بكين – (رياليست عربي): من المتوقع أن تندلع حرب تجارية جديدة بين الولايات المتحدة والصين، لقد فرضت الدول بالفعل رسومًا جمركية على واردات بعضها البعض.
وردت بكين على الرسوم الجمركية الأميركية بفرض رسوم جمركية على مصادر الطاقة، وهو ما سيؤثر على الغاز الطبيعي المسال والنفط والفحم، ويتوقع المحللون الأجانب عواقب وخيمة، ومن المتوقع حدوث تغييرات في تدفقات التجارة في جميع أنحاء العالم.
ويرى الخبراء أن رد فعل الصين كان معتدلاً إلى حد ما، وأن التعريفات الجمركية المقررة لن يكون لها تأثير خطير على الولايات المتحدة، وأن أسعار الطاقة ستعتمد إلى حد أكبر على عوامل لا علاقة لها بالحرب التجارية، هل يواجه العالم إعادة توزيع عالمية للأسواق بسبب تصعيد العلاقات بين الصين والولايات المتحدة؟
وقد اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي هدد العديد من الدول بفرض رسوم جمركية صارمة، إجراءات، وقّع على مراسيم تفرض رسوماً جمركية على البضائع القادمة من كندا والمكسيك والصين، وفي الحالتين الأوليين، ساعدت المفاوضات في تخفيف قرار الزعيم الأميركي، لكن الصين، التي كانت خاضعة لرسوم جمركية بنسبة 10% (بالإضافة إلى تلك التي كانت سارية بالفعل على الواردات الصينية)، بدأت في اتخاذ إجراءات حاسمة، وهناك مخاوف متزايدة من أن العالم على وشك اندلاع حرب تجارية أخرى، ويتوقع الخبراء أن تكون لأفعال الصين عواقب وخيمة.
وكان أول ما فعلته الصين لحماية مصالحها هو فرض رسوم جمركية على واردات موارد الطاقة الأميركية، ومن المقرر أن يدخل قرار مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية حيز التنفيذ في 10 فبراير/شباط، وسيتم فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على النفط، في حين ستكون الرسوم الجمركية على الفحم والغاز الطبيعي المسال 15%، وسوف يؤثر الرد الصيني أيضًا على صناعة السيارات الأميركية: حيث ستخضع السيارات الكبيرة والشاحنات الصغيرة والآلات الزراعية لرسوم جمركية بنسبة 10%.
وأعلنت وزارة التجارة الصينية أن الصين تقدمت بشكوى ضد الإجراءات الضريبية الأميركية إلى منظمة التجارة العالمية، واعتبرت الوزارة أن فرض واشنطن للرسوم الجمركية من جانب واحد هو “مظهر نموذجي للأحادية (الإجراءات التي لا تأخذ في الاعتبار مصالح البلدان الأخرى) والحمائية التجارية”.
وتعتبر الصين الخطوات التي اتخذتها أنها عادلة ومبررة تماما. وأصدرت السفارة الصينية في واشنطن هذا البيان، وأكدت الدائرة الدبلوماسية أن الإجراءات تتوافق مع القوانين والأنظمة المعمول بها والمبادئ الأساسية للقانون الدولي.
لكن الرسوم الجمركية الجديدة ليست بالغة الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة. في نهاية عام 2024، بلغ حجم التجارة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية 688.28 مليار دولار، لكن الإمدادات من الولايات المتحدة لم تشكل سوى 163.62 مليار دولار، ومن بين هذه الواردات، بلغت حصة واردات الطاقة من حيث القيمة النقدية 6 مليارات دولار متواضعة للنفط، و2.4 مليار دولار للغاز الطبيعي المسال، و1.8 مليار دولار لفحم الكوك.
لكن قرار الصين بفرض رسوم جمركية على واردات الغاز الطبيعي المسال يثير بالفعل مخاوف بين الخبراء، وقد يؤدي ذلك إلى إشعال معركة بين أكبر مشتر للوقود في العالم، ومن الممكن أن تشجع مثل هذه الخطوة العملاء الصينيين الذين لديهم عقود طويلة الأجل مع الموردين الأميركيين على إعادة بيع إمداداتهم إلى المستوردين في أماكن أخرى بسعر أعلى، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال في كل مكان.
ومن غير المرجح أن توقع الشركات الصينية عقوداً جديدة طويلة الأجل مع الموردين الأميركيين، وسوف يستمر هذا الوضع طالما استمرت التوترات التجارية المرتفعة.
وقد أثرت زيادات التعريفات بالفعل على سوق الطاقة في أوروبا، التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي المسال، انخفضت أسعار الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي بشكل حاد على مدى خمس جلسات، انخفضت العقود الآجلة القياسية بنسبة 2.1%.
والحقيقة هي أن المستوردين من الصين يبيعون بالفعل معظم الكميات التي يتلقونها من الولايات المتحدة إلى أسواق أخرى، وعلى وجه الخصوص، زادت تدفقات البحر إلى شمال غرب أوروبا، التي هي في حاجة ماسة إلى الغاز الطبيعي المسال بسبب الطقس البارد ونضوب مرافق تخزين الغاز بسرعة. وفي تلك الفترة، ارتفعت أسعار الوقود بشكل كبير، لكن إمكانية زيادة الإمدادات أدت إلى انخفاض الأسعار.
كما أن الرسوم الجمركية المفروضة أثرت أيضًا على النفط، وإن احتمال اندلاع حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة، والتي من شأنها أن تقوض الأسعار المرتفعة، يهدد الطلب على الطاقة، ونتيجة لذلك، انخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى 71 دولاراً للبرميل، هبطت العقود الآجلة إلى ما دون مستويات نهاية عام 2024 للمرة الأولى هذا العام.
بالتالي، في حالة أسعار الغاز الطبيعي المسال، قد تكون هناك تقلبات في الأمد القريب بسبب الأخبار، ولكن في الأمد المتوسط، فإن فرض الرسوم لن يكون له تأثير كبير على السوق.
العامل الأكثر أهمية بالنسبة لسوق الطاقة سيكون تأثير الحرب التجارية الجديدة على النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والصين، وهو مشتق من ديناميكيات الطلب العالمي على موارد الطاقة، إذا أدت الحرب التجارية إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني، وتشير التقديرات بالفعل إلى انخفاض بنسبة 0.5% في نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني، فسوف نشهد انخفاضًا في تكلفة موارد الطاقة.