موسكو – (رياليست عربي): في فترة 2022-2023، شهد الاقتصاد العالمي تطورات استثنائية مع فرض عقوبات واسعة النطاق على الاقتصاد الروسي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
وتأتي هذه العقوبات في سياق متزايد للعقوبات الاقتصادية التي تستخدمها الدول كأداة سياسية، ما يطرح تحديات كبيرة أمام التجارة الدولية والتنمية الاقتصادية العالمية.
العقوبات: تحول في العلاقات الاقتصادية
في عصر يعتبر العقوبات الاقتصادية سياسةً خارجية وليس سلاحاً استراتيجياً لتطويع الدول، أصبح لدينا مواجهة تصاعدية لقيود التجارة بين الدول الرئيسية على الساحة الدولية، على الرغم من أن هذا النوع من القيود كان معروفاً من قبل، إلا أن اتساع نطاقه وتأثيره العالمي يشكل تحولاً جذرياً في الديناميات الاقتصادية الدولية.
وبالنسبة لتأثير العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي، على الرغم من تحقيق الصدمة القصيرة الأجل، يظل التأثير على المدى المتوسط والطويل قيد التقييم، خاصة وأن تأثير العقوبات يعتمد بشكل كبير على كيفية تفاعل أوروبا وروسيا مع بعضهما كشركاء في المستقبل، ومع أن هناك رأياً يشير إلى أن تخفيف العقوبات قد يتم بانتهاء الصراع الروسي الأوكراني، يبقى الواقع مغايراً، حيث تظل العقوبات جزءاً من مناهج العلاقات الدولية الحديثة.
وحول التحديات الاقتصادية العالمية، وفي سياق تحديات النمو الاقتصادي والتضخم الحاد، تزداد العقوبات تأثيراً على الأعمال التجارية وبنية التعاون الاقتصادي الدولي، على سبيل المثال، فإن قيود الاتحاد الأوروبي قد أعادت تشكيل تجارة الطاقة الدولية بشكل كبير، ومن المتوقع أن تتسبب العقوبات في تقليل التجارة الدولية ونمو الاقتصاد العالمي.
التحديات المستقبلية
مع تواصل العقوبات، يتجه الاتحاد الأوروبي نحو تكثيف التدابير وإن كان بشكل كبير ضد الاتحاد الروسي، مما قد يؤدي إلى تحول في تنظيمات الأسواق وسلاسل التوريد العالمية، الأمر الذي يعيق ذلك عملية التنسيق الداخلي في الاتحاد الأوروبي، مما يجعل تأثير العقوبات أكثر تعقيداً وصرامة.
بالتالي، إن تأثير العقوبات على العلاقات الدولية، في ظل هذا السيناريو، تتحول العقوبات من مجرد وسيلة للضغط السياسي إلى شكل من أشكال المنافسة الدولية على الأسواق والهيمنة الاقتصادية، حيث يظهر ذلك في استخدام ضوابط التصدير والتدابير المستهدفة بين الولايات المتحدة والصين، مما يؤثر بشكل كبير على سلاسل التوريد العالمية.
وبشكل عام هذا الوضع يقود إلى استنتاج مفاده أن العلاقات الاقتصادية الحديثة تتجه نحو مزيد من التحديات والتعقيدات مع زيادة استخدام الدول للعقوبات كأداة في سياستها الخارجية، بالتالي، إن “حمى العقوبات” قد تظل سائدة، وعلى الاتحاد الأوروبي التفكير في توازن بين الضغط السياسي وتجنب التأثيرات السلبية على اقتصادها وعلاقاتها الدولية.