ذكر موقع لينتا رو الروسي أن الدنمارك تبقى العقبة الرئيسة أمام استكمال بناء خط أنابيب “السيل الشمالي-2″، الذي يجب أن ينقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا عبر قاع بحر البلطيق. ويخطط لإنجاز المشروع وتشغيله قبل نهاية عام 2019، مما سيسمح لموسكو بعدم تجديد عقد نقل الغاز مع كييف، الذي سينتهي في 31 ديسمبر. وكان من المفترض أن يمر قسم صغير من الخط عبر المياه الإقليمية الدنماركية، ولكن هذه الدولة اتخذت موقفا صارما، ورفضت الموافقة على طلب روسيا حول مرور الخط عبر مياهها، ما قد يؤجل تاريخ إنجاز الخط.
و نرى أن الرفض الدنماركي في منع مد خط الغاز الروسي المتجه إلى أوروبا (السيل الشمالي 2) يتطابق مع رغبة الولايات المتحدة في ذلك. فالولايات المتحدة تقف بشكل جاد ضد إستكمال هذا المشروع من أجل الحصول على نسبة أكبر من سوق الغاز الأوروبي. و من أجل تقليل إعتماد أوروبا إستراتيجيا على الغاز الروسي. و الدنمارك تتحجج بالخوف من تأثيرات بيئية بسبب مرور هذا الخط، و الرفض الدنماركي سيؤجل بشكل مؤكد الإنتهاء من مشروع السيل الشمالي إلى نهايات عام 2019.
و جدير بالذكر أن، مسألة التوترات بين الدنمارك و الإتحاد الروسي لا تقف عند حد مشروع “السيل الشمالي 2” و لكن أساس هذه التوترات يتمثل في الصراع الأميركي-الكندي-الدنماركي-الروسي على الإستحواذ على مناطق كبيرة من القطب الشمالي. فوزير الدفاع الدنماركي “كلاوس هجورت فريدريكسن” قد أعلن في وقت سابق أنه يعتزم محاربة التهديد الروسي في القطب الشمالي. و هذا يتطابق مع دعوة الولايات المتحدة في إجتماع مجلس القطب الشمالي الأخير التي أطلقها مايك بومبيو “دعونا لا نسمح للروس بالسيطرة على القطب الشمالي!”
أيضاً هناك تأكيدات بأن القوات الجوية الروسية ستنشيء قاعدة جوية في أرخبيل” فرنسوا جوزيف” و هذه القاعدة ستمثل تهديد واضح لجزيرة جرينلاند. لذلك وزير الدفاع الدنماركي لم يستبعد إرسال قوات الجيش الدنماركي إلى جرينلاند من أجل الوقوف أمام أي إنتهاك جوي روسي لسماء جرينلاند. و لذلك أيضا رأينا رغبة ترامب في شراء جزيرة جرينلاند منذ فترة. وجود تأكيدات بأن القوات الجوية الروسية سترسل تعزيزات لقاعدة جوية عسكرية في منطقة “ناجوروسكي” من خلال هذه التعزيزات سيكون هناك طائرات تستطيع التزود جوا بالوقود مما سيكون هناك إمكانية روسية للوصول إلى قاعدة ثول الأمريكية شمال القطب الشمالي، و ذلك كله يوضع في إعتبار الأمن القومي الدنماركي و بالطبع الأميركي-الكندي.
في أوائل شهر مايو الماضي ، صرح قائد القيادة الشمالية للولايات المتحدة ، الجنرال تيرنس أوشونيسي ، بأنه في حالة حدوث نزاع مع روسيا ، يجب أن نتوقع توجيه ضربة من القطب الشمالي. لذلك هناك متابعات عن كثب بين دول هذه المنطقة خوفا من تزايد النفوذ العسكري الروسي. أيضا روسيا تنظر بإهتمام بالغ إلى التحركات الأمريكية في جرينلاند، فالولايات المتحدة تساعد السلطات الجرنلاندية في تطوير مطاراتها، و هذا أمر يقلق روسيا.
تستمر المفاوضات و المحادثات بشأن تقسيم المناطق الإقتصادية بين الدول المطلة على القطب الشمالي، و في حين تستمر هذه الجهود الدبلوماسية، هناك تحركات عسكرية بشكل متوازي من جانب روسيا، الولايات المتحدة، كندا و الدنمارك من أجل الإستحواذ على مناطق إقتصادية هامة لحين التوصل لإتفاق نهائي بشأن التقسيم لهذه المنطقة. في حين تتسم العلاقات الروسية-الدنماركية بالحذر البالغ من أجل أمور التقسيم الإقتصادي لمنطقة القطب الشمالي و إرتأت الدنمارك التضييق على مشروع “السيل الشمالي 2” من أجل تسجيل موقف ضد التحركات الروسية في هذه المنطقة المهمة. لكن هذا التضييق لن يؤثر بشكل فعال على سير العمل في هذا المشروع و كل ما يمكن حدوثه هو التأخير في إتمام هذا المشروع و زيادة سخونة العلاقات الروسية مع معظم دول بحر البلطيق و القطب الشمالي.