باريس – (رياليست عربي): منذ عام 2010، وحصول الإمارة الصغيرة على تنظيم كأس العالم لكرة القدم، مع المباني الرائعة، أصبح في قطر أكبر ملعب وإستاد في العالم.
تخيل: 8 ملاعب بها 40.000 إلى 80.000 مقعد في مساحة 11500 كيلومتر مربع، بالكاد أكبر من منطقة أصغر الضواحي الفرنسية، وفي بلد يبلغ عدد سكانه 2.8 مليون نسمة فقط، بما في ذلك حوالي 380 ألف مواطن قطري (أكثر بقليل من سكان مدينة نيس الساحلية في الجنوب الفرنسي).
تهدف هذه الإنشاءات إلى الارتقاء إلى مستوى أكبر منافسة رياضية في العالم مع الألعاب الأولمبية والطموح المثير للإعجاب لإمارة قطر الغنية للغاية بالغاز، والتي لا تزال في المرتبة 113 في تصنيفات الفيفا.
لماذا يهاجم الغرب قطر؟
هناك هجمة شرسة في كثير من الدول الغربية، خاصة في ألمانيا، للمبالغة في الإنفاق والذي قارب من 220 مليار دولار أمريكي، والذي يجعل منه أفضل تنظيم لمنافسات كأس العالم، وكما أكد ذلك رئيس الفيفا السويسري إنفنتينو .
ستة ملاعب جديدة يختفي أحدها ويرمم اثنان
من بين الملاعب الثمانية التي ستستضيف مباريات كأس العالم، 6 تم بناؤها خصيصاً تم تجديد 2 فقط، استاد أحمد بن علي، الذي بني عام 2003 في الريان بالضاحية الغربية للدوحة، واستاد خليفة الدولي بالدوحة الذي انبثق من الأرض عام 1976، وحوله أقيمت أكاديمية أسباير وقبتها الشهيرة، المقصود بها أن تكون أداة لتطوير الرياضة القطرية، استاد خليفة هو أحد الملاعب الأربعة في الدوحة، إلى جانب استاد المدينة التعليمية، والذي تم تشييده كما يوحي اسمه في حرم الجامعة الرئيسية في قطر، يضاف إلى ذلك ملعب الثمامة الذي استوحى تصميمه من القبعات التقليدية التي يتم ارتداؤها في الدول العربية، الغطرة أو الدشداشة.
النقاد حول هذه المسابقة في قطر كثيرون، العدد والحجم غير المتناسب لهذه الإنشاءات على وجه الخصوص، للرد على هذا، على الأقل جزئياً، قررت الإمارة تقليص سعة بعض الملاعب، بما في ذلك ملعب الثمامة، بعد المنافسة، ومن ثم ينبغي أن تفقد نصف قدرتها على زيادة المقاعد إلى 20000 مقعداً وسيتم منح 20000 مقعداً مكتسبة إلى البلدان النامية، بعد انتهاء المنافسات وهذا العرس العالمي .
أكثر اقتصاداً ومسؤولية بيئية
يجب أن يختفي الملاعب الأربعة الأخرى في الدوحة تماماً بعد كأس العالم، سيتم تفكيكها وسيتم استخدام العناصر المسترجعة لبدء مشاريع أخرى، استاد 974 هو اسمه، 974 كرمز هاتف قطر، 974 حيث أن عدد الحاويات المعاد تدويرها المستخدمة في بنائه، هو ملعب أصلي ملون ويمكن الاستشهاد به كمثال، وفقاً لشركة الهندسة المعمارية الإسبانية Fenwick Iribarren ، التي صممت 974، كان هذا الملعب سيستخدم مياهاً أقل بنسبة 40٪ من الاستاد التقليدي في بنائه، كما أنه سيكون الملعب الوحيد للحدث الذي لن يكون مكيفاً.
يدعي النقاد أن المبادرات البيئية تُعتبر غير كافية إلى حد كبير، حيث سيتم توفير الطاقة للملاعب الثمانية (التكييف والإنارة) من خلال محطة للطاقة الشمسية بقدرة 800 ميغاوات، وهي تقريباً قوة مفاعل نووي، وقد تم الترحيب بهذه المبادرات الخضراء، لكنها تعتبر غير كافية إلى حد كبير من قبل العديد من الجمعيات البيئية، على وجه الخصوص لأنه إذا كانت قطر قد وعدت ببصمة كربونية محايدة لكأس العالم، فمن المحتمل أنها لم تستثمر ما يكفي في الطاقات المتجددة لتحقيق هذا التوازن، حيث لا تزال البلاد تحمل الرقم القياسي العالمي المحزن لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد الواحد في الغلاف الجوي مع 37 طناً وبالمقارنة، فإن درجة فرنسا، التي تعتبر بالفعل سيئة للغاية، هي 11 طناً سنوياً لكل فرد.
ملعب “لوسيل” سيكون أكبر ملعب في المسابقة، وهو أيضاً أكبر ملعب في شبه الجزيرة العربية بسعة 80.000 مقعداً، مكيفاً يقع في مدينة لوسيل الجديدة في الضاحية الشمالية للدوحة، لوسيل مدينة بنيت خصيصاً لكأس العالم بتكلفة إجمالية 38 مليار دولار، في هذا الملعب ستقام المباراة النهائية للمسابقة، كما
تم تصميم مكيفات الملاعب من قبل المهندس سعود عبد العزيز عبد الغني، الملقب أيضاً بـ “دكتور كول”، يحب التوضيح أن نظامه يجب أن يعتبر “إرثاً” لقطر، حيث لا يجب استخدامه خلال كأس العالم التي تقام في الشتاء، تحت درجات حرارة محتملة جداً تبلغ حوالي 25 درجة، ولكن فقط بمجرد انتهاء المنافسة، للمباريات التي يجب لعبها في الصيف.
سقاية الملاعب بمياه الشرب
كما هو الحال في جميع ملاعب المسابقة في قطر، سيتم ري عشب استاد البيت في الخور، بمياه الشرب، السبب بسيط، حيث لا توجد إمكانية تقريباً لإعادة تدوير المياه في قطر وبالتالي فإن اللجنة المنظمة ملزمة باستخدام المياه الجارية وبالتالي الصالحة للشرب للصيانة، من هنا، هناك انحراف بيئي آخر كما يقول النقاد .
استاد البيت هو الأبعد عن الدوحة، حوالي ستين كيلومتراً، وبما أن الأمير قد منح قروضاً غير محدودة تقريباً للمهندسين المعماريين، فقد تمكنوا من إطلاق العنان لخيالهم، ويعتبر البيت نجاحاً جمالياً حقيقياً، لن يكون هناك ملعب في كأس العالم بهذه الصورة، لكن هذا الاستاد مذهل تماماً، نسخة عملاقة من خيمة بدوية، إنه ملعب فريد من نوعه، بدون أي نظير في العالم، بعيد جداً عن الملاعب المماثلة، ولكنه منتَج بكميات كبيرة من منتجات ومستلزمات أوروبية حديثة.
ربما يكون ملعب الجنوب، وهو الملعب الثامن والأخير لقطر 2022، أكثر روعة، فقد صممته المهندسة المعمارية العراقية زها حديد، الشخصية المهيمنة في حركة التفكيك، من أجل هذا العمل، استلهمت زها حديد، التي توفيت بنوبة قلبية في عام 2016، أجسام وأشرعة المراكب الشراعية، وهي قوارب صيد اللؤلؤ التي سافرت لفترة طويلة على سواحل شبه الجزيرة العربية.
تم بناء ملعب الجنوب الذي يتسع لـ 40 ألف مقعد في الوكرة، وهو تكريم للأنشطة البحرية في المدينة، قبل هذا العمل بعد وفاتها، كانت زها حديد، أحد أكثر المهندسين المعماريين مكافأة في المهنة، بمعدات رياضية هائلة، لقد تخيلت بشكل ملحوظ حمام السباحة الأولمبي لألعاب لندن، في عام 2012 بسقفه الذي لا يُنسى على شكل موجة عملاقة.
كما يدعي كثير من النشطاء والمهتمين بإن العدد المستحيل للعمال القتلى في مواقع البناء.
وبالتالي، فإن مشكلة ملاعب كأس العالم هذه في قطر ليست جمالها أو جودتها، بل في الكارثة البيئية التي يمكن أن تولدها، وظروف العمل المزرية للعمال الذين قاموا ببنائها.
يقول النقاد: إن المنطقة الصناعية بالدوحة حيث يعيش 400 ألف عامل بعيداً عن الأنظار، في منطقة محظورة على الصحفيين، حيث قدرت صحيفة الغارديان، اليومية الإنجليزية، في فبراير 2021 عدد العمال الأجانب الذين لقوا حتفهم منذ عام 2012 وبدء العمل بـ 6500 عامل، منظمة العمل الدولية (ILO)، الموجودة في الدوحة منذ 2018، أعربت عن أسفها في نوفمبر 2021 لأن هذا التقييم قد “تمت إعادة إنتاجه على نطاق واسع (…) دون تضمين السياق دائماً (…) وغالبًا ما تنسب هذه الوفيات في البناء من ملاعب كأس العالم”، يكاد يكون من المستحيل تأكيد هذا الرقم لكنه لا يزال يعطي فكرة، كما يستنكر المسؤولين القطريين “مهاجمة قطر ”، ويسلطون الضوء على جهودهم لمواءمة أنفسهم مع المعايير الغربية .
رغم الهجوم الذي تعرضت له إمارة قطر من حملات تشكيك ونقد، على مدار 12 عاماً الماضية، ولكن بالعمل المستمر الدؤوب، وتوافر الأموال وضخها دون سقف، لإنجاز وتحقيق هذا الحلم، والذي سوف يجعل قطر ومنطقة الخليج والعالم العربي أكثر تواجداً على الساحة الدولية والعالمية، والخريطة السياحية والاستثمارية، بالأمس كان مؤتمر المناخ في مدينة شرم الشيخ الساحرة بمصر، والآن ولمدة شهر يستمتع العالم ومحبي ومشجعي رياضة كرة القدم بهذا المحفل والتجمع الرياض الضخم، من أجل المتعة والتعارف والسلام.
لكل الشعوب وخاصة الشباب من أرجاء المعمورة .. مبروك يا عرب، مبروك يا قطر.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر.