موسكو – (رياليست عربي): دانت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع قوة الردع النووية في حالة تأهب إذ رأت في الخطوة “تصعيداً غير مقبول”.
حول هذا الملف، يقول الدكتور عمرو الديب، مدير مركز خبراء رياليست، أستاذ العلاقات الدولية، في لقاءعلى قناة “فرانس 24“:
في معرض سؤال حول التطور الأخير الذي وصفه الغرب بالخطير جداً، وهو طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تأهب قوات الردع النووية، ما الذي يريده بوتين من ذلك بالتحديد؟
يريد رئيس الاتحاد الروسي فلاديمير بوتين، بطلبه هذا، عدم السماح للعالم بحصار دولته وشعبه، حصاراً اقتصادياً، الغرب يحاول أن يُفهم نفسه، بأنه وضع بوتين والشعب الروسي وروسيا ككل في مستنقع أوكرانيا، الأمر ليس كذلك، رغم أن لأي حرب تداعياتها، فقد بدأت الحرب لكن لا أحد يستطيع نهايتها، لذلك الأمر مختلف تماماً عن وضع الاتحاد السوفيتي وأفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، ومختلف أيضاً عن غزو العراق للكويت في تسعينات القرن الماضي، وأيضاً الأمر مختلف عن كل الحوادث التاريخية السابقة، لأن هناك اليوم ما يُسمّى بالسلاح الاستراتيجي (السلاح النووي)، الذي هو في يد الرئيس فلاديمير بوتين وهو صاحب القرار في ذلك.
الحصار الاقتصادي لم يكن حتى قامت روسيا بغزو أوكرانيا وفق الرؤية الغربية، لبلد ذات سيادة، والآن التلويح باستخدام الردع النووي، أليس ذلك تهديداً للعالم أجمع؟
طبقاً لمنظور القيادة السياسية الروسية، أوكرانيا بلد تم استخدامها على مدار ثماني سنوات كموقع يمكن أن يشكل خطراً على الأمن القومي الروسي، ومصدر تهديدٍ له، فكثيراً ما طالبت روسيا الغرب بأن يجتمعوا، ويحاولوا تنفيذ اتفاقيات مينسك كالتي شاركت فيها دول أوروبية كبرى على رأسها فرنسا وألمانيا.
وفي معرض سؤالٍ آخر عن اتفاقية بودابست العام 1991 والتي اتفقت فيها واشنطن مع موسكو على تقديم ضمانات إلى كييف، حول نزع سلاح الأخيرة النووي، أوكرانيا كانت تمتلك ثالث ترسانة نووية عالمية ورثتها عن الاتحاد السوفيتي، حينها قدمت موسكو ضمانات بحماية كييف، وعدم التعرض لها عسكرياً، مثل الغرب أيضاً، وبموجب ذلك فكك الأوكرانيون الترسانة النووية، أين هي الضمانات التي وقعت عليها روسيا؟
يقول الدكتور الديب، إنه يجب ألا ننسى الاتفاقيات التي تمت بين الاتحاد السوفيتي وبعد ذلك روسيا مع الغرب، بأن لا مجال من الاقتراب من الحدود الروسية عن طريق فتح المجال لدخول أعضاء جدد إلى حلف شمال الأطلسي – الناتو، وهذه الاتفاقيات أيضاً تمت في التسعينيات.
لماذا لم يغزو بوتين بعض دول البلطيق ودول أخرى كانت في فلك الاتحاد السوفيتي سابقاً، واليوم فهي فلك الغرب؟
يقول مدير مركز خبراء رياليست: لقد صبر بوتين كثيراً على الموقف الغربي وصبر على محاولات الاقتراب المستمرة من الحدود الروسية مثل جورجيا في العام 2008، ومنذ العام 2014 أوكرانيا، ودول بحر البلطيق هي دول صغيرة، وحيها كانت روسيا ليست بقوتها كما اليوم، في فترة انضمام تلك الدول إلى حلف الناتو، وعادت روسيا بقوة منذ العام 2008، ومروراً بكل تلك الحوادث التي رأيناها خلال الأعوام الماضية، والآن من مبدأ قوتها تريد روسيا الدفاع عن حقها في حماية حدودها.
هل تحمي روسيا حدودها بالتحركات العسكرية؟
يقول الدكتور الديب، إن التحركات الأمريكية في أفغانستان، فهل أفغانستان دولة خطيرة على الأمن القومي الأمريكي؟ كذلك العراق، أو كسوفو وغيرهم.
بالتالي، وفي خضم هذه التطورات، العالم على المحك الآن، والحل في بداية مفاوضات جادة مع روسيا، ويجب أن يتم اتفاق بين الأطراف جميعاً بشكل أو بآخر، دون أن ننسى أن روسيا كانت تدعم الغرب سابقاً في كل تحركاته وكان بينهما فاهماً دائماً، فيجب اليوم تفعيل المفاوضات الجادة على الأقل لتهدئة هذا الوضع، فالحل لا يكمن بخصار دولة كبرى مثل روسيا اقتصادياً فهي ليس العراق أو إيران، فهذا الحصار لن يمر عندها مرور الكرام، فهي لديها شخصية تاريخية، لا يمكن العبث بكل تاريخها بفرض عقوبات عليها.