موسكو – (رياليست عربي): علمياً، يُعرّف عميل التأثير أو عميل النفوذ، بأنه عميل يتمتع بمكانة ما، يستخدم منصبه للتأثير في الرأي العام أو اتخاذ القرارات بهدف الوصول إلى نتائج تنعكس فائدتها على البلد الذي ينتمي العميل إليها. غالباً ما يكون عملاء التأثير من أكثر العملاء الذين يصعب اكتشافهم، نظراً لندرة الأدلة المادية التي تربطهم بقوة أجنبية، لكنهم يمكن أن يكونوا من بين أكثر الوسائل فاعلية للتأثير في الرأي العام والأفعال الأجنبية لأنهم يتمتعون بمصداقية كبيرة بين الجمهور المستهدف. أما البوسطجي فهو الشخص الذي تنتهي مهمته بتسليم رسالة ما دون أن يعلم فحوى هذه الرسالة أو معناها. وهنا الفارق واضح كما يبدو لنا بين الوظيفتين.
فعميل التأثير يُفترض فيه أنه يتمتع بمكان ما، وهذا المكان يجب أن يكون معنوياً في الأساس، كأن يكون فناناً محبوباً، كاتب وأديب مؤثر، زعيم حزب سياسي كبير أو على الأقل في الفترة الأخيرة بلوغر مشهور ولديه ملايين يتابعون حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديو. أما البوسطجي فيُفترض فيه أن يكون لديه يدان تحملان الرسائل.
الإخوة أديب
حالة الأستاذ عماد الدين أديب وحتى أخيه عمرو أديب، ودورهما في العلاقات المصرية السعودية في الفترة الحالية، وطبقاً للتعريفات القاموسية، فهما بوسطجية بلا شك. فلا عماد الدين أديب محبوباً هو ولا أخيه ولا يمتلكا قنوات لليوتيوب يشاهدها الملايين، فعماد أديب يكتب في موقع لبناني وبشكل غير منتظم ونظن جميعاً ألا يوجد 1000 شخص في مصر يعلم شيء عن هذا الموقع الإلكتروني. في حين أخيه عمرو أديب المفروض على المصريين منذ زمن فات، حاصل على شهرة إعلامية زائفة، من خلال الاعتماد على تقطيع حلقات برنامجه التلفزيوني لمقاطع صغيرة وبعناوين مثيرة، بالإضافة للاعتماد على محرري التوك شو في المواقع الإخبارية-الإلكترونية المصرية (بمقابل أو بدون) لنشر ما يدور في برنامجه. ولا يستطيع أحد أن يربط بين شهرته هذه وبين مدى تأثيره في الداخل المصري. فكل ما نلاحظه على وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك المعارف الشخصية يؤكد مدى كُره الشعب المصري له، ولعل غلقه للتعليقات على حسابه في موقع تويتر خير دليل على ذلك.
اللعبة
اللعبة الكبرى هنا، هي أننا نتعامل مع كل ما يكتبه عماد أديب أو كل ما يقوله أخوه، وكأنه بالفعل صادر من قيادة المملكة العربية السعودية، وحتى إن كان ذلك حقيقياً، فلماذا نتعاطى مع ذلك وكأنه تأثير حقيقي على الرأي العام أو القيادة المصرية؟ فالرأي العام ما كان سيلتفت لهذه المواضيع، لو لم تأخذه وسائل الإعلام الإخوانية على أنه إشارة إلى سوء العلاقات المصرية السعودية، وكيف أن الرياض تستخدم عائلة أديب في تخويف مصر وقياداتها، كما أننا لم نكن لنلتفت للمقال الأخير لعماد أديب (والذي أتصور أنه ركيك كعادته) لولا بدء بعض الحسابات الشخصية التابعة لـتأثير القيادة المصرية في وسائل التواصل الاجتماعي في انتقاد عماد أديب وكيف انه يعمل لصالح السعوديين. وهنا أريد أن أوكد أنني لم أكتب عن هذا الموضوع إلا بعد انتشاره الفعلي، فلا أحب أن أكون أحمقاً مفيداً في نظر عائلة أديب، فكل من ينتقدهم يُزيد من مقابلهم المادي ممن يعملون عندهم.
في نهاية الأمر، لا ننفي أنهما من المشاهير، فتكمن قوة الإخوة أديب في أنهما يمتلكان شبكة علاقات عامة قوية، تجعل كل ما يقولونه على ألسنة المشهورين الآخرين، وإذا تحدثنا هنا عن التأثير الحقيقي لهما فسنجده من خلال علاقاتهم الشخصية المبنية على المصالح مع كل من هم يعملون في الحقل الإعلامي والصحفي. ولا ننفي أيضاً أنهما يُستخدمون كبوسطجية لرسائل لا تستطيع القيادة السعودية إرسالها عن طريق القنوات الدبلوماسية والسياسية المعتادة وكذلك الأمر بالنسبة لمصر، إلا أننا ننفي تماماً وجود أي تأثير حقيقي لهما في الداخل المصري، لأنهما بالفعل لا يمتلكانه. وهنا يجب ذكر فرضية أن لا أحد يقوم بتوجيه عماد وعمرو من الجانبين، وإنما يقوما بتسويق أنفسهما عن طريق الحمقى المفيدين من الجانبين السعودي والمصري والحمقى المفيدين من جانب إعلام الاخوان في لندن.
د. عمرو الديب، رئيس مركز خبراء رياليست – موسكو.