صندوق ثروة سيادية أو الصناديق السيادية هو صندوق مملوك من قبل دولة يتكون من أصول مثل الأراضي، أو أسهم أو سندات أو أجهزة إستثمارية أخرى من الممكن وصف هذه الصناديق بأنها كيانات تدير فوائض مالية لدولة ما من أجل الإستثمار .
الصناديق السيادية ليست ظاهرة جديدة، بل يعود تاريخ بعضها إلى العام 1953 حيث أن أول صندوق سيادي في العالم أنشأته دولة الكويت تحت أسم الهيئة العامة للإستثمار لكنها بدأت تتحرك مؤخراً بصورة كبيرة و استحوذت تلك الصناديق ضمن القطاع المالي وحده على حصص في مؤسسات عملاقة مثل مورجان ستانلي و بير ستيرن و ميريل لينش و سيتى جروب و يو بى إس .
و جدير بالذكر أن الصندوق النرويجى السيادى يتصدر الصناديق السيادية فى العالم متجاوزا تريليون دولار و يوجد عدد أربعة صناديق سيادية خليجية عربية ضمن ترتيب العشر صناديق الأولى فى العالم .
صندوق مصر السيادى
كيف نشأت الفكرة و لماذا و متى ؟
فى العام 2008 إتجهت الحكومة المصرية إلى التخلص من القطاع العام بالبيع إلى مجموعة من رجال الأعمال الفاسدين عوضا عن التفكير فى تطويره و جعله أحد أذرع الدولة الإنتاجية و كان هذا القطاع سندا لمصر لعقود متعدده و كان دوره الكبير إبان حرب أكتوبر عام 1973. و آنذاك تصدر المشهد الدكتور / محمود محى الدين .. بصفته وزيرا للإستثمار .. و هو الآن يشغل منصب نائب رئيس البنك الدولى
و تحمس كثيرا للأمر و طرح فكرة الصكوك للمواطنين فوق 21 عاما و صندوق للأجيال القادمة و كلها كان أفكار تهدف للإلتفاف حول على نص دستورى مصرى و ينص على أن القطاع العام ملك للشعب و تم الطرح للفكرة عبر حوار مجتمعى و تغطية إعلامية مكثفة و ممنهجة بين أصحاب المصالح من المسئولين و بين من يعشقون إمتصاص دماء الشعوب و كانت هذه ستكون أكبر عملية نصب فى تاريخ مصر .
و أنا شخصيا تصديت للأمر برؤية تختلف عن رؤية الدولة و أصحاب الأعمال و تقدمت بفكرة لإنشاء صندوق لإدارة الأصول المملوكة للدولة و وضعت له نظاما لإدارته و نشر ذلك فى جريدة الجمهورية المصرية العدد الأسبوعى بتاريخ 20/02/2009
و أعقبت ذلك بعدد من اللقاءات الإذاعية و التليفزيونية المباشرة و بدأت بعض القوى السياسية الوطنية فى الإنتباه لخطورة الأمر بما فى ذلك قيادات الحزب الوطنى الحاكم و تم رفض ما تقدم به الوزير و بدأ تبنى ما تقدمت به و للأمانة التاريخية عندما وصل الأمر للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك قال نصا للوزير محمود محى الدين أنا لا أريد المضى قدما فى أمر به عدم دستورية نهائيا و توقف العبث بالأمر و فى نوفمبر 2010 صدر قرار مجلس الوزراء بإنشاء جهاز لإدارة الأصول المملوكة للدولة كما إقترحت سابقا .
ثم بعد ذلك بدأت أحداث 2011 و دخول مصر فى مرحلة فوضى لعده سنوات توقف فيها تنفيذ الفكرة إلى أن عادت الدولة المصرية للإستقرار مرة أخرى و بحثت الدولة فى دولاب عمل الدولة و مشروعاته و أفكاره و أخرجت الفكرة مرة أخرى و لكن تحت مسمى صندوق مصر السيادى فى 2019 برأس مال مصدر 200 مليار جنيه و رأس مال مدفوع 5 مليار جنيه و تم حصر كل الأصول و الموجودات التى تملكها الدولة المصرية فى كافه ربوع مصر و تم ضمها للصندوق السيادى و جزء من هذه الأصول له صفة آثرية و تاريخية على سبيل المثال لا الحصر: مبنى البرلمان و وزارة التربية و التعليم و وزارة الإنتاج الحربى .
و بالطبع تم تشكيل إدارة للصندوق السيادى ترأسه و زيرة التخطيط ثم يليها مدير تنفيذى و إدارة لها خبرة فى المجال المالى و المصرفى .
و قد جاء على لسان السيد الرئيس / عبدالفتاح السيسى، أن الأصول التى يستحوذ عليها الصندوق ستتجاوز عده تريليونات . و فيما يلي بعض نقاط هامة واقعية و مأمولة خاصة بهذا الصندوق:
* بالعودة لآليه عمل الصندوق السيادى المصرى و إدارته فالمؤكد أن لديه المرونة فى التشارك و التخارج و إعادة الطرح و التقييم للمشروعات و إنشاء مشروعات جديدة.
* دائما مايكون إستثمار الفوائض المالية السائلة أكثر يسرا و سهولة و يحقق نموا متزايدا لكن فى الحالة المصرية سيكون الأمر صعبا فعليا لأن الموجودات التى يستحوذ عليها الصندوق أصول ثابتة و بالتالى يتوجب وجود إدارة محترفة لتعظيم قيمة الأصول و إنشاء بروتوكولات تنفيذية مع صناديق أخرى لديها فوائض مالية و أجنحة إستثمارية .
* و بالفعل بدأ التحرك بعقد بروتوكولات بين الصندوق و وزارة قطاع الأعمال العام و التى أرى أنه لم يعد هناك حاجة لوجدها بل تذهب كل مصانعها الإنتاجية تحت سيطرة الصندوق السيادى .
* توقيع بروتوكول بين الصندوق السيادى و بنك الإستثمار القومى لايحمل فى طياته تحقيق نتائج جيدة لأن بنك الإستثمار القومى يعانى عثرات و سوء إدارة منذ عقود و لكن الصواب أن يستحوذ الصندوق السيادى على أحد البنوك التجارية العاملة داخل السوق المصرى و المملوكة للدولة أو للبنك المركزي المصرى نسبة إستحواذ تسمح له بالتنازل هكذا تكون خطوة تتفق مع مرونة الإستثمار بأن يكون للصندوق وعاء مصرفى خاص كخطوة متقدمة و ليس بإتخاذ خطوة عرجاء .
* كما تجدر الإشارة هنا إلى أن التحرك الرئاسى السريع بإتجاه خلق إتفاق بين شركة أبوظبى القابضة و الصندوق السيادى المصرى بإنشاء منصة إستثمارية مناصفة بين الجانبين بقيمة 20 مليار دولار تعتبر إنطلاقة قوية جدا للصندوق الذى سيبدأ عملة الفعلى مع بداية العام 2020 .
* أما ماورد ذكره على لسان بعض نواب البرلمان بأن الصندوق السيادى سيدفع جزء من أرباحه للحكومة فهذا إن صح قولا فهو فاشل فعليا لأن مهمة الصندوق السيادى التنمية فى مشروعات إستراتيجية إستثمارية تتوافق مع المخطط التنموى للدولة .
* أيضا من التصريحات اللافتة هى أن الصندوق السيادى المصرى سيتجاوز حاجز التريليون جنيه بعد ثلاث سنوات و هذا يعنى أنه سيتجاوز 50 مليار يورو و هذا إن تحقق كمستهدف سيكون جيدا لكن أعتقد أنه يمكن تجاوز هذا الرقم بمراحل أو مضاعفته حال وجود وحده جذب إستثمارات خارجية .
* كما أرى ضرورة إنشاء وحدة للرصد و الإنذار المبكر و إدارة الأزمات داخل الصندوق السيادى .