واشنطن – (رياليست عربي): قد تحصل سوريا لأول مرة على أسلحة أميركية كانت في ترسانة التشكيلات الكردية. وأصبح ذلك ممكنا بعد توقيع اتفاق في 10 مارس/آذار الماضي بين دمشق وقيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الكردية، وقال مصدر كردي ” إنه تم إعدادها في فبراير/شباط 2025 بعد سلسلة من الاجتماعات بمشاركة الجيش الأمريكي، وبحسب تقارير إعلامية، فإن الاتفاق أصبح ممكنا بفضل إشارات من واشنطن حول نيتها سحب قواتها من سوريا، وهو ما من شأنه أن يترك الأكراد عرضة للتهديدات من تركيا.
قد يحصل الجيش السوري قريباً على أسلحة أميركية كانت في السابق بحوزة الجماعات المسلحة الكردية، وأصبح نقل السيطرة ممكنا بعد توقيع اتفاق بين الحكومة السورية وقيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في 10 مارس/آذار الماضي، وبحسب الوثيقة، سيتم نقل المجموعات القتالية الكردية والهياكل المدنية إلى مؤسسات الدولة السورية. وسيكون لذلك عواقب وخيمة على الوضع العسكري والسياسي في سوريا.
وذكرت مصادر تلفزيونية سورية أن الاتفاق تم التوصل إليه وسط إشارات من الولايات المتحدة بأنها مستعدة لمغادرة سوريا قريبا، وكان لخبر انسحاب القوات الأميركية تأثير كبير على قرار القادة الأكراد، قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت في السابق تحت الحماية الأمريكية، مضطرة الآن إلى البحث عن طرق جديدة لضمان أمنها.
يرى المحلل السياسي السوري محمود الطورون أن الولايات المتحدة قد تتنازل في مسألة توريد الأسلحة للجيش السوري إذا توفر التنسيق والسيطرة من قبل واشنطن. ويرى أن الاتفاق بين دمشق والأكراد لا يمكن أن يتم إلا بموافقة الولايات المتحدة، وهو ما يؤكد برأيه “الضوء الأخضر” من واشنطن.
وبالتالي، سيتم تعزيز الجيش السوري بشكل كبير اقتصادياً وعسكرياً. وتعتبر قوات سوريا الديمقراطية قوة كبيرة ومجهزة تجهيزاً جيداً، ولديها أسلحة حديثة وتسليح ثقيل. وقد يصل العدد، بحسب تقديرات مختلفة، إلى 100 ألف مقاتل.
وفي وقت سابق، زودت الولايات المتحدة الأكراد بمركبات مدرعة من طراز Humwee وCougar، ومنظومات صواريخ مضادة للدبابات من طراز FGM-148 Javelin وBGM-71 TOW، ومعدات اتصالات، وقاذفات قنابل يدوية من طراز MK 19، وقذائف هاون، وطائرات بدون طيار. ومن شأن الموارد الجديدة أن تزيد بشكل كبير من الإمكانات العسكرية للجيش السوري.
تفاصيل الاتفاقية
وقال مصدر كردي لصحيفة “إزفستيا” إن الوثيقة الموقعة تمت صياغتها بشكل نهائي في فبراير/شباط 2025. وأوضح أن الاتفاق تم إعداده بعد سلسلة من اللقاءات، بمشاركة عسكريين أميركيين.
أكد القيادي السوري أحمد الشرع خلال لقائه قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، على أهمية ضمان حقوق الأكراد السوريين في نظام الدولة الجديد، بما في ذلك ضمان حقوقهم الثقافية واللغوية في الدستور المستقبلي.
تظل هناك قضية مهمة تتعلق بالسيطرة على المرافق الاستراتيجية الرئيسية: حقول النفط، والسجون التي يحتجز فيها مسلحو تنظيم داعش (الذي تعترف به روسيا كمنظمة إرهابية ومحظورة)، والمعابر الحدودية مع تركيا والعراق. وينص الاتفاق على أن السلطات السورية ستتولى السيطرة على جميع هذه المرافق، وهو ما سيعزز موقف الحكومة في الوضع السياسي الصعب. وذكرت صحيفة العربي الجديد أن الجيش السوري أرسل بالفعل قافلة عسكرية إلى مواقع رئيسية في شمال شرقي البلاد.
ومن المهم الإشارة إلى أن الاتفاق بين القوات الكردية والحكومة السورية لن يؤدي إلى تغيير في استراتيجية محاربة داعش. وذكرت ذلك وكالة “نورث برس” الكردية نقلا عن قيادة قوات سوريا الديمقراطية. كما أفيد بأن عمليات مشتركة بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري ضد خلايا داعش في البادية السورية مخطط لها في المستقبل القريب، وهو ما يشير إلى بداية تعاون عسكري أوثق بين الطرفين.
ومن المثير للاهتمام أنه حتى وقت قريب كانت هناك خلافات كبيرة بين المركز والفصائل الكردية. وعلى وجه الخصوص، لم تتم دعوة الأكراد إلى مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد في دمشق في 25 فبراير/شباط. وقال فلاديمير أحمدوف، الباحث البارز في مركز دراسة المشاكل العامة للشرق الحديث في معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، لصحيفة إزفستيا، إن الموضوع الرئيسي للمناقشات حول الإعلان الدستوري يتعلق بالمواد التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، والأكراد يعترضون على هذا.
مشاكل اندماج الأكراد مع دمشق
وفي الوقت نفسه، هناك العديد من العوامل المهمة التي أثرت على قرار قوات سوريا الديمقراطية بالتوصل إلى اتفاق مع دمشق. أولاً، هناك الانسحاب المحتمل للقوات الأميركية من المنطقة، وهو ما يترك الأكراد في موقف ضعيف بسبب التهديد التركي الخطير، كما يقول الخبير العسكري العراقي حاتم الفلاحي. ثانياً، أصبحت الأحداث على الساحل السوري، بما في ذلك الاشتباكات، مؤشراً مهماً بالنسبة لدمشق: فالتفاعل مع الجماعات المسلحة قد يؤدي إلى عواقب غير مرغوب فيها إذا لم تتم السيطرة عليها من المركز.
وفي الوقت نفسه، قد تنشأ مشاكل في عملية دمج القوات الكردية في هيكل وزارة الدفاع السورية. وبحسب حاتم الفلاحي فإن الأمر يتعلق بالجانب الشخصي بالدرجة الأولى. ويتعلق الأمر بتوزيع المناصب، وتفويض المهام والأهداف، والتفاعل بين الهيئات العسكرية المختلفة. ويجب أيضاً حل مسألة سلامة الأسلحة التي تمتلكها التشكيلات الكردية.
والمشكلة هنا قد تنشأ عن موقف تركيا، التي من غير المرجح أن توافق على تخزين هذه الأسلحة على الأراضي السورية، التي تقع على مقربة شديدة من حدودها. وستكون هذه القضايا حاسمة لتنفيذ الاتفاق والعلاقات المستقبلية بين الأكراد والحكومة السورية.
ويشير حاتم الفلاحي إلى أنه لا يمكن الادعاء بأن جميع الفصائل داخل قوات سوريا الديمقراطية وافقت على الاندماج في الجيش السوري وقد ترفض بعض المجموعات العرض وتظل كيانات مستقلة، الأمر الذي يتطلب أيضًا تنظيمًا إضافيًا.