إسلام أباد – (رياليست عربي): استقال رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان في التاسع من أبريل/ نيسان، بعد تصويت بحجب الثقة عن البرلمان.
وجرت المحاولة الأولى لإقالته في 3 أبريل/ نيسان، لكنها فشلت بعد أن رفض نائب رئيس مجلس النواب قاسم خان سوري التصويت لحجب الثقة، الأمر الذي دفع به للاعتقاد بأن حقيقة مبادرة عزل رئيس الوزراء كانت مستوحاة من قوى خارجية، واعتبر نائب رئيس مجلس النواب هذا انتهاكاً للمادة /5/ من دستور البلاد، التي تنص على أن الولاء للدولة واجب أساسي على كل مواطن باكستاني.
في 8 أبريل/ نيسان، ادّعى عمران خان أن خصومه السياسيين تواطأوا مع الولايات المتحدة للإطاحة به بسبب قرارات سياسته الخارجية في اليوم السابق، والتي شجعت تطوير علاقات البلاد مع روسيا والصين، متحدية واشنطن، إذ من الممكن أن يكون رئيس الوزراء السابق قد أجرى تقييماً موضوعياً للوضع من حوله، الأمر الذي تنبهت له واشنطن، فكانت الذريعة الفورية لتكثيف الجهود الأمريكية لإزاحة خان من منصب رئيس الحكومة هي زيارته لموسكو يومي 23 و 24 فبراير/ شباط الماضي من هذا العام والمفاوضات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ومن الواضح أن هذا لا يتناسب مع السياسة العامة المسعورة المعادية لروسيا للغرب، بقيادة واشنطن، والتي تم إطلاقها مؤخراً بسبب الأحداث في أوكرانيا، ومع ذلك، كانت هناك أسباب موضوعية كافية للتعبير عن عدم الثقة في رئيس الوزراء وحكومته، مثل تدهور الاقتصاد الوطني، وفقدان الدعم لخان من قبل غالبية القوى السياسية في البلاد وقيادة القوات المسلحة.
بعد ذلك، لعب دور مهم في نجاح إجراءات الإقالة حقيقة أن العديد من حلفاء رئيس الوزراء وممثلي حزب الائتلاف الرئيسي قد انضموا إلى جانب المعارضة، حيث كان من المقرر أن يتم انتخاب رئيس وزراء جديد في 11 أبريل/ نيسان في باكستان، وكان من المتوقع أن يكون المرشح الرئيسي لهذا المنصب هو زعيم المعارضة الموحدة شهباز شريف البالغ من العمر 70 عاماً، والذي صرح بأن “الحكومة الباكستانية الجديدة ستعيد حكم القانون في البلاد ولن تسعى إلى تحقيق سياسة الانتقام، سوف تصبح باكستان مرة أخرى دولة دستورية، من مصلحة الأمة أن تنسى مظالم الماضي وتتقدم”، حيث أيد البرلمان ترشيحه، وفي الأيام المقبلة، سيتولى رئاسة الوزراء.
كما من المتوقع أنه على أساس المعارضة الموحدة، التي تغطي طيفاً سياسياً واسعاً إلى حد ما من اليسار المتطرف إلى الشخصيات الدينية الراديكالية، سيتم تشكيل حكومة جديدة في أقصر وقت ممكن.
ولكن خلف التصريحات لرئيس الوزراء المستقبلي، قد يكون هناك أيضاً تجميد محتمل أو حتى تقليص للتعاون التجاري والاقتصادي والعسكري التقني للبلاد مع روسيا، وتعطيل إنشاء خط أنابيب الغاز الباكستاني، الذي اتفق عليه بالفعل الطرفان، حيث تولي القيادة الروسية أهمية كبيرة لهذا المشروع، لأنه ليس ذا طبيعة ثنائية متبادلة المنفعة فحسب، بل يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في المستقبل في نظام التكامل الإقليمي الآسيوي لاستقبال الغاز من خط أنابيب الغاز الاستراتيجي “تركمانستان – أفغانستان. – باكستان – الهند – TAPI” قيد الإنشاء.
الأمل اليوم هو أن السلطات الباكستانية الجديدة لن “تطلق النار على نفسها” وستواصل التعاون مع روسيا في مشروع “السيل الباكستاني – باكستان ستريم” وغيرها من المشاريع التي تعود بالفائدة عليهم.
الوضع الحالي، يمثل تحول حاد محتمل في السياسة الخارجية لإسلام أباد من نهج متعدد النواقل نحو تركيز أكبر على الولايات المتحدة والغرب، وهو ما تدعو إليه المؤسسة السياسية والعسكرية الحالية لباكستان، هذا الأمر يشكل تحدياً جديداً لروسيا ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، أيضاً في منطقة آسيا الوسطى وفي الاتجاه الباكستاني – الأفغاني.
إن إعادة ضبط التعاون بين باكستان وروسيا في مختلف المجالات، والذي تم تطويره على مر السنين، سيكون له الأثر الأكثر سلبية على تعاون الدول في إطار منظمة شنغهاي للتعاون، ومن غير المرجح أن يسهم دفع إسلام أباد إلى فلك سياسة واشنطن المعادية لروسيا في استقرار وتعزيز الأمن الإقليمي، وتفاعل الدول في محاربة الجماعات الإرهابية الإسلامية المتطرفة.
خاص وكالة رياليست – ستانيسلاف إيفانوف – دكتوراه في التاريخ، باحث أول في مركز الأمن الدولي التابع لأكاديمية العلوم الروسية.