبيا بالإعدام، والمطلوب من القضاء الدولي، مما يشكل أكبر عائق أمامه، كما أن سلوكه الشخصي وعلاقاته الغرامية المتعددة، والتي لا يزال يتداول الليبيون تفاصيلها، ستكون عامل مؤثر في كسبه أصوات تكون مؤثرة في فوزه، في مجتمع يعتبر محافظاً إلى حد بعيد.
كما توجد عوائق كثيرة أخرى أمام ترشحه، أو فوزه إن وصل لمرحلة الانتخابات، مثل ما صرح به المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية إلى التذكير بأن قرار الاعتقال الذي أصدرته في عام 2011 بحق سيف الإسلام لا يزال سارياً، حيث تتهم المحكمة الدولية نجل القذافي بالتورط في جرائم حرب.
كما أن تعقيدات أخرى تجعل فوز سيف الإسلام القذافي في الانتخابات صعباً، والذي يتمثل في موقف المسؤولين الأمريكيين الذين رفضوا مراراً مشاركته في أي منصب رسمي في الدولة الليبية، خلال المرحلة المقبلة.
ويضيف محللون سياسيون بأنه في ظل تلك المعطيات، يظل نجاح سيف الإسلام مرتبط بأداء باقي الفاعلين السياسيين، ومصالح القوى الدولية وحساباتها المتغيرة.
خاص وكالة رياليست – عبدالعزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.