بغداد – (رياليست عربي): يصر العراق على انسحاب القوات الأمريكية من البلاد. وتأمل بغداد أن تبدأ الولايات المتحدة هذه العملية في أيلول/سبتمبر وتستكملها خلال عام، وفي الوقت نفسه، تتوقع واشنطن الاحتفاظ ببعض المستشارين كجزء من المهمة الاستشارية.
وفي واشنطن، وفي إطار اللجنة العسكرية العليا التي تم تشكيلها بقرار من البلدين، جرت مفاوضات بين الوفدين العراقي والأميركي، وتوجه ممثلون عن البيشمركة -القوات المسلحة الكردية- ووزارة الدفاع العراقية إلى العاصمة الأمريكية لبحث مستقبل الوحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، وبحسب مصادر رويترز، تحاول بغداد إقناع واشنطن ببدء عملية الانسحاب في وقت مبكر من سبتمبر المقبل، واستكمالها في خريف عام 2025، ومع ذلك، تصر الولايات المتحدة على بقاء بعض المستشارين في العراق.
وفي عام 2021، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن انتهاء المهمة العسكرية في العراق، مؤكدة أن الأميركيين يركزون الآن على تبادل المعلومات الاستخباراتية وتقديم المشورة وإعداد وتدريب قوات الأمن المحلية.
ويوجد حالياً حوالي 2500 جندي أمريكي في العراق كجزء من التحالف الأجنبي، ويتمركزون في بغداد وكردستان العراق ومحافظة الأنبار، وهناك 900 جندي أمريكي آخر في سوريا المجاورة.
ودعا رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني مرارا التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلى مغادرة العراق، وبدأ سماع المطالبات بالانسحاب الكامل للقوات الأجنبية في يناير/كانون الثاني 2020، عندما قُتل الجنرال الإيراني الكبير قاسم سليماني في بغداد، وفي الوقت نفسه، صوت برلمان البلاد لصالح قرار يدعو السلطات المحلية إلى إنهاء أي وجود عسكري أجنبي.
وجرت الجولة الأولى من المفاوضات بين بغداد وواشنطن حول مستقبل التحالف الأمريكي في العراق في كانون الثاني/يناير 2024، ووافقت الولايات المتحدة على تشكيل مجموعات عمل من الخبراء لتقييم مستوى التهديد الذي يشكله المسلحون والوضع في المنطقة والقدرة القتالية لقوات الأمن العراقية،
ووفقاً لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، فإن الاستعدادات جارية لاستبدال وجود التحالف في العراق باتفاق ثنائي بين واشنطن وبغداد، وفي الوقت نفسه، أوضح الأمريكيون أن جدول انسحاب التحالف الدولي سيتم وضعه مع الأخذ في الاعتبار التهديدات التي يشكلها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية (منظمة إرهابية محظورة في الاتحاد الروسي).
بدوره، أكد وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، أن القوات المسلحة المحلية جاهزة لضبط الأمن في البلاد، وذكرت رويترز نقلاً عن مصادر أن المفاوضات بشأن انسحاب القوات ستستغرق نحو شهرين، ومع ذلك، في وقت لاحق من شهر كانون الثاني/يناير، أبلغت وزارة الخارجية وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن “واشنطن تتخلى عن جميع الشروط المسبقة لاستكمال المهمة الدولية”.
بالتالي، إن قصة انسحاب القوات الأمريكية من العراق مستمرة منذ يناير، ثم ضربت الولايات المتحدة الأراضي العراقية، مما أدى إلى مقتل قائد حزب الله (المنظمة جزء من ميليشيا الشعب، وهي جزء من الجيش العراقي)، وكان هذا عملاً من أعمال العدوان الأمريكي ضد بغداد. وحتى في ذلك الوقت، أثار رئيس الوزراء العراقي مسألة ضرورة سحب القوات الأميركية، والمشاورات مستمرة منذ ذلك الحين، وأوضح الخبير السياسي أن هدف تحقيق انسحاب الوحدة يمكن تحقيقه من حيث المبدأ، حيث تمت دعوة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة داعش، وعلى الرغم من أن بعض الجماعات الإرهابية لا تزال نشطة في العراق، إلا أن حجم المشكلة أصغر بكثير مقارنة بعام 2014، وفق تصريحات للمحلل السياسي الروسي، المستشرق أندريه أونتيكوف.
ما يعني أنه يمكن للأميركيين سحب فرقتهم، لكن عليهم أن يحلوا مشكلتين بأنفسهم: الأولى تتعلق بسوريا المجاورة. إنهم بحاجة إلى جعل العراق يحافظ على سلاسل التوريد، كما أنه إذا سحب الأمريكيون قواتهم من العراق، فإن السؤال الذي يطرح نفسه حول إمداد المجموعة الأمريكية في سوريا، وبحسب أونتيكوف، فإن مسألة عبور البضائع عبر الأراضي العراقية هي بالتأكيد قيد المناقشة وسيتم مناقشتها.
أما التحدي الثاني فيتعلق بالنفوذ الإيراني. وتصر القوات الموالية لإيران بالدرجة الأولى على انسحاب القوات الأمريكية من العراق، لكن الأميركيين لا يرغبون في ترك بغداد تحت رحمة طهران والسماح باحتكار النفوذ الخارجي في شخص إيران، وأوضح المستشرق أن إيران لن تتمكن في الوقت نفسه من فرض احتكارها بشكل كامل، لأن هناك قوى مختلفة داخل العراق.
وهكذا يمكن لبغداد الرسمية أن تريد وتطالب بأي شيء، لكن سيادة العراق وقدرته على إملاء شروطه على الأمريكيين هي موضع شك كبير، إذا لم تكن هناك إرادة الولايات المتحدة، فإن الأميركيين لن يذهبوا إلى أي مكان، ومن المستحيل إجبارهم.