اتهمت تركيا الإمارات العربية المتحدة بإحلال الفوضى في الشرق الأوسط بتدخلاتها في ليبيا واليمن، في اتهامات ستؤجج على الأرجح التوتر بين الخصمين الإقليميين، يأتي ذلك بعد أن أصدرت الإمارات ومصر، اللتان تدعمان قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر التي تسعى لاقتحام العاصمة، بياناً مشتركا مع اليونان وقبرص وفرنسا يندد بالتدخل العسكري التركي في ليبيا، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
إتخذت الخلافات يبين تركيا والإمارات ومصر منحىً جديداً، فبعد أن كان دعم الطرفين للقوى الموالية لهم خجولاً إلى حدٍّ ما، أصبح اليوم خلافاً علنياً، خاصة بعد أن أصبحت تركيا خبيرة في إطلاق التصريحات بدءً من رأس الهرم رجب طيب أردوغان، وصولاً لأصغر مسؤول في حكومة العدالة والتنمية، لكن اللافت في هذه التصريحات مظلومية تركيا الدائمة، التي تسعى لمكافحة الإرهاب لا لنشره حسب تعبيرها المستمر في هذا السياق، حيث تنسب ما تقوم به لغيرها، من عملية نشر الفوضى حول العالم، وخصوصاً في الشرق الأوسط.
إن تركيز تركيا على دولة الإمارات العربية ليس بريئاً، فهي دائمة المحاولة لإلصاق صفاتها بغيرها، فقد تكون أبو ظبي تدخلت في بعض الملفات منذ العام 2011، كالملف السوري، أو في العام 2015، في الحرب اليمنية، لكن ما لبثت أن عملت على تصحيح مسارها، وبصرف النظر إن جاء هذا التصحيح كجزء من المصالح الجيو – إستراتيجية أم كان نابعاً من عودة خالصة وصافية للأشقاء العرب.
إن تركيا الآن، تعيش في عملية إقتناص الفرص الذهبية على خلفية صمت المجتمع الدولي سواء لمباركة منه، أم لإنشغاله بالجائحة العالمية، إنما ما تقوم به هو تثخين لملف بدأ يختنق لكثرة الأخطاء القاتلة التي إرتكبتها، فالمستقبل يحمل لهذا النظام الكثير، وسنراها في المحكمة الجنائية في لاهاي في وقت ليس ببعيد كثيراً، فإن كانت أنقرة تعتبر ان وجودها في ليبيا ممثلاً بطلب شرعي من حكومة الوفاق “الشرعية”، ففي سوريا هي قوة محتلة دخلت عنوةً وإحتلت أراضٍ سورية، رغماً عن الدولة السورية وبدون موافقتها، مما يجعل وجودها غير شرعي، طالما لا يوجد إعتراف رسمي بمن تدعمهم.
إن الإمارات العربية تعرف جيداً كيف ستؤلم تركيا، فالإتصالات الأخير لولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد وقبلها مشاركة قوية للمسؤولين الإماراتيين في معرض دمشق الدولي في دورته الـ 61، 2019 الماضي، وإفتتاح سفارتها في دمشق، ومن ثم ومن وقت ليس ببعيد إفتتاح سفارة ليبيا، أو شرق ليبيا كما يطلقون عليها، كل هذه الأمور في الحسابات السياسية هي صفعات متتالية لأنقرة، التي تعتقد أنها تتبوأ مكانة عالية بين الرؤوس الكبيرة في العالم، إلا أنها كما تستخدم الفصائل الإرهابية وتحركها في سوريا وليبيا، هي مثلهم أداة بيد الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تعلم جيداً أنها بوابة واشنطن في البحر المتوسط.
إن تكاتف الإمارات ومصر معاً في وجه تركيا، وربما قريباً سنجد العربية السعودية في هذا المعسكر، ودعم كبير لليبيا وسوريا، بغية صرف تركيا من المنطقة وهذا أيضاً ليس ببعيد، فعلى الرغم من أنها دولة صناعية وقوة لا يستهان بها، إلا إنها ليست إلا مكتب من مكاتب واشنطن الإستخباراتية، فالذي لم يتحقق بالتحالفات لا يمكن أن يتحقق بالحروب، خاصة وأن جوار تركيا بعد أن كانت العلاقات المعسولة هي الرائدة، إلا أنها اليوم أصبحت في عداءٍ لن ينتهي بسهولة.
من هنا، إن تدخل تركيا السريع وإستغلال القطيعة الخليجية مع قطر، فتح باب الحنق الخليجي على تركيا، إلى جانب تدخلاتها في كل من سوريا وليبيا، ورغم أن هذا التدخل في بدايته لم يكن مهماً للخليج، لكن بعد مسألة زرع نفسها في قطر، هو أمر يمس بالبيت الخليجي الواحد، فإن كانت تركيا تستخدم الدهاء السياسي العثماني والعسكر التركي في تلك الدول، فإن المال الخليجي يستطيع أن يزيحها ويهدد موقعها خاصة فيما يتعلق بعلاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية.
فريق عمل “رياليست”.