إستضافت أنقرة أمس القمة التركية – الروسية – الإيرانية الخامسة حول الأزمة السورية، وبمشاركة كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، و طبقا لوكالات أنباء، عقدت هذه القمة لبحث الوضع في الشمال السوري، وملف اللجنة الدستورية والانتخابات المقررة في 2021، وملف عودة اللاجئين.
مستقبل العملية السياسية
ناقش الرؤساء الثلاثة التطورات الأخيرة في سوريا، إضافة إلى مسألة “ضمان الظروف المناسبة من أجل العودة الطوعية للاجئين ومناقشة الخطوة المشتركة التي سيتم اتّخاذها في الفترة المقبلة بهدف التوصل إلى حل سياسي دائم، طبقا لما أعلنته الرئاسة التركية على موقعها 16 سبتمبر/ أيلول 2019.
تحذير روسي
وخلال اجتماع للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره التركي أردوغان، على هامش القمة، شددّ بوتين على أن الشيء الوحيد الذي يتعين علينا فعله هو التأكد من أن إجراءات عمل اللجنة متفق عليها، وأولا وقبل كل شيء، بأن أعضاء هذه اللجنة يتصرفون بشكل مستقل بما فيه الكفاية ولا يتعرضون لأية ضغوط خارجية.
إلى ذلك، وفي كلمة ضمن المؤتمر الصحافي للرئيس بوتين في ختام مناقشات القمة لليوم 16سبتمبر/ أيلول، عبّر بوتين صراحةً عن قلق روسيا من الوضع المتوتر في إدلب، وتأكيده على أنه يجب إنهاء النشاط الجهادي فيها لأنه يشكل مخاطر ستؤثر على العملية السياسية، كما ألمح الرئيس بوتين على أن التطورات في شرق الفرات يجب ألا تؤثر على وحدة الأراضي السورية.
يبدو من التصريحات التي سبقت وتلت هذه القمة، أن هذه القمة كانت روتينية بشكل واضح، فلا نتائج ملموسة تمخضت عنها. و السبب يرجع إلى أن ما يفرّق هذه الدول الثلاث أكثر مما يجمعهم، فهناك إختلافات كثيرة بين موسكو وأنقرة فيما يخص إستمرار الدعم التركي لهيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقا”، وغيرها من الجماعات الإرهابية المتواجدة في إدلب، التي تهاجم قاعدة حميميم الجوية الروسية بإستمرار، أيضا تركيا ترفض تماما التحركات العسكرية السورية بدعم جوي روسي في إدلب مطالبة بوقف هذه التحركات، فضلا عن مسألة شرق الفرات والإقتراب من إحتمالية التقسيم، أقله منح فيدرالية أو إدارة حكم ذاتي للأكراد، و بالنسبة للطرف الضامن الثالث- إيران فيواجه على الصعيدين الداخلي والخارجي العديد من التحديات وليس آخرها إتهامها بمسألة تفجير المنشآت النفطية السعودية، أيضا الإصرار الإسرائيلي على الانسحاب الإيراني من سوريا، يؤثر على الموقف الروسي الحائر بين سندان إيران و مطرقة إسرائيل.
فالوضع الراهن في سوريا، أصبح خارج عن سيطرة الدول الثلاث التي شكلت قبل عامين حلف ثلاثي مهم كان ضامنا للعملية السياسية و تنفيذ الإتفاقيات العسكرية على الميدان، فأصبح للولايات المتحدة دور أكبر في الملف السوري و هذا الدور أصبح يثير حفيظة روسيا بشكل واضح و ذلك رأيناه في تعليق و تخوف فلاديمير بوتين من الوضع في منطقة شرق الفرات. فالحل السياسي الشامل الذي يصبو إليه زعماء الدول الثلاث أمر صعب الحدوث في المستقبل القريب، فالشمال السوري بأكمله محتل سواء من القوات التركية أو الجماعات الإرهابية أو من قوات أمريكية و فرنسية. بالإضافة إلى أن هناك مساعي لإعادة تواجد تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة دير الزور و هذا الأمر سيعقد الوضع أكثر.
فلا يمكن لأي حل سياسي شامل في الملف السوري أن يرى النور، إلا في حالة توافر ثلاث عوامل: خروج جميع القوات الأجنبية من الأراضي السورية ؛ التخلص من تواجد الجماعات الإرهابية و أخيراً توافق الدول الخمس الفاعلة في الملف السوري (الولايات المتحدة، الإتحاد الروسي، إيران، تركيا و إسرائيل).