قال الجيش الأمريكي إن روسيا ترسل على ما يبدو المزيد من المعدات العسكرية إلى مرتزقتها في ليبيا، بما في ذلك مدينة سرت، في انتهاك لحظر الأسلحة، وقالت قيادة أفريقيا بالجيش الامريكي إن هناك أدلة متزايدة من خلال صور الأقمار الصناعية لطائرات الشحن العسكرية الروسية، بما في ذلك قيام طائرات آي.إل-6 بنقل إمدادات إلى مقاتلين من مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
بعد أن شعرت تركيا بفشل المعركة المقبلة، عقب تأييد البرلمان المصري لأداء جيش البلاد مهام قتالية خارجية، ومعلومات عن تكتل تحالف فرنسي – إماراتي داعم لأي مواجهة فعلية ضد القوات التركية الموجودة في ليبيا، عادت أنقرة لإعداد ما هي ماهرة به، أي البحث عن سكة تفاوضية تماطل من خلالها وتكسب الوقت وتدرس نقاط الضعف والقوة إن كان لديها أو لخصومها، خاصة وأن الفريقين المتناحرين يعدان العدة لأي معركة مقبلة ووجهتها “سرت” الليبية، فضلاً عن إحياء المفاوضات عبر قمة أنقرة مع موسكو الماهرة أيضاً في إدارة ملفات التفاوض والوساطة التي أثبتت نجاعتها في الأزمة السورية.
وبالطبع أي دور روسي يكون بارزًا بحكم أنها دولة عظمى، لا يعجب الولايات المتحدة، فهي لن تتخلى عن القطبية الأحادية تحت أي ظرف، ولن تقبل بأن تفقد بريقها لجهة إدارة العالم، ومع إنخفات الإتهامات السابقة التي ذكرتها القوات الأمريكية العاملة في أفريقيا – أفريكوم” عادت مجدداً لتضع صوراً من الأقمار الصناعية تتهم فيها روسيا بإرسال المزيد من المعدات العسكرية، وإمداد مجموعات فاغنر العسكرية الروسية الخاصة بها، أمر يوحي بأنه كلما إقتربت موسكو من الملف الليبي، تعمل واشنطن على إبعادها مخافة أن يكون لها دور فعلي على الأرض كما الحالة السورية، وما إن تطأ روسيا قدمها بشكل رسمي في ليبيا، من الطبيعي أن تنشئ لها قواعد عسكرية أسوةً بتركيا، وهذا أمر فيما يبدو أن الإدارة الأمريكية لن تسمح به.
فمع الصخب الإعلامي الكبير في منطقة الشرق الأوسط والمعلومات التي تتحدث عن حرب محتملة، وبصرف النظر إن كانت ستحدث أم لا، فلقد قصفت إسرائيل ثلاثة مواقع في مدينة القنيطرة السورية جنوب سوريا مساء الأمس، رداً على قصف سوري على أهداف داخل الجولان السوري المحتل، إضافة إلى إستنفار كل من إسرائيل على حدودها الشمالية، وحزب الله على جنوب لبنان، وحادثة إعتراض المقاتلات الأمريكية لطائرة مدنية إيرانية، هددت طهران الأمريكيين بشكل واضح وعلني، يضع إحتمالات عدة، فمن هي الجهة الحقيقية التي تريد إشعال المنطقة أكثر مما هي متقدة، وهل الضالعين جميعاً في هذه الأزمات يملكون القدرة على الحرب، إنما الواضح أن إسرائيل وأمريكا تريدها وقبيل الانتخابات الأمريكية. وإلى أن يحدث ذلك، من عدمه، تسعى واشنطن إلى شيطنة روسيا بالملف الليبي، عبر تلك الإتهامات التي يشيرون إليها من وقت لآخر.
من هنا، إن الدمار الذي حاق بالمنطقة بسبب أفعال الولايات المتحدة وحلفاءها يعكس مدى جديتهم في إستمرارية إفتعال المشاكل ليس في ليبيا أو سوريا فقط، بل في أي مكان لهم فيه مصالح، فلقد شكلت واشنطن جبهة ضد الصين وضد إيران وضد سوريا وضد كوريا الشمالية وبعض دول أمريكا اللاتينية وروسيا، لا يهمها نتائج أفعالها بقدر ما يهمها أن تبقى متربعة على عرش قيادة العالم، وبعد هذا الأمر وكما وقعت الصين وإيران إتفاقية إستراتيجية لمدة 25 عاماً، قد تحذو روسيا حذو الصين، وتنفذ معاهدة إستراتيجية مع أعداء الولايات المتحدة، فالعالم اليوم يتعرض لمخاض عسير، فليست روسيا والصين بالخصم السهل، وهذا ما يقلق الإدارة الأمريكية بكل تأكيد.
فريق عمل “رياليست”.